إدلب – شادية التعتاع
الوجهة مجهولة، كما المصير، والمراد منزل في منطقة آمنة نسبيًا شمال غربي سوريا، ترد جدرانه عن نازحي مدن وبلدات ريف إدلب برد الشتاء وأمطاره.
وبعد أن شنت قوات النظام مع حليفها الروسي حملة عسكرية على مدن وبلدات المدينة منتصف كانون الثاني الماضي، اضطر ما يقارب 350 ألف مدني إلى ترك منازلهم والبحث عن ملجأ آمن، بحسب ما وثقه فريق “منسقو استجابة سوريا”.
ونظرًا لموجات النزوح الكبيرة إثر اشتداد القصف ووتيرة العمليات العسكرية، ومع انخفاض درجات الحرارة، صار من الصعب على النازحين إيجاد منزل.
أحمد ريا نزح من قرية معرة حرمة في الريف الجنوبي إلى محافظة إدلب، وأجبره القصف على الخروج من قريته إلى المجهول، ليجد نفسه مع عائلته في بلدة سرمين التي استقر في أحد بيوتها بعد “عناء طويل” لإيجاده.
لكن وصول النظام إلى معرة النعمان جنوبي محافظة إدلب وسيطرته على المدينة أجبره على النزوح مرة ثانية ومجددًا إلى المجهول. اختار أحمد التوجه إلى مدينة إدلب للبحث عن منزل عن طريق المكاتب العقارية الموجودة في المدينة.
وعلى الرغم من غياب الأمان، وبعد بحث طويل، استطاع أحمد إيجاد منزل إيجاره 25 ألف ليرة سورية شهريًا، طلب منه المكتب العقاري أن يدفع مع الإيجار تأمينًا وعمولة بقيمة الإيجار، الأمر الذي جعله يعدل عن فكرة استئجار منزل، ليعود إلى منزل أحد أقاربه في مدينة سلقين.
يقول أحمد لعنب بلدي، إن ضيق منزل قريبه جعله يتوجه مرة أخرى إلى مدينة إدلب، وهناك لا يعرف إلى أين الوجهة.
يتشارك أحمد الشايب من سكان كفرنبل المصير المجهول مع أحمد ريا، إذ نزح إلى بلدة الدانا مع اشتداد وتيرة القصف، ويجد حاليًا صعوبة في إيجاد منزل يحتمي فيه مع عائلته.
ويصف أحمد لعنب بلدي صعوبة ما مر به في رحلة البحث عن منزل، فالإيجارات مرتفعة تبدأ من 100 دولار أمريكي، ويطالب صاحبها بأجرة ستة أشهر مقدمًا، مع غياب مستلزمات التدفئة وغلاء المحروقات.
ويقول أحمد إن البيوت لم تعد متوفرة، وخاصة في مناطق الدانا واعزاز وعفرين، ولا حتى أماكن فارغة لنصب الخيام، مشيرًا إلى أنه على الرغم من الوضع الحرج الذي تعيشه مدينة إدلب والخوف الذي يعشيه السكان، فإن العديد من العائلات لا تنزح على أمل إيجاد حل للعمليات العسكرية في المنطقة.
ويؤكد ماهر العبد الله صاحب مكتب عقارات لتأجير وشراء أراضٍ ومنازل، من قرية حزانو، في حديث لعنب بلدي، غلاء الإيجارات، ويقول إنها تصل في بعض الأحيان إلى 500 دولار أمريكي لمنزل يتكون من غرفة وصالة، بالإضافة إلى عمولة المكتب العقاري.
ويضيف أن المنازل متوفرة لأن العائلات تختار أن تسكن مع بعضها لتفريغ منزل للنازحين.
وبحسب ما ذكره نائب المنسق الأممي الإقليمي للأزمة السورية، مارك كوتس، في بيان صدر في 7 من شباط الحالي، لا يجد النازحون ملاجئ مناسبة، و80 ألفًا منهم لاجئون في مبانٍ غير جاهزة للسكن.
وأوضح كوتس أن 144 ألف شخص لجؤوا إلى عفرين واعزاز والباب في ريف حلب، والأغلبية في إدلب اتجهوا إلى الدانا ومعرة مصرين ونواحي إدلب وسلقين، وتلك الأماكن كانت قد استقبلت أغلب النازحين خلال عام 2019.
تركز الناس في مناطق صغيرة، ما زاد من معاناة المنطقة ومن ضعف المخيمات، بحسب المسؤول الأممي، مؤكدًا أن 100% من النازحين بحاجة للمساعدة، و79% بحاجة للمجأ، و57% بحاجة للمساعدات الغذائية والمالية.