سوق «البوظ» ينشط في ظل غياب الكهرباء
طارق أبو زياد – ريف حلب
يعاني سكان الشمال السوري من مشكلة تبريد الطعام والشراب بسبب ندرة الكهرباء وغلاء المحروقات لتشغيل المولدات، في فصل الصيف الحار وخصوصًا في شهر رمضان، ما دعا الأهالي إلى إيجاد حلٍ بديلٍ ودائمٍ عن طريق صناعة الألواح الثلجية، التي تشهد إقبالًا كبيرًا في الأسواق.
أبو عبد الرحمن، مالك لأحد معامل صنع قوالب البوظ (الثلج) في قرية زهرة المدائن بريف حلب الغربي، تحدث لعنب بلدي عن طريقة تصنيع الألواح والمواد المستخدمة في ذلك، إذ يوضع قرابة 300 قالب معبّأ بالماء والملح ومواد أخرى في حوض كبير مصنع من الصفيح المعدني مملوء بماء ومانع للتجمد.
ثم يصعق الماء في الحوض الكبير بالكهرباء لمدة 4 أو 5 ساعات حسب حرارة الجو، ما يؤدي إلى تجمد الماء داخل القوالب؛ بعد ذلك، تحفظ على برودتها في مبردات كبيرة تعمل على الكهرباء وتباع للمندوبين.
وفي السياق يقول أبو عبد الملك الحموي، أحد سكان ريف المهندسين ومالك لأحد المطاعم فيها، إنه يعتمد بشكل كامل على الألواح للتبريد، فهو يستهلك يوميًا قرابة 5 ألواح يضعها في البرادات للحفاظ على برودتها أكبر وقت ممكن، مضيفًا أن أسعار الألواح تزداد بشكل كبير «كنا نشتري اللوح بـ 200 ليرة سورية، أما الآن فوصل ثمنه إلى 800 ليرة بسبب ارتفاع سعر المازوت وازدياد الطلب على الألواح؛ إنه مبلغ كبير بالنسبة لحركة الأسواق هذه الأيام».
حاكم، من أهالي قرية أورم الكبرى ومقاتلٌ في إحدى فصائل المعارضة، ينقل تجربته لعنب بلدي، حيث أصبحت الألواح شيئًا أساسيًا في حياته «أشتري لوحًا واحدًا يوميًا، نصفه لتبريد مياه الشرب والنصف الآخر أضعه في البراد للحفاظ على الطعام من التلف».
«يجب على المنظمات المدنية والإغاثية استثمار هذه الأمور التي أصبحت من أساسيات الحياة مثل الخبز تمامًا»، يقول حاكم مصرًا على ضرورة افتتاح معامل وانتداب موزعين في كافة المدن وبأسعار موحدة «لأننا نتعرض أحيانًا للغبن في شراء الألواح ويتم احتكارها من بعض البائعين».
من جهته يوضح أبو المجد، صاحب محل لبيع اللحوم في مدينة الأتارب، أن ألواح الثلج ليست وليدة اليوم «نحن نستخدمها من قبل الثورة وكان استخدامها الأساسي لتبريد اللحوم وحفظها أثناء التصدير والشحن لأنها تفسد فور تعرضها للحرارة؛ أما الآن فأصبحت مستخدمة لدى الجميع لانقطاعهم عن وسائل التبريد، خصوصًا في شهر رمضان وحاجتهم للسوائل الباردة على مائدة الإفطار».
لكن الألواح غير صحيةٍ لإضافة مواد كيميائية إلى الماء كي يتجمد بشكل أسرع، وفق أبو الفضل، أحد سكان قرية بشقاتين ويعمل ببيع المحروقات، مشيرًا إلى أنه اشترى العام الماضي لوحًا وبعد ذوبانه وجد بداخله أوساخًا وترابًا، «الثلج يستخدم لتبريد الطعام ربما، لكن لا أنصح به لمياه الشرب».
لا يأبه السكان هنا لأنباء غير مؤكدة عن ضرر ألواح الثلج، ويعمل أكثر من 10 معامل في ريف حلب الغربي على إنتاجها، على اعتبارها الحلّ الأمثل للحصول على الماء البارد والمحافظة على الطعام، بعيدًا عن الكهرباء لتشغيل البرادات التي أصبحت حلمًا في ظل ارتفاع أسعار المحروقات. حيث تعدى سعر ليتر المازوت 250 ليرة سورية، في حين مازالت معامل أخرى قيد الإنشاء لأن الطلب في السوق أكبر من الإنتاج.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :