عنب بلدي – خاص
بهدف إعادة الحياة إلى مدينتي الرقة ودير الزور شمال شرقي سوريا، بعد سنوات من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” وغياب العمل المدني، تستمر فعاليات حملة “نحن أهلها” التي أطلقها ناشطون ومنظمات مدنية، في تشرين الأول 2019، وتشمل أنشطة خدمية وجلسات حوارية حول حقوق الإنسان والدستور وتمكين المرأة.
ورغبة في توعية النساء وتأهيلهنّ للمشاركة في الحياة السياسية والمدنية وتخليصهنّ من الأفكار المتطرفة التي فرضها تنظيم “الدولة الإسلامية” خلال سنوات هيمنته على المنطقة بين عامي 2014 و2017، نظم القائمون على الحملة العديد من ورش العمل التي بحثت هواجس المرأة في تلك المنطقة، وسبل تحفيزها على المطالبة بحقوقها.
وجاء في بيان نشرته منظمات مدنية محلية بداية العام الحالي “ندعم مشاركة المرأة السورية وتمثيلها بشكل فعلي في مراكز اتخاذ القرار السوري وفي المنظمات العالمية والدولية، وليس بشكل صوري”.
قوانين عادلة للمرأة
وتطرقت العديد من الجلسات لاجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية، ولصياغة الدستور الجديد، لما تشكله من فرصة لضمان حقوق المرأة ومشاركتها.
وأكدت المديرة التنفيذية لمنظمة “مجتمع مدني”، لمياء سليمان، في حديثها لعنب بلدي، ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد، “قوانين انتخابية عادلة تضمن تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا واعتماد (الكوتا) كآلية مناسبة لمعالجة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية”.
وأضافت “كنساء، نريد دستورًا يضمن عدم التمييز بين الجنسين، وكفالة حق المرأة في تولي المهام والوظائف في الإدارات العليا للدولة، وتعديل قوانين الأحوال الشخصية بشكل أكثر إنصافًا للنساء، الأمر الذي سيسهم بدوره في تعزيز دورها بالمجال العام”.
الناشطة وصال من الرقة، اعتبرت أن ما تريده المرأة في هذه المرحلة هو “الحصول على حقوقها الأساسية وبعض الحقوق التي هضمها الدستور السابق أو لم يتم تطبيقها، مثل حق منح الجنسية لأبنائها، إلى جانب تمثيل أوسع لها في البرلمان والحكومة”.
بينما تحدثت المدربة في جمعية “بيت المواطنة” الناشطة بمدينة الرقة يمام عبد الغني، لعنب بلدي عن مشروع “صوت المجتمع المدني في الدستور” الذي أطلقته ضمن الحملة.
وأشارت إلى أن النساء المشاركات أكدن على ضرورة أن “يضمن الدستور عملية التحول الديمقراطي، وتحقيق مبدأ المساواة وعدم التمييز بين الجنسين، واعتبار التمييز جريمة يعاقب عليها القانون، وإقرار قوانين انتخابية عادلة تضمن تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا”.
وأضافت أن النقاش دار عبر جلسات حوارية وورشات عمل مفتوحة، منذ بداية كانون الثاني الماضي، حول إمكانية إقرار النظام المركزي أو اللامركزية، ومدى اعتبار لغات أخرى إلى جانب العربية رسمية في البلاد.
وبيّنت عبد الغني أن أغلب المشاركات والمشاركين ركزوا على أهمية تطبيق العدالة الانتقالية، مطالبين بإيجاد آليات لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات بجميع أنواعها، ومجرمي الحرب من الجهات كافة خلال فترة الانتقال الديمقراطي.
مشاركة ممثلين عن شرقي سوريا في إعداد الدستور
وتضمنت الفعاليات التي بدأت منتصف كانون الأول 2019، جلسات حوارية موسعة عقدتها جمعيات محلية ومنظمات مدنية في الرقة ودير الزور والحسكة، حول الدستور والحكم الرشيد ونظام الدولة، إضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، ودور الجيش، وعلاقة الدين بالدولة.
ويسعى القائمون على الحملة إلى إسماع صوت المجتمع في العملية السياسية وصياغة الدستور، إذ طالب المشاركون بإشراك ممثلين من مدن وبلدات شمال شرقي سوريا في العملية السياسية، وناقشوا مسارات “جنيف” و”أستانة” و”سوتشي” وصولًا إلى تعثر اجتماعات “اللجنة الدستورية” التي عقدت في جنيف نهاية العام الماضي.
وفي هذا الإطار، عقدت منظمة “حماية البيئة والتنمية المستدامة” العاملة في مدينة دير الزور، مجموعة من الندوات والحلقات الحوارية حول الدستور تحت عنوان “آمال سورية بصفحة انتقال سياسي حقيقي”.
وأشار مدير المنظمة، عصام العجيل، في حديث إلى عنب بلدي، إلى أن الرسالة التي يرغبون بإيصالها عبر هذه الأنشطة تتمثل بـ“رفع صوت المجتمع المدني إلى الأعضاء الموجودين في اللجنة المصغرة المكلفة بصياغة الدستور”.
كما عقدت جمعية “برجاف للتنمية الديمقراطية وبناء القدرات”، الناشطة في المناطق ذات الغالبية الكردية، ثلاث جلسات في عين العرب (كوباني)، وديريك، وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وأوضح مدير الجمعية، فاروق حجي مصطفى، أنه تم خلال الجلسات النقاش حول “شكل النظام الأفضل للحكم، وقضايا فصل السلطات، وحقوق الأقليات، والدستور الجديد بعد إجراء عملية الاستفتاء وكسب الشرعية”، لافتًا إلى أن الهدف منها هو “بلورة الثقافة الدستورية والإحاطة بالعملية السياسية بشكل كامل، وصقل مهارات الفاعلين في الشأن العام، وامتلاكهم للمعلومات بصورة موسعة”.
“نحن أهلها” حملة ثقافية اجتماعية إعلامية، متعددة النشاطات والفعاليات، تديرها مجموعة من الناشطين وأكثر من 20 جمعية ومنظمة مجتمع مدني.
وشملت الحملة منذ انطلاقتها عروض أفلام وورشات تدريب صحفية، وورشات عمل لمنظمات المجتمع المدني، ونشاطات متعلقة بحقوق الإنسان والمرأة، كما نظمت نشاطات خدمية تمثلت بإزالة الأنقاض وترميم المنازل والمستشفيات والمدارس، وتأمين الكهرباء والمياه، ودعم المشاريع الصغيرة، إضافة إلى تقديم خدمات إنسانية لأكثر من ستة آلاف عائلة نازحة في دير الزور والرقة.
وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” خرج من مدينتي الرقة ودير الزور أواخر عام 2017، بعد عمليات مكثفة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، ما خلف دمارًا واسعًا وغيابًا لكثير من الخدمات الأساسية.
وتسيطر “قسد” حاليًا على مدينة الرقة وجزء من مدينة دير الزور، بينما تسيطر قوات النظام السوري على الجزء الآخر من المدينة.