عنب بلدي – خاص
بعد غيابه عن قائمة الأحداث الجارية في سوريا لأشهر، يعود ملف “شرق الفرات” إلى الواجهة مجددًا، عبر مقتل جندي تركي في مدينة تل أبيض، وثلاثة من قوات النظام السوري في بلدة تل تمر، إضافة إلى تبادل القصف بين “الجيش الوطني” السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بريف الرقة. كل ذلك وقع في يوم واحد.
وتُعيد هذه الأحداث إلى الأذهان التصريحات الصاخبة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 5 من شباط الحالي، في أثناء رده على مقتل جنود أتراك على يد قوات النظام السوري في إدلب، معتبرًا “الهجوم في إدلب هو بداية حقبة جديدة في سوريا بالنسبة لتركيا”، بحسب القناة الرسمية التركية (TRT).
وكان سبعة جنود أتراك وعامل قُتلوا وأصيب سبعة آخرون، في قصف للنظام السوري على إدلب، في 2 من شباط الحالي، بحسب وزارة الدفاع التركية. وردًا على مقتلهم، أطلقت تركيا 122 قذيفة مدفعية و100 قذيفة هاون على 46 هدفًا لقوات النظام.
واعتبر أردوغان أن اتفاقية “سوتشي” المتعلقة بشرق الفرات “لا تُطبق بشكل جيد”، وهو ما بدا أنه رد على تصريح لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي حمّل فيه أنقرة مسؤولية ما يحدث في إدلب، لأنها لم تطبق اتفاقيات “أستانة” و”سوتشي”.
وقال الرئيس التركي في تصريحاته إن “الهجوم في إدلب هو بداية حقبة جديدة في سوريا بالنسبة لتركيا”.
وأنهت اتفاقية “سوتشي” المتعلقة بشرق الفرات بين أردوغان وبوتين، في 22 من تشرين الأول 2019، العملية العسكرية التركية، التي سيطر خلالها الجيش التركي و”الجيش الوطني” السوري على مدينتي تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، وقراهما وبلداتهما، وسميت المعركة “نبع السلام”.
شرق الفرات.. خلط الأوراق
تطرق الرئيس التركي خلال تصريحاته أيضًا إلى مدينة تل رفعت بريف حلب، مشيرًا إلى ضرورة طرد “وحدات حماية الشعب” (الكردية) منها، وإعادتها إلى سكانها الأصليين، ما يعني أن تركيا تحاول الضغط على النظام وروسيا في ملفات شرق الفرات وغربه، لإيقاف تقدمهما المتسارع في محافظة إدلب.
وفي 8 من شباط الحالي، قُتل جندي من الجيش التركي، في شرق الفرات، وقالت وزارة الدفاع التركية، إن خمسة جنود أصيبوا بجروح إثر انقلاب مركبتهم في منطقة عملية “نبع السلام” شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى مقتل أحد الجنود.
وقبل إعلان الدفاع التركية، ذكرت وكالة “هاوار” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” (الكردية)، أن “قسد” التي تشكل “وحدات حماية الشعب” (الكردية) عمودها الفقري، تصدت لمحاولة تقدم لـ”الجيش الوطني” السوري والقوات التركية في ريف مدينة تل أبيض بريف الرقة.
وأضافت أن الجيش التركي و”الجيش الوطني” شنا هجمات على مواقع “قسد” في قريتي عفدكو وجلبة، في ريف تل أبيض الغربي.
وأشارت إلى حدوث معارك بين الطرفين، وأن “قسد” تمكنت من إحباط الهجمات، وقتل ستة عناصر من المهاجمين.
ونفى الناطق باسم “الجيس الوطني”، الرائد يوسف حمود، لعنب بلدي، حدوث هجوم على مواقع “قسد” بريف الرقة، موضحًا أن ما جرى هو تبادل لإطلاق القذائف بين الطرفين.
ولم يتطرق حمود إلى كيفية مقتل الجندي التركي في ريف الرقة.
وبالتزامن مع أحدث ريف الرقة، قالت وكالة “هاوار“، إن ثلاثة عناصر من قوات النظام السوري قُتلوا في قرية الطويلة التابعة لبلدة تل تمر بريف الحسكة.
وأضافت أن عناصر من “الجيش الوطني” زرعوا لغمًا، اليوم، قرب دورية عسكرية للنظام، حيث انفجر اللغم في أثناء مرورها.
ولم تذكر وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أي معلومات عن وقوع قتلى للنظام في بلدة تل تمر.
كما لم يصدر “الجيش الوطني” بيانًا رسميًا حول استهداف عناصر للنظام في ريف الحسكة، ولم يتبنّ الرائد يوسف حمود، خلال حديثه مع عنب بلدي، عملية قتل عناصر النظام، وشكك فيما نقلته وكالة “هاوار”.
وقال في هذا الإطار “من نقل الخبر أو من اكتشفه هو مسؤول عنه”.
ريف الحسكة مرجح للتصعيد
كانت تركيا ترمي من خلال “نبع السلام” للسيطرة على بلدة تل تمر بريف الحسكة وتل رفعت بريف حلب الشمالي، وعين العرب بريف حلب الشرقي، لكن سعيها توقف مع توقيع “سوتشي”.
ودخلت قوات النظام السوري بلدة تل تمر بعد يوم واحد من الاتفاق مع “الإداراة الذاتية”، في 13 من تشرين الأول 2019، حيث نصت الاتفاقية على انتشار قوات النظام في مناطق الإدارة، منعًا لتقدم الجيش التركي الذي كان قد بدأ، في 9 من تشرين الأول 2019، عمليته العسكرية.
وفي تشرين الثاني 2019، شهدت بلدة تل تمر معارك بين “الجيش الوطني” السوري بدعم تركي من جهة، و”وحدات حماية الشعب” (الكردية) وقوات النظام السوري من جهة أخرى.
وجرت تلك المعارك على الرغم من سريان الاتفاق الروسي- التركي، الذي توصل إليه الرئيسان، الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، في 22 من تشرين الأول 2019، والذي قضى بتوقف المعارك في منطقة شرق الفرات ضمن عدة بنود.
و أعلن “الجيش الوطني“، في 10 من تشرين الثاني 2019، عن استكمال العمليات العسكرية في محور تل تمر للسيطرة على صوامع العالية.
وقال حينها، عبر حساب “التوجيه المعنوي” التابع له في “تويتر”، إن قواته تواجه “قسد” على محور تل تمر ضمن إطار عملية “نبع السلام”.
وانتهت هذه المعارك بدخول قوات النظام السوري برفقة الشرطة العسكرية الروسية إلى صوامع العالية بمنطقة تل تمر بريف الحسكة، في 1 من كانون الأول 2019، وذلك ضمن تفاهمات بين تركيا وروسيا.