منصور العمري
مقاتلون في قوات الأسد يدمرون قبرًا، يركلون شاهدته بأحذيتهم العسكرية، يبصقون عليه ويشرعون بنبشه، ثم يتوجهون إلى قبر آخر، وهم يصورون جريمتهم بلا خوف من عقوبة، بل بتفاخر. ليست هي الجريمة الأولى من نوعها، فنبش القبور عقيدة أسدية (الأمثلة أدناه)، واستهداف القبور ليست جريمة الأسد الأفظع. هذا النظام الهمجي يرتكب أبشع الجرائم وأحطّها، وتتصاعد عامًا بعد آخر بفضل جعجعة المجتمع الدولي بلا طحين، وآخرها الإبادة والتهجير الكبير شمال غربي سوريا، والتي لم تحظ حتى بالجعجعة.
من يريد من الأوروبيين والعرب إعادة السوريين إلى حظيرة هذا المجرم التاريخي فليذهب هو إلى جحيم الأسد، ومن يريد وضع دستور مع الأسد فليذهب إلى جحيم الأسد، ويعيش في دولة المؤسسات والدستور التي سيشارك في صياغتها.
الهدف الرئيسي من وضع دستور والوصول إلى “حل سياسي” بالمشاركة مع الأسد، هو تصنيف سوريا آمنة لإعادة اللاجئين إلى جحيم الأسد. فلتذهبوا أنتم ودستوركم إلى الجحيم إن أردتم، لكن لا تأخذوا معكم من نجا من المقتلة الأولى، ولا تكونوا جسرًا لعبور الأسد إلى ما تبقى من الشعب السوري.
نماذج من نتاج “مؤسسات الدولة السورية لغزو القبور”
“مليشيات الأسد بحلب تنكّل بالأحياء.. وتنبش قبور الأموات“.
“مليشيات الأسد تنبش قبور الشهداء في دير الزور“.
“في محاولة لإخفاء مجزرة الكيماوي.. قوات الأسد تنبش قبور ضحاياها“.
“انتقام النظام في إدلب.. يطاول الأموات أيضًا!”.
“قوات النظام تنبش قبور مسيحيين شرق دمشق بحثا عن الذهب“.
“نظام الأسد يحرق ضريح “عمر بن عبد العزيز” جنوب إدلب”
“الميليشيات الإيرانية في ظاهرة غريبة: إدفعوا وإلاّ ستتم إزالة قبوركم في ديرالزور“.
“في صباح العيد.. الأسد يقصف المقابر والمساجد وتجمعات المدنيين موقعا شهداء وجرحى“.
“شاهد ما خلّفه قصف نظام الأسد على مقبرة “الشهداء” بمدينة اللطامنة شمال حماة أول أيام عيد الأضحى“.
“معضمية الشام استهداف المقابر بقذائف الهاون وجعل القبور مدمرة“.
يُشكّل استهداف القبور ونبشها والتنكيل بالجثث وعظام الموتى جرائم حرب وانتهاكات للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف والقوانين الوطنية، بالإضافة إلى مخالفتها لتعليمات الشرائع السماوية وأدنى المعايير الأخلاقية.
من البديهي أن تكون الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد صفة مُعرّفة لماضيه وحاضره ومستقبله، لكن من غير المفهوم، أن يتواطأ أي معارض لجرائم الأسد أو من لديه أدنى احترام لحياة البشر بالمشاركة في أي جهود أممية وأوروبية تعيد تأهيل الأسد، بما يخالف مصلحة السوريين وحقهم في الحياة بالدرجة الأولى.
من أوضح الأدلة على بداهة مستقبل نظام الأسد الإجرامي بالنسبة للسوريين، هو اصطحاب أحدهم شواهد قبور عائلته معه أثناء تهجيره من سراقب. كانت ثقته عالية وحدسه لم يخطأ بإجرام مؤسسات دولة الدستور، وهو ما رأيناه في مقبرة خان السبل.