صديق عدو.. مناطق وجغرافية الحرب في سوريا
عنب بلدي – تيم الحاج
مع كل تقدم للنظام واستيلائه على منطقة خارجة عن سيطرته، تنشط حسابات الناشطين في الداخل السوري بنشر أخبار المعارك، ويبرز من تلك الأخبار مصطلحا “عدو” و”صديق”، في إشارة إلى المناطق التي تخسرها فصائل المعارضة.
معظم هؤلاء الناشطين باتوا مصدرًا موثوقًا بالنسبة لمتابعيهم، فهم في أرض الميدان، وعلى احتكاك مباشر مع شبكة واسعة من المراصد، التي ترقب خطوات النظام الواحدة تلو الأخرى.
لا يعد مصطلح “صديق” أو “عدو” جديدًا في فضاء “السوشيال ميديا” السوري، لجهتيه المعارضة والموالية، إذا باتا يمثلان مناطق وجغرافية المعارك والحروب على الخريطة السورية.
ومنذ أن تحولت الثورة السلمية في سوريا إلى حركة مقاومة مسلحة ضد قوات النظام السوري مطلع 2012، باتت أخبار المعارك على الأرض هي الحديث الشاغل لشريحة كبيرة من السوريين على منصات التواصل الاجتماعي، فالكل يريد أن يعرف لمن ستحسم المعركة.
إلا ان استخدام هذين المصطلحين لدى المعارضين أوسع، لارتباطه بما يقوم به النظام من حملات عسكرية ضد المناطق الخارجة عن سيطرته.
كما أن عمليات الهجوم للمعارضة انكفأت منذ سنوات، وباتت تقتصر على رد هجمات النظام، كما يجري الآن في إدلب، وجرى قبل ذلك في غوطة دمشق، ودرعا، وحمص، وجميع هذه المناطق كانت تخضع لاتفاقات “خفض التصعيد” التي ضمنتها تركيا وروسيا وإيران في اجتماعات “أستانة” منذ مطلع 2017.
الصحفي محمد الأشقر من ريف اللاذقية ويقيم في إدلب، يرى في حديثه لعنب بلدي، أن “عدو” و”صديق” هما مصطلحان عسكريان يُستخدمان بين الوحدات المقاتلة، ويعنيان سقوط منطقة بيد العدو أو تحريرها منه، موضحًا أنه في المجال الإعلامي لا يوجد مصطلح “عدو” و”صديق”.
وقال في هذا الإطار، إن أغلب الناشطين وبسبب عدم وجود خبرة إعلامية لديهم في بداية الحراك الثوري المسلح، إلى جانب الحماسة الموجودة فيهم، اندفعوا لاستخدام هذين المصطلحين، حتى أصبحا عادة بالنسبة لهم.
واعتبر أن إطلاق لفظ “عدو” على منطقة كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، أمر غير محبب، مفضلًا أن يقال “منطقة محتلة”، وفي حال تمت استعادتها يقال “حُررت”، بحسب تعبيره.
يمان السيد وهو صحفي عمل لسنوات مراسلًا ميدانيًا من ريف دمشق، ويقيم حاليًا في إدلب بعد تهجيره، حيث ينقل أخبارها، يتفق مع الأشقر في أن مصطلحي “عدو” وصديق” عسكريان، ودرجا على لسان الناشطين الميدانيين.
وقال السيد لعنب بلدي، إن متابعي الناشطين على “السوشيال ميديا”، باتوا يفضلون إطلاق هذين المصطلحين في وصف حال منطقة شهدت معارك بين النظام وفصائل المعارضة.
ولفت إلى أن مصطلح “صديق” يأخذ تفاعلًا أكثر من الآخر (عدو)، إضافة إلى أن المتابعين لا يتفاعلون بكثرة مع الأخبار التي تصف حال المعارك دون استخدام هذين المصطلحين، كأن يقال “منطقة سيطرت عليها فصائل المعارضة”، مشيرًا إلى أن هذا المنشور لا يأخذ تفاعلًا كما حين يكتب أن منطقة أصبحت “صديق”.
استخدام مصطلح “عدو” و”صديق” ليس حكرًا على الجهة المناهضة للنظام، فمع احتدام المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام، تبرز أسماء إعلامية وشبكات محلية موالية تضخ أخبارًا حول نتائج ما يجري على الأرض من معارك.
حتى إن مراسلين في قنوات رسمية سورية، كمراسلة قناة “سما” كنانة علوش، تشارك متابعيها استخدام مصطلحي “عدو” و”صديق” حول المناطق التي تجري فيها معارك.
إدلب.. “صديق” أم “عدو”
تعيش إدلب اليوم كارثة إنسانية، تحدثت عنها الأمم المتحدة في عدة مناسبات، كان أحدثها على لسان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، في 6 من شباط الحالي.
وتنقسم هذه الكارثة إلى قسمين أساسيين، الأول هو موجات النزوح الكبيرة التي تشهدها محافظة إدلب، والتي ازدادت بعد قضم النظام مدنًا “استراتيجية” في ريفها الجنوبي، كخان شيخون ومعرة النعمان ومؤخرًا سراقب، حيث تدفق آلاف النازحين إلى الحدود، ما دفع الأمم المتحدة لدق ناقوس الخطر.
ووثق “فريق منسقو الاستجابة” منذ توقيع اتفاقية “سوتشي” المتعلقة بإدلب، في 17 من أيلول 2018 حتى 4 من شباط الحالي، نزوح ما يقارب المليون و800 ألف نازح، أغلبيتهم انتشروا على الحدود، وبعضهم دخلوا إلى مدن بعيدة عن مناطق الاشتباكات، بعد إيقانهم أن لا أمان بعد اليوم في إدلب، إذ إن النظام ماضٍ بحملته التي عنونتها روسيا أكثر من مرة، بأن كل شبر في سوريا يجب أن يعود إلى سيطرة النظام.
أما القسم الثاني من الكارثة، فيتركز في عمليات القصف المدمرة والمميتة للسكان، حيث يوثق “الدفاع المدني” بشكل يومي سقوط أعداد من الضحايا، إلى جانب دمار عشرات المنازل والمنشآت، إضافة إلى قصف الأسواق واستهداف المستشفيات، وهو ما يدخل ضمن ما تصنفه الأمم المتحدة بجريمة حرب.
وتخضع إدلب لا تفاقية “سوتشي” الموقَّعة في مدينة سوتشي الروسية بين الرئيسين التركي والروسي، رجب طيب أردوغان، وفلاديمير بوتين، في أيلول 2018، وتنص على الإبقاء على منطقة “خفض التصعيد” في إدلب، وتحصين نقاط المراقبة التركية واستمرار عملها.
ووفق الاتفاقية، يتخذ الاتحاد الروسي جميع الإجراءات اللازمة لضمان تجنب تنفيذ عمليات عسكرية وهجمات على إدلب، والإبقاء على الوضع القائم، إضافة إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15- 20 كيلومترًا داخل منطقة “خفض التصعيد”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :