لأن الرسم على الجدران المهدمة جراء القصف يحاكي هموم الناس ويلامس أفئدتهم ويعبر عن قضاياهم، يوصل ابن مدينة بنش بريف إدلب الشمالي، عزيز الأسمر، رسائله إلى الداخل السوري والخارج الإقليمي والعالمي.
الفن سلاح يؤرق الطغاة، بهذه الكلمات بدأ عزيز حديثه مع عنب بلدي، مستوحيًا معانيه من الرسومات التي تخطها ريشته على جدران مدينته، لتشكل صورة أقوى من الحدث ذاته، أحدثها لوحة ترد على حادثة “نبش القبور” في بلدة خان السبل، التي نفذها جنود تابعون لقوات النظام السوري.
القضايا الإنسانية عنوانه الأول
يركز ابن بنش (47 عامًا) في لوحاته على الأحداث الداخلية في سوريا والخارجية في الوطن العربي والعالم، ليوصل رسالة إلى الناس بأن القضايا التي يهتمون بها محقة، وستنتصر رغم كل المعوقات، بحسب قوله لعنب بلدي.
وبالنسبة له فإن الثورة السورية والقضية الفلسطينية يشكلان محور اهتماماته وركيزة ريشته وألوانه، إضافة إلى الثورات العربية مثل: الثورة العراقية، واللبنانية، والسودانية، والمصرية.
كما يؤرخ عزيز الجرائم بالفن، ويلاحق حقوق الصحفيين مثل حادثة إصابة عين المصور الفلسطيني، معاذ عمارنة، على يد القوات الإسرائيلية، معتبرًا الإضاءة على هذه القضايا الإنسانية من واجبه.
ويعمل عزيز على بعث رسائله لتأكيد ما مفاده أن المجتمع السوري ليس بقعة مغلقة يسودها الجهل والتعصب كما تحاول كثير من وسائل الإعلام الترويج له، وتسعى جاهدة لخلق هذه الصورة النمطية السلبية تجاهه.
آثار عميقة ترسمها لوحاته
لولا التأثير العظيم الذي يحدثه الفن، لما قتل “الموساد” الرسام الفلسطيني، ناجي العلي، ولما كسر النظام السوري أصابع الرسام السوري، علي فرزات، ولما اغتالوا منذ مدة مهندس الرسومات في كفرنبل، رائد الفارس، بحسب عزيز.
يرفض عزيز رهن خياله وريشته إلى الولاءات السياسية، معتبرًا أن رسائله ظرفية لن يسمح لأحد بالسيطرة عليها من خلال دعم أو توجيه أو حتى تفضيل لون على لون.
وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات (المحلية والعربية والأجنبية)، رسومات عزيز بعد تعبيره عن كل قضية برسم يصفها.
وحول الأثر الذي تحققه لوحاته في الداخل السوري، أجاب عزيز “ألمس أثر معظم رسوماتي على الداخل، فالرسومات المتحدثة عن الصمود تريح نفوس الخائفين، فيعود بعض منهم بعد أن هرب من بيته”.
وبالنسبة لأثر اللوحات المحاكية للقضايا العربية والعالمية، فإن التفاعل معها يأتيه عن طريق تغير نظرتهم عن المجتمع السوري، وذلك لأنهم رأوا التضامن والثقافة والعلم في هذا المجتمع من خلال رسوماته.
ومن الرسومات التي ناقشت قضايا عالمية، لوحة الطالبة الفرنسية مريم بوجيتو، التي هوجمت من قبل الإعلام لأنها ترتدي الحجاب فقط، ونالت استحسان أصدقاء كثر لعزيز في فرنسا.
عزيز أسمر
حصل عزيز أسمر على شهادته في الثانوية العامة سنة 1991، ليسافر بعدها إلى العاصمة اللبنانية بيروت، ويعمل هناك في دار للنشر لأكثر من 20 سنة.
ترك الأب ذو الثلاثة أطفال عمله في لبنان بعد سماع الصيحة الأولى المنادية بكلمة “حرية” في عام 2011، ليلتحق بالثورة.
يجتمع عزيز مع عدد من الشعراء والرسامين والنحاتين والإعلاميين، في مرسم متواضع بمدينة بنش، لمناقشة الأفكار والقضايا والرسومات، يترأس هذا الفريق الرسام والنحات، أنيس حمدون، الذي يملك خبرة سنوات طويلة في هذا الفن.
–