أسواق “التعفيش” في حمص تبيع أثاث منازل ريف إدلب
عنب بلدي – ريف حمص
انتشرت في سوريا أسواق المسروقات منذ أن بدأت حملات التهجير القسري، التي استباح بعدها عناصر من قوات النظام منازل المهجرين من مناطق كان يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، وسرقوا ممتلكاتهم وباعوها في أسواق ومحلات مخصصة.
وأطلق السوريون على هذه العملية مصطلح “التعفيش” على اعتبار أن البضاعة المعروضة تكون في الغالب “عفش” (مفروشات) البيوت المنهوبة.
مع بدء الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على مدن وبلدات ريف إدلب منتصف كانون الثاني الماضي، وسيطرت إثرها على قرى وبلدات عدة، بدأت محلات “التعفيش” بالظهور في مناطق ريف حمص الشمالي القريبة.
أسعار منخفضة
تعتبر البضاعة المعروضة في محلات “التعفيش” رخيصة “جدًا” مقارنة بالبضاعة الجديدة أو المستعملة التي يبيعها أصحابها، إذ تباع قطع المفروشات بأقل من نصف سعر مثيلاتها الجديدة أو المستعملة.
يؤكد خالد أبو عمر (تحفظ على نشر اسمه الكامل لأسباب أمنية) وهو من سكان مدينة الرستن، أن أسعار بعض السلع تكون أقل بنحو 60% أو أكثر من الجديدة.
ويضرب مثالًا في حديثه لعنب بلدي أن سعر أي سجادة من النوعية الممتازة لا يقل عن 300 ألف ليرة سورية، لكن يمكن شراؤها من محلات “التعفيش” بـ50 ألف ليرة، والسعر الحقيقي لأي “مجلس عربي” لا يقل عن 350 ألف ليرة، يمكن شراؤه بأقل من 100 ألف.
آراء متضاربة
يقول خالد إن الجميع يعلم بـ”تحريم” التجارة بالمواد المسروقة، ولولا انخفاض أسعارها بهذا الشكل لما بيعت بتاتًا، مشيرًا إلى أن فرق السعر يدفع الناس إلى الشراء مقابل “تحمل إثمه”.
وعلى الرغم من أن ظاهرة محلات “التعفيش” تعود لعام 2013، إلا أنها تسجل أول ظهور لها في منطقة من مناطق “التسويات” بريف حمص الشمالي.
يرى أحد أصحاب محلات “التعفيش” في مدينة الرستن (نتحفظ على نشر اسمه)، أن البضاعة فتحت المجال أمام كثير من الأسر الفقيرة لفرش بيوتها بتكاليف رخيصة، فـ”بثمن سجادة جديدة يمكن فرش البيت من بابه لمحرابه وبضاعة نخب أول”.
“أم محمود” من سكان مدينة تلبيسة، قدمت لمدينة الرستن للشراء من محلات “التعفيش”، تقول إنها مدركة لـ”حرمانية” شراء مفروشات لبيت سُرق بعد تهجير أهله، لكن ليست لديها قدرة مادية على شراء المفروشات الجديدة أو المستعملة لمنزلها بعد احتراقه إثر سقوط قذيفة في المطبخ.
تقول أم محمود (طلبت عدم نشر اسمها الكامل لأسباب أمنية) “أنا مجبرة على الشراء من التعفيش وذلك أفضل من الموت مع أولادي بسبب البرد”.
أما أبو منذر، رجل ستيني من مدينة الرستن (طلب عدم نشر اسمه)، فيعارض فكرة الشراء من محلات “التعفيش” بعد أن عادت إلى ذهنه صورة تهجير الأهالي، قائلًا، “كادت منطقتنا أن تهجر كما هُجر إخواننا في أرياف إدلب، هل يرضى أحد منا أن يباع عفش بيته كما يباع عفش بيوتهم؟”.
لكن التحفظات الشخصية لن تقلل من انتشار هذه التجارة، فعلى الرغم من عدم قانونية هذا النوع من التجارة، تجاور أغلب محلات “التعفيش” في مدينة الرستن منطقة المربع الأمني، ما دفع الأهالي الذين التقتهم عنب بلدي إلى الاعتقاد أن لهذه المفارز حصة من الأرباح، ما يعني استمرار عملها لجني المزيد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :