شارفت تركيا على إنهاء استعداداتها لبدء معركة ضد قوات النظام السوري المستمر في قضمه مناطق من محافظتي إدلب وحلب، حيث أعطى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، النظام مهلة حتى نهاية شباط الحالي، للانسحاب إلى حدود اتفاق “سوتشي” المتعلق بخفض التصعيد في إدلب.
وتواجه تركيا حاليًا رفضًا روسيًا للتهديدات التي تطلقها أنقرة تجاه النظام السوري، الحليف الأساسي لموسكو في سوريا، إذ تعتبر روسيا أن أنقرة هي من أخلّت باتفاقية “سوتشي”، الذي وقعه أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 17 من أيلول 2018.
وليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها تركيا رفضًا معلنًا أو غير معلن من الدول الفاعلة في سوريا، في أثناء عزم أنقرة شن عملية عسكرية داخل الأراضي السورية.
درع الفرات.. رفض روسي دعم أمريكي
في 24 من آب 2016، بدأت تركيا عملية عسكرية بهدف طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من حدودها، واستهدفت العملية أولًا مدينة جرابلس الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات، بريف حلب الشمالي.
ومن جهة أخرى هدفت عملية السيطرة على جرابلس إلى منع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تشكل “وحدات حماية الشعب” (الكردية) عمودها الفقري من الاستيلاء عليها وضمها لمدينة منبج (36 كيلومترًا جنوب جرابلس) التي نجحت في انتزاعها من أيدي تنظيم “الدولة”.
وانتهت العملية العسكرية في 29 من آذار 2017، بعد أن استطاع الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري”، السيطرة على جرابلس مرورًا بمناطق وبلدات مثل الراعي ودابق واعزاز ومارع، وانتهاءً بمدينة الباب التي كانت معقلًا للتنظيم في المنطقة.
وخلال سير عمليات معركة “درع الفرات” برز رفض روسي لها، مستندًا إلى موقف حليفه النظام السوري.
وأعربت وزارة الخارجية الروسية حينها عن “قلقها البالغ” من توغل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة في عمق الأراضي السورية.
ولفتت الوزارة إلى أن هذه العمليات العسكرية تجري بلا تنسيق مع “السلطات السورية الشرعية”، ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية السورية عملية “درع الفرات”، واعتبرتها “خرقًا سافرًا لسيادتها”.
وقال بيان للخارجية السورية حينها “تصر دمشق على أن محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش السوري”.
في حين أيدت أمريكا وألمانيا العملية، وعبر نائب الرئيس الأمريكي، حينها، جو بايدن، عن دعم واشنطن لتركيا لأنها حليفة لها بالكامل.
غصن الزيتون.. رفض الناتو
في هذه المعركة واجهت تركيا انتقادات من دول شريكة لها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي 20 من كانون الثاني 2018، بدأت القوات التركية و”الجيش الوطني السوري” عملية عسكرية في منطقة عفرين السورية، حملت اسم “غصن الزيتون”، وهدفت إلى إبعاد “الوحدات” الكردية من المنطقة.
وخلال هذه العملية سيطر الجيش التركي على مدينة عفرين وضواحيها كـ شيران راجو وجندريس وغيرها من القرى والبلدات.
وطالبت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وهولندا أنقرة بضبط النفس، في حين قالت الممثلة العليا للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، إنه ينبغي تجنيب المدنيين أضرار العملية العسكرية في منطقة عفرين.
وإلى جانب مواقف هذه الدول، بقي النظام السوري ومن خلفه روسيا متمسكًا بمبدأ السيادة على الأراضي السورية، مطالبًا بضرورة التنسيق معه في حال أرد أي طرف الدخول إلى سوريا.
نبع السلام.. تفاهم أمريكي روسي برفض أوروبي
في 9 من تشرين الأول 2019، أعلن الرئيس التركي إطلاق عملية “نبع السلام” بالتعاون مع “الجيش الوطني السوري”.
واستهدفت العملية نقاط وجود “وحدات حماية السعب” (الكردية) في منطقة شرق نهر الفرات شمال شرقي سوريا، وتمكن الجيشان التركي و”الوطني السوري” خلالها من السيطرة على مدينة تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة بالإضافة للمناطق الممتدة بينهما.
وعلى الرغم من وجود شبه اتفاق روسي- تركي من جهة، وأمريكي- تركي من جهة أخرى، على حق أنقرة بتنفيذ العملية انطلاقًا من الدفاع عن أمنها القومي، عبر إنهاء حلم “الوحدات” بإقامة كيان كردي على حدودها، وفق التصريحات التركية الرسمية، إلا أن دولًا أوربية رفضت العملية وصعدت من تصريحاتها تجاه أنقرة.
وترجمت أبرز مواقف الدول الأوروبية الرافضة لـ”نبع السلام”، هي إعلان كل من فرنسا وألمانيا تعليق بيع الأسلحة لتركيا.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تعرض لانتقادات بسبب تصريح له اُعتبر من قبل منتقديه أنه ضوء أخضر لتركيا لتدخل منطقة شرق الفرات.
وقال ترامب 9 من تشرين الأول 2019، إنهم “يدافعون عن أراضيهم فقط” في إشارة إلى “الوحدات”.
وأضاف “لقد أنفقنا مبالغ طائلة من الأموال في مساعدة الكرد بالذخائر، الأسلحة والتمويل، والنفقات. بما أننا قلنا هذا، نحن معجبون بالكرد (…) أجل إنهم يحاربون ولكن من أجل أراضيهم”.