د. أكرم خولاني
تحدثنا في الأعداد الماضية عن أهم التظاهرات الطبيعية التي يمكن أن تلاحظ على الوليد ويظنها الناس مرضًا، وسنستعرض في هذا العدد كيفية رعاية الطفل حديث الولادة، إذ إن الكثير من الأمهات تجدها تائهة متخوفة لا تعرف كيف تتعامل مع هذا المولود خشية إيذائه بدون قصد.
كيف تكون العناية بالوليد منذ لحظة الولادة؟
يتم تنظيف جسم الوليد من الدم والمخاط والسائل الأمينيوسي بقطعة مبللة بماء نقي أو باستخدام الصابون أو الزيت، ويجب ألا ينظف الجلد كليًا بعد الولادة، وذلك للمحافظة على المادة البيضاء الدهنية اللزجة التي تغطي الجسم، لأنها تحافظ علي درجة حرارة الجسم وتغذيه وتحميه من الإنتانات الجلدية، ثم ينشف بمنشفة ناعمة، وبعد ربط السرة يعطى لقاح التهاب الكبد (ب) ثم يلبس ثيابه ويلف ببطانية لتدفئته.
ما هي الطريقة الصحيحة للف الوليد بالقماط؟
كثيرًا ما يلف الأهل وليدهم بالقماط؛ وهو عبارة عن قطعة قماش بيضاء قطنية ناعمة يبلغ طولها نحو المتر تقريبًا، توضع تحت الطفل، ثم توضع يداه إلى جانبيه ويلف حول جسمه وساقاه ممدودتان ومتلاصقتان، ثم يربط بخيط سميك لكي يحافظ على ثبات الطفل ويمنع حركته أو انفكاكه بسهولة.
وهناك اعتقاد خاطئ بأن لف الطفل بهذا الشكل يحميه من أي أذى قد يصيبه أثناء حمله ووضعه، كما يقال بأنه يقوي عضلات اليدين والرجلين، ويقلل من تقوس الساقين، ويحمي وجه الطفل وعينيه من الخدوش التي يمكن أن تسببها أظفاره الحادة.
لكن في الحقيقة لف الطفل بهذا الشكل يسبب له العديد من الأضرار وليس الفوائد؛ فهو يعيق حركته ويبطئ نموه الجسدي واستجابته وتفاعله مع محيطه الخارجي ، بالإضافة إلى أنه يعيق تنفسه الطبيعي، إذ دائمًا ما يعيق حركه قفصه الصدري وحجابه الحاجز، وقد تقود هذه الوضعية إلى نمو مفصل الورك بشكل شاذ مسببًا خلوعًا وآلامًا، كما يعيق طرح الفضلات من جسم الطفل، ويلاحظ ذلك حالما تقوم الأم بفك قماطه، إذ يبدأ الطفل بطرح فضلاته، كذلك يتسبب البول في الحالات التي يبقى الطفل فيها مدة طويلة وقماطه مبلل بتآكل جلده وسلخه والتهابه بسبب الرطوبة والاحتكاك.
فالتقميط الصحي يكون بتجنب لف الساقين وهما ممدودتان للأسفل، بل تُلف فيه البطانية أو القماط بشكل غير محكم حول ورك وساقي الطفل سامحة لهما ولمفاصل الركبتين والوركين بالحركة، والذي يؤمن الراحة والأمان لحديث الولادة دون التعرّض لخطر خلع مفصل الورك. وبالنسبة لتقوس الساقين الذي يخشاه الأهل فإنه سيزول مع مرور الوقت، ومن ناحية كونه يخاف أن يؤذي نفسه بأظفاره فمن الممكن أن يقص له أظفاره مرتين في الأسبوع أو يلبس كفوفًا قطنية وبذلك يتم التغلب على هذه المشكلة.
متى يجب أن تبدأ الأم بإرضاع وليدها وما هي الطرق الصحيحة؟
يجب البدء بإرضاع الطفل من ثدي أمه بعد الولادة مباشرة، ولكن إذا كانت الأم مجهدة بسبب الولادة فيجب أن ترتاح عدة ساعات إلى أن تستعيد قواها ثم تحاول إرضاعه في أقرب فرصة ممكنة، إذ إن عملية المص تحرض إفراز الهرمونات المسؤولة عن إدرار الحليب. وتتكون الرضعات الأولى من مادة اللبأ (الصمغة) وهي مادة مفيدة جدًا للوليد وتقوي مناعته.
متى يجب أن يتبول الوليد ويتبرز؟
يبول الوليد عادة أثناء عملية الولادة أو بعدها مباشرة، وقد يتأخر ليوم أو اثنين، ولكن إذا مرت 48 ساعة على الولادة ولم يحدث تبول رغم إعطاء السوائل بشكل كاف فيجب استشارة الطبيب. وقد يصاحب البول ظهور بقع حمراء على الحفاض، وهي ظاهرة طبيعية تزول تلقائيًا خلال فترة قصيرة خاصة عند إعطاء الوليد سوائل بكميات كافية.
أما التبرز فيجب أن يحدث خلال 48 ساعة من الولادة، ويكون على شكل مادة لزجة خضراء مسودة (تزفيت)، ويزول هذا اللون القاتم في نهاية الأسبوع الأول من العمر، ويتراوح عدد مرات التبرز بين 4-5 مرات يوميًا، وعادة ما يكون التبرز مرتبطًا بتناول الوليد للرضعة.
وعند تبديل الحفاض يجب غسل مكان البول والبراز بالماء الدافئ، ثم ينشف جيدًا ويدهن كريم أو زيت لتخفيف تهيج الجلد. ويجب أن تكون حفاضة الطفل واسعة حتى لا تسبب التهابات.
كيف يكون الاعتناء بالسرة؟
تؤخذ قطعة شاش معقمة بالكحول أو المطهرات وتوضع على الحبل السري وحوله لمنع التلوث، ورغم أن المسألة بسيطة إلا أن كثيرًا من الأمهات يخشين الاقتراب من منطقة السرة، ويفضل تنظيف السرة ثلاث مرات يوميًا إلى أن تسقط من تلقاء نفسها بعمر 5-10 أيام، ويجب غسل الأيدي عند كل تغيير.
ويجب ملاحظة علامات الالتهاب (احمرار، تغير لون الحبل السري، حدوث ورم فيه، حدوث نز لسائل كريه الرائحة) ومراجعة الطبيب في حال وجودها، إلا أن نز سائل شفاف أو خروج قليل من الدم أو وجود بعض الاحمرار هو أمر طبيعي لا يسبب القلق وسرعان ما يزول.
ونؤكد على عدم استخدام الملح أو الكحل على سرة المولود لأن هذه المواد قد تكون ملوثة وقد تنقل جراثيم الكزاز.
متى يجرى الحمام الأول للوليد؟
يفضل عدم إجراء الحمام للطفل في اليومين الأولين بعد الولادة للحفاظ على الطلاء الدهني الذي يغطي الجلد، وبعمر 2-3 أيام يجرى الحمام الأول باستخدام إسفنجة أو منشفة ناعمة، ويتم مسح جسم الوليد بالماء والصابون مع الانتباه إلى عدم وصول الماء والصابون إلى منطقة السرة.
بعد سقوط الحبل السري يحمم الطفل بالماء والصابون في حوض صغير عن طريق شخصين معًا، ويفضل أن يكون الحمام قبل الإرضاع تجنبًا لحدوث الإقياء. كما يستحسن عدم غسل وجه الطفل بالماء والصابون قبل عمر ثلاثة أشهر، وإنما تمسح العيون والأذنين بقطعة قماش قطنية مبللة بالماء الدافئ.
كيف تتم العناية بعيون الوليد وأنفه؟
قد تبقى العيون مغلقة معظم الوقت في الأيام الأولى بعد الولادة، فلا يجب محاولة فتحها بالقوة، وقد يلاحظ خروج سائل لزج منها وعندها يجب مراجعة الطبيب، وعند الاستحمام يتم مسح العينين بقطعة قطن مبللة بالماء الدافئ.
وبالنسبة للأنف فيجب أن تبقى فتحاته نظيفة، ويتم ذلك باستخدام قطرة السيروم الفيزيولوجي المتكرر وتنظيف الفتحات الأنفية بالقطنة.
ما العمر المفضل لختان المولود الذكور؟
يجرى الختان خلال الأسبوع الأول أو بعد الأسبوع الرابع من العمر، ويفضل عدم الانتظار إلى ما بعد عمر 3 شهور لأن ذلك يترافق بآلام شديدة وبالتالي يحتاج للتخدير.