رجل في الأخبار..
مقتدى الصدر.. رجل التوازنات والتناقضات والتقلبات في العراق
لا يكاد رجل الدين العراقي وزعيم الكتلة الأكبر في البرلمان “سائرون” حسب انتخابات 2018، مقتدى الصدر، يتبنى موقفًا ويدافع عنه حتى يتحول إلى موقف آخر بحسب تغير التوازنات في العراق المحكوم بمراكز قوى متعددة داخلية وخارجية، وبالتالي لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم.
وقال الأستاذ الزائر في مركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، جيم موير، إنه “يمكن التعرف إلى مقتدى الصدر، على الفور، من ملامحه المتجهمة والغامضة في الوقت ذاته، راديكالي، متحمس إلى حد إثارة القلاقل، خارج عن الجمع، زئبقي لا يستقر على حال”.
فمن قتال الأمريكيين في العام 2003 رغم معارضة رجال الدين الشيعة، والمشاركة في الاشتباكات بين السنة والشيعة في العراق عامي 2006 و2007، إلى الاقتتال مع رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، عام 2008 في البصرة، إلى دعمه في انتخابات 2010.
ومن دعم مظاهرات العراق الأخيرة في العراق المناهضة للحكومة الحالية، إلى دعوة أنصاره أمس بالانسحاب من الساحات، رغم مشاركته السابقة شخصيًا فيها، وتحولها إلى مظاهرات داعية لخروج القوات الأجنبية من العراق.
من هو الصدر
أصغر أبناء الزعيم الشيعي، محمد صادق الصدر، وينحدر من واحدة من أبرز عوائل العراق، وكان جده محمد حسن الصدر، رئيسًا لوزراء العراق في عام 1948، وعضوًا ورئيسًا لمجلس الأعيان في البلاد.
وكان والده، وحموه محمد باقر الصدر، شخصيتين دينيتين مرموقتين، رعيا شبكات اجتماعية بين فقراء الشيعة في بغداد وجنوبي العراق، أسهمت لاحقًا بانتشار شعبية الصدر بينهم.
وجمع الصدر بين النزعة الوطنية العراقية والتوجهات الدينية، ما جعله محبوبًا لدى كثير من فقراء وبسطاء العراق.
ولم يكن للصدر الحضور القوي على الساحة العراقية قبل العام 2003، سوى الاشتباكات في العام 1999 بين مجموعات سرية أسسها ضد الجيش العراقي، عقب مقتل والده محمد صادق الصدر، وأنهى الجيش العراقي التمرد خلال ثلاثة أشهر.
الصدر والغزو الأمريكي للعراق
ومع سقوط نظام صدام حسين، برز الصدر كقائد لقوة شعبية كبيرة في العراق، وانتشر أنصاره في أغلب مدن البلاد، وبرز اسمه كأحد الأصوات الداعية لخروج القوات الأمريكية من العراق.
وأسس “جيش المهدي” الذي اشتبك مع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العام 2004 في مدينتي النجف وكربلاء وعدة مدن أخرى جنوبي العراق، واتُّهم بتنفيذ العديد من الهجمات والتفجيرات التي استهدفت قوات التحالف، إضافة إلى انتقاده قادة العراق المتعاونين معهم.
وشارك أتباعه في الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة، في العامين 2006 و2007، واتُّهموا بتنفيذ أعمال اعتقال وقتل وتعذيب.
وعلق الصدر أعمال “جيش المهدي” في العام 2007 بعد اتهامه بالعديد من الأعمال الإجرامية بحق المدنيين، ليعلن عما أسماه لواء “الجيش الموعود” لاستمرار أعمال “مقاومة الوجود الأمريكي في العراق”، وبقي حتى خروج القوات الأمريكية من العراق عام 2011.
كما اشتبك مؤيدو الصدر مع أنصار المرجع الشيعي آية الله السيستاني، الذي صعد نجمه في معرض التحضير لتسليم السلطة للعراقيين عام 2003.
وفي العام 2014، أعلن الصدر تأسيس “سرايا السلام” عقب سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الموصل.
خصم ثم حليف
خاض “جيش المهدي” عام 2008 في مدينة البصرة، معارك ضد الجيش العراقي إثر العملية العسكرية التي أطلقها رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، لإنهاء الوجود الميليشيوي في العراق، ليعلن الصدر لاحقًا عن حل “جيش المهدي” في العام ذاته، وسيطرة الجيش العراقي على البصرة.
وتصالح الصدر مع المالكي، وكان له الفضل في حصول الأخير على فترة ولاية ثانية لرئاسة الحكومة، وشارك التيار الصدري في حكومة المالكي، وحاز على عدة حقائب وزارية بعد انتخابات 2010.
لكن سرعان ما أيد الصدر خروج مظاهرات في محافظة الأنبار غربي العراق ضد حكومة المالكي عام 2013، ودعا أنصاره إلى تأييد المظاهرات ضد المالكي ما دامت سلمية.
الصدر وإيران
أبقى الصدر نفسه على مسافة واحدة من إيران رغم هروبه إليها في العام 2006 إثر مذكرة اعتقال صدرت بحقه، وانتقد إيران في كثير من الأحيان، بسبب تدخلها في كل من سوريا والعراق.
وتردد الصدر على إيران ودرس في “حوزة قم”، لتطوير أوراق اعتماده الدينية، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2011.
وظهر، في أيلول 2019، جالسًا إلى جانب المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، وقائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني، رغم أنه دعا الحكومة العراقية إلى تفكيك ميليشيا “الحشد الشعبي” الموالية لإيران، في العام 2017، وزار السعودية والإمارات في العام ذاته.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :