على تركيا فتح حدودها لمن يريد النجاة بحياته

  • 2020/02/16
  • 12:00 ص
منصور العمري

منصور العمري

منصور العمري

تجاوزت أعداد الفارين (المهجرين قسرًا) من قصف الأسد وروسيا في مناطق إدلب وحلب المليون خلال شهرين. يزداد عدد المهجرين كل يوم مع استمرار القصف وتوغل قوات النظام السوري و”حزب الله” وإيران.

لماذا يهرب السوريون

ينزح السوريون من بيوتهم ومناطقهم لعدة أسباب أهمها:

– خشية الموت بقصف طائرات الأسد وروسيا، اللذين يستخدمان الأسلحة المحرمة دوليًا والعشوائية كالبراميل وغيرها، والتي غالبًا تستهدف المدنيين والأعيان المدنية كالأسواق والأفران والمشافي والمدارس وغيرها.

– ينظر كثير من السوريين في هذه المنطقة إلى أن استعادة النظام السيطرة عليها تعني تعرضهم لحملات “التطهير” التي أطلقها الأسد في المناطق التي استعاد السيطرة عليها، والتي تشمل الاغتيالات والاعتقال الذي غالبًا ما ينتهي بالقتل تحت التعذيب والإخفاء القسري والانتهاكات الجنسية.

– لعدم توفر الخدمات الضرورية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، كالمشافي التي استهدفها الأسد والروس بشكل متعمد ومنهجي.

– لعدم توفر مؤسسات تعليمية مناسبة، وهي أيضًا استهدفها الأسد بقصفه للمدارس والمنشآت التعليمية.

هذه المخاوف التي تؤرق الناس كفيلة بشرعنة هجرتهم واعتبارها الملاذ الأخير للحفاظ على أرواح الناس والأطفال والنساء، ولا يجب أن نطلب منهم التعرض لكل هذه الجرائم كي يبقوا في سوريا. لا يمكن أن تطلب من أي إنسان أن يضحي بنفسه وعائلته وبناته وأبنائه كي يبقى فيما قد يطلق عليه البعض وطنًا. عندما يتحول الوطن إلى مقبرة جماعية يصبح الرحيل عنه نجاة.

إغلاق الحدود التركية لمنع الناس من الهرب من الموت والتنكيل، يحيل المنطقة التي يحرقها الأسد إلى سجن كبير، ينتظر ساكنوه مصيرهم المحتوم على يد دولة الأسد.

هناك خياران إنسانيان لا ثالث لهما:

إما قطع يد الأسد والروس عن هذه المنطقة، وحماية سكانها، ومنحها حكمًا ذاتيًا كما يرغب أهلها، وإخضاعهم لحماية دولية أو تركية حقيقية، اعتمادًا على حق تقرير المصير وحماية للحق في الحياة.

أو فتح الحدود للناس كي ينجوا بأرواحهم وكرامتهم. أبطأ التدخل التركي وقوافل سلاحه توغل الأسد وتوحشه، لكنه لم يوقفه. لا نعرف إن كانت القوات التركية ستبقى في المنطقة وإلى متى، لكن الاحتمالات المرعبة قائمة، فالأسد وكما يصرح دومًا لن يتوقف حتى “يحرر” كل متر من سوريا، ويبدو أنه يتقدم بدعم طائرات الروس ومشاة “حزب الله” وإيران.

تترافق هذه الاحتمالات بوجود الورقة الكردية بيد النظام السوري، التي تعتبر من أهم مصادر الضغط على تركيا، والتي قد تفتح المجال أمام النظام وتركيا لعقد صفقات ما قد تكون على حساب السوريين. كما أن لجنة الأمم المتحدة الدستورية تشكل أحد أكبر الأخطار على السوريين، لأنها ستشرعن إبادتهم على يد الأسد، والإبادة هنا ليست القتل وحسب، بل هي الاستهداف والتنكيل بمجموعة ذات انتماء سياسي، وهو ما دأب الأسد على فعله في المناطق التي استعاد السيطرة عليها.

لتكتمل الجريمة يجب أن تتوفر فيها أركان وعناصر محددة.

إن كانت الجريمة أخلاقية فالمجتمع الدولي بأسره شريك فيها، أما من الناحية القانونية فمنع من تبقى من السوريين خارج سيطرة نظام الأسد، من الهرب من الموت المؤكد بالقصف أو الاعتقال والتعذيب فيما بعد، يعتبر مشاركة في الجريمة. لذلك، إغلاق الحدود أمام من يريد النجاة بحياته يشكل عنصرًا جرميًا، تمامًا مثل حاجز الفصل العنصري البحري الذي تقيمه اليونان.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي