لويس جان كالفي – ترجمة د. حسن حمزة
يعتبر لويس جان كالفي أن العالم منذ ولادته كان متعدد اللغات والألسن، وعليه يبني أن ما يسميه «حرب اللغات» محفورة في فجر التاريخ البشري، فحرب اللغات هي حرب حقيقية، تكون باردة مرة، وساخنة مرات، وإدراك أن تعدد اللغات هو أصيل مع بدء البشرية، وأنه ما من لغة أصلية واحدة سيخفف من حدة هذه الحروب.
وقع الكاتب في مشكلة مقارنة النص المسيحي بالنص القرآني فيما يخص اللغات، فاعتبر أن القرآن فضل اللغة العربية واعتبرها لغة أهل الجنة ولغة الملائكة وغيره، والحقيقة أن النص القرآني يؤكد حقيقة التعدد اللغوي كذلك ولا يعطي أفضلية للغة على أخرى.
يجهد الكاتب في نفي أسطورة الأصل الواحد وأسطورة التفوق، وهي الأساطير التي أسست عليها «وما تزال» سياسات لغوية عنصرية، كما اعتبر لفترات طويلة أن التعدد اللغوي هو ضرب لهوية الدولة.
ولذلك فإن الكاتب، عبر استعراضه لعشرات الأمثلة حول العالم، يبين هذا الوهم الشائع من تطابق الحدود اللغوية مع حدود الوطن، ويبين أنه يكاد لا يوجد بلد أحادي اللغة، ولا تكاد توجد لغة على العكس من ذلك محصورة في بلد واحد.
يمضي الباحث بكتابه مستعرضًا السياسات اللغوية في عدد كبير من البلدان حول العالم، كما يتحدث عن الأسباب السياسية والاقتصادية والدينية والعسكرية الكامنة خلف انتشار لغة من اللغات دون غيرها، مستشهدًا بذلك مثال أمريكا الجنوبية وتبنيها للإسبانية.
ويبين أيضًا أن كل ظاهرة من الظواهر اللغوية المدروسة في التخطيط اللغوي وفي السياسة اللغوية وجه من وجوه الحرب، ومحاولة من السلطة القائمة لقهر الجماعة اللغوية المناوئة لها، بهذا المعنى لا تكون السياسة اللغوية إلا وجهًا من وجوه القهر والصراع على السلطة، سواء أكان هذا الوجه ظاهرًا أم خفيًا أم بين بين.
تعد اللغة من أبرز مكونات الهوية، وفي كثير من الحالات هي مقدمة على الدين، والمسألة اللغوية في سوريا تعتبر من القضايا المرتبطة مباشرة بالقضية الكردية، حيث خضع الأكراد لسياسة اللغة الوحدة التي طبقها البعث عليهم، وبالمقابل نرى أن السلطات الكردية الجديدة بحكم الأمر الواقع في سوريا تتجه لتبني بعض السياسات المشابهة، ولذلك فإن الاطلاع على تجارب الآخرين وميزاتها ومشكلاتها سيكون مفيدًا لتجاوز مشكلات الواقع السوري.