عنب بلدي – نور التقي
ثورة تكنولوجية وأتمتة لجميع نواحي الحياة، مصباح علاء الدين الذي سينهي أزمة الغاز المنزلي، فلا وقوف على طوابير الانتظار بعد اليوم، وما على المواطن الحامل لـ”البطاقة الذكية” إلا أن ينتظر الرسالة التي ستصله على هاتفه المحمول، بموعد التسليم ومكان الموزع المعتمد.
منذ إعلان وزارة النفط في حكومة النظام عن الآلية الجديدة لتوزيع الغاز المنزلي عبر رسائل “SMS”، في 1 من شباط الحالي، سارع المواطنون لاتباع الخطوات اللازمة، ابتداء من التأكد من أرقام هواتفهم المسجلة في “البطاقة الذكية”، والتأكد من الموزع المعتمد عبر تطبيق “Way-in”، وانتهاء بترقب وصول الرسالة عن طريق شركة “تكامل”، التي تتولى مشروع أتمتة توزيع المشتقات النفطية والخدمات الأخرى.
ولكن كما جاء في الإعلان، على المواطن المسارعة إلى تسلُّم حصته من الغاز خلال 72 ساعة (خُفضت لاحقًا لـ48 ساعة ثم إلى 24 ساعة) من وقت تسلُّم الرسالة، وفي حال عدم قدومه خلال الفترة المحددة، ستعود أسطوانة الغاز ملكًا للدولة، لتُعيد توزيعها إلى مواطن آخر.
“بيوصي عليها الأب بياخدها الولد”
لم يمضِ أسبوع واحد على إعلان الآلية الجديدة، حتى بدأت شكاوى المواطنين تتوالى لعدم وصول أي رسائل للمسجلين على الغاز منذ مدة، وتنوعت القصص والتجارب بحسب ما رصدته عنب بلدي على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى صفحة شركة “تكامل” على “فيس بوك”.
أحدهم يعلق مشتكيًا من عدم قدرة استيعاب الموزع المعتمد الذي يستطيع تأمين 100 جرة غاز تأتيه كل 20 يومًا من مصفاة حمص، فكيف له تأمين الغاز لـ1800 “بطاقة ذكية” تتبع لنفس الموزع، فهل عليه انتظار سنة ونصف؟ والدولة وعدت المواطنين بأن كل عائلة ستحصل على جرة غاز كل 23 يومًا؟ بينما يتزايد الرقم عند موزعين آخرين ليصل إلى نحو 3500 بطاقة على الدور في منطقة الميدان بدمشق.
الكثير من الشكاوى الأخرى تدور حول عدم وصول أي رسائل، ولا مواعيد تظهر في الأفق، وشركة “تكامل” ترد في منشور لها، بأنها شركة معلومات رقمية عليها فقط أتمتة العملية، ولا تملك مسؤولية تجاه عدم توفر المادة عند الموزعين، وتؤكد أن التوزيع سيتم حسب الأقدمية في التسجيل عند الموزع، وعدد الرسائل مرتبط فقط بعدد الأسطوانات المتوفرة.
وفي حديث لعنب بلدي، تقول مواطنة تقطن في منطقة المليحة بريف دمشق (تحفظت على نشر اسمها لأسباب أمنية)، “وصلت سيارة غاز قبل يومين، ووقفت في منطقة كفر بطنا بريف دمشق، ورفضت إعطاء المواطنين الغاز لعدم حصولهم على رسائل على الرغم من كونه الموزع المعتمد لأهالي المنطقة، وتناقل السكان أخبارًا عن عدم توفر مادة الغاز حتى حزيران المقبل”.
وعن الحلول البديلة تقول إن “الكثير من المواطنين يتجهون للشراء بشكل حر من الموزعين أو من الغاز المهرب من لبنان بـ17 ألف ليرة سورية، بينما سعر الأسطوانة النظامي عند الدولة ستة آلاف ليرة”.
وبينما تعترف وزارة النفط على مضض بأزمة الغاز، ترجعها إلى “أسباب أكبر منها”، كالعقوبات وما يترتب عليها من صعوبة توريد الكميات المتعاقد عليها من المشتقات النفطية، وفق ما نقلته صحيفة “الثورة” التابعة للنظام، في 11 من شباط الحالي.
أما شركة “محروقات”، المسؤولة عن توزيع المحروقات في مناطق سيطرة النظام السوري، فتبرأت منذ كانون الثاني الماضي من الأزمة، وقالت، وفق صحيفة “الوطن” المحلية، إن الغاز والمازوت متوفران في السوق السوداء، بسبب قيام أصحاب صهاريج التوزيع بسرقة كمية من مخصصات العائلات، في أثناء التوزيع من خلال التلاعب بالعداد.
الغاز المنزلي في “رحلة سياحية” عبر المحافظات
إلى جانب مشاكل التأخير في وصول دور الغاز المحدد، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لرسائل وصلت بعد طول انتظار للمواطنين بضرورة تسلُّم أسطوانة الغاز من الموزع المعتمد خلال 24 ساعة، ليتفاجأ المستخدم أن موقع موزع الغاز في محافظة أخرى.
أحد المستخدمين يعلق على صفحة “تكامل” بأنه سُعد جدًا بوصول الرسالة لتسلُّم الغاز من محافظة حلب ولكنه للأسف يقطن في اللاذقية، وآخر يجب عليه التسلُّم من الكسوة في ريف دمشق وهو يسكن في حمص، وآخر يؤكد أنه لم يغير موزعه المعتمد “جاره” منذ زمن، ولكن وردته رسالة توجب عليه التسلُّم من بانياس، أي عليه دفع أجرة سيارة ما يقارب عشرة آلاف ليرة للحصول على الأسطوانة.
وتبرر الشركة ذلك، بربط البطاقة بآخر معتمد تم الشراء منه، وتقول إن المواطنين بإمكانهم تغيير الموزع المعتمد، ولكن سيخسرون الدور ويدخلون دوامة الانتظار من جديد.
ورغم ذلك، لا يدور المواطن السوري وحده في دوامة الحصول على جرة الغاز، بل يشعر أعضاء مجلس الشعب بمعاناته أيضًا، وساءلوا لأجله وزير النفط والثروة المعدنية، الذي أقنعهم بدوره أن كل ما يجري يصب في مصلحة السوريين، ووعدهم بزيادة مخصصات ذوي قتلى ومصابي قوات النظام، على حساب من تبقى من المواطنين.