جرعة من الكآبة في “مذكرات قبو”

  • 2020/02/02
  • 12:00 ص

نشر الروائي الروسي دوستويفسكي روايته “مذكرات قبو” (205 صفحات) عام 1864، لتكون أول أعماله الوجودية. وتنقسم الرواية إلى قسمين، الأول بعنوان “تحت الأرض”، أما الثاني فحمل اسم “مُهداة إلى الثلج النديّ”، وتُرجمت لعدة لغات بعناوين مختلفة.

تحكي الرواية عن موظف حكومي بيروقراطي روتيني، تقاعد بعد حصوله على إرث عائلي، يعيش لوحده في قبو تحت أرض مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، يمارس حياته اليومية بكآبة مفرطة، وضعف روحي، ولا يفعل شيئًا سوى إزعاج الآخرين.

ترتكز الرواية على مواضيع علم النفس والطبيعة البشرية، إذ إن أغلب صفحاتها تحمل طابع المونولوج (الحديث مع الذات)، يقول البطل، “ما الشيء الذي يجد المرء في الحديث عنه أكبر متعة؟ الجواب: أن يتحدث عن نفسه.. حسنًا سأتحدث إذن عن نفسي”.

ويحاول بطل الرواية تفسير أهمية حياته لنفسه، ورغم فشله في إيجاد إجابة، فإنه يتكلم بصراحة كبيرة حول انتقاده لأعمال الحكومة، بعدم توفيرها احتياجات المواطنين الأساسية.

يسرد البطل أيضًا في آلام الإنسان عند الإسراف بإدراك الأشياء في حياته اليومية والشعور بها، فالوعي الزائد للحقائق ينتج، بحسب الراوي، مرضًا حقيقيًا، إذ تقول مذكراته إن “شدة الإدراك لعنة، وكل وعي مرض”.

يحتوي القسم الأول 11 فصلًا، يُبرز الراوي فيها أفكاره ومعتقداته، وتناول الفصل الأول في المقدمة الأسئلة التي سيحاول الإجابة عنها لاحقًا، وأما الفصل الثاني والثالث والرابع فتحدّث فيها عن ألمه ومعاناته، وكيف يتمتّع بهما.

من خلال محادثاته الذاتية، يتوصل دوستويفسكي إلى أن الإنسان يعيش ليعاني، فكلما ينتهي من تجربة عذاب معينة، يبحث عن أنواع جديدة من المعاناة ليعيشها، لينال منه العذاب مرة أخرى، فالأمر فقط بحسب الراوي، “تغيير لمراكز الألم فقط، وليس زوال الألم ذاته”.

وفي حال لم يعش الإنسان هذه العذابات، سيبدأ الناس بالضجر أو الطمع أو الكآبة الحادة لأنهم لم يُدعوا إلى حفلة آلام ما، بحسب تعبير الراوي.

وأما الفصل الخامس والسادس، فتحدَّث فيهما الراوي عن الفِكر وتذبذب الأخلاق في المجتمع، إذ قال إن الإنسان كائن متقلب وكريه، يشبه ربما لاعب الشطرنج، الذي لا يحب سوى مسار اللعبة المفضي إلى الهدف، ولا يحب الهدف ذاته.

ومن الفصل السابع حتى التاسع تحدث الراوي عن نظرياته في المنطق والعقلانية، أما الفصلان الأخيران فهما بمثابة مقدمة وتحويلة إلى القسم الثاني، الذي يحتوي الأحداث الفعلية للقصة، ويحكي الراوي فيه عن بعض الأحداث المهمّة التي غيَّرت حياته، مثل صراعه مع الضابط الذي كان يكرهه، وتفكيره في الانتقام منه، وعلاقته مع الفتاة التي تعمل عاهرة.

فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي هو روائي وقاص روسي، جسَّدت أعماله الصراع النفسي الذي عانى منه المجتمع الروسي خلال حقبة مضطربة سياسيًا واجتماعيًا في القرن التاسع عشر، توفي في 9 من شباط 1881.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب