“برشلونة يصنع المواهب وريال مدريد يشتريها”، كانت هذه تغريدة عبر “تويتر” نشرها الحساب الرسمي لنادي برشلونة الإسباني، في 17 من حزيران 2009، إذ كان النادي الكتالوني حينها يعتمد على أكاديميته “لا ماسيا” لرفد الفريق الأول باللاعبين.
تغير الحال بعد أكثر من عشر سنوات، إذ صار ريال مدريد، المشهور سابقًا بتعاقداته مع أشهر وأفضل اللاعبين حول العالم للعب ضمن فريقه الأول ودفع مبالغ خيالية لهم، يعتمد على استراتيجية شراء المواهب الصغيرة من أوروبا وأمريكا اللاتينية مع الارتفاع الكبير في أسعار اللاعبين.
ولا يتوقف الأمر عند ريال مدريد وبرشلونة، إذ تتبع عدة أندية كبرى الاستراتيجية نفسها، وشهد سوق الانتقالات في الأعوام القليلة الماضية تنافسًا كبيرًا بين هذه الأندية لاصطياد المواهب أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يفتح باب الأسئلة حول أسباب تحركات هذه الأندية.
أسعار مجنونة للاعبين
يعد الارتفاع الكبير في أسعار لاعبي كرة القدم المحترفين أحد أهم أسباب سعي الأندية للتعاقد مع المواهب الشابة.
ودفع ريال مدريد الإسباني في عام 2009 مبلغ 93 مليون يورو لمانشستر يونايتد الإنجليزي، لقاء انتقال البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى فريق العاصمة الإسبانية، ليصبح اللاعب الأغلى في تاريخ كرة القدم في ذلك الوقت.
وبقي الرقم صامدًا حتى عام 2013، عندما انتقل الويلزي غاريث بيل من توتنهام الإنجليزي ليصبح زميلًا لرونالدو بصفقة وصلت قيمتها إلى 100 مليون يورو، ثم الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل 105 ملايين يورو في عام 2016، وصولًا إلى دفع باريس سان جيرمان الفرنسي مبلغ 222 مليون يورو إلى برشلونة مقابل انتقال البرازيلي نيمار دي سيلفا.
صفقتا نيمار وكيليان إمبابي رفعتا القيمة السوقية للنادي الفرنسي إلى أكثر من مليار يورو، بحسب موقع “TRANSFERMARKET” المختص بالقيمة السوقية لأندية ولاعبي كرة القدم.
كما يعد الفرنسي الشاب كيليان إمبابي صاحب أعلى قيمة سوقية في العالم حاليًا بمبلغ يصل إلى 200 مليون يورو، ومن المؤكد أنه في حال انتقاله إلى نادٍ آخر ستتمحور المفاوضات حول مبلغ أكبر من ذلك.
تكوين فريق للمستقبل
تحاول الأندية من خلال رصد المواهب الشابة والتعاقد معها ضمان تطورها أولًا، ورفد الفريق الأساسي ثانيًا، بينما وصل الحال لدى بعض الفرق الرياضية لما يشبه تكوين فريق كامل.
يملك ريال مدريد حاليًا في فريقه الأول خمسة لاعبين تبلغ أعمارهم 22 عامًا أو أقل، وهم المهاجم لوكا يوفيتش (22 عامًا)، والجناح الأيمن رودريغو غوس (19 عامًا)، والجناح الأيسر فينيسيوس جونيور (20 عامًا)، ولاعب خط الوسط المهاجم إبراهيم دياز (20 عامًا)، ولاعب خط الوسط فيديريكو فالفيردي (21 عامًا) والمدافع إيدير ميليتاو (22 عامًا).
إضافة إلى اللاعبين الموجودين حاليًا، تعاقد ريال مدريد مع البرازيلي رانيير الذي سيلعب في ريال مدريد كاستيا، أو في فريق شباب ريال مدريد، ويبلغ من العمر 18 عامًا.
وإلى جانبه هناك النرويجي مارتن أوديغارد (21 عامًا) الذي يلعب في خط الوسط المهاجم والمعار حاليًا إلى ريال سوسيداد، والمغربي المعار إلى بروسيا دورتموند أشرف حكيمي، والذي يلعب في عدة مراكز على الأطراف في خطي الدفاع والوسط، والياباني كوبو الذي يلعب كجناح أيمن وعمره 18 عامًا.
يعني ذلك أن ريال مدريد استطاع من خلال سياسته الجديدة تكوين فريق من أعمار صغيرة للمستقبل القريب، وبقيمة إجمالية للصفقات المذكورة في الأعلى بلغت فقط 256 مليون يورو، وهو مبلغ يوازي السعر الذي طلبه مانشستر يونايتد لانتقال بول بوغبا إلى الفريق الملكي.
وحاول ريال مدريد التعاقد مع الفرنسي في صيف عام 2019 قبل أن تتعثر الصفقة بعد طلب مانشستر يونايتد مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني، أي ما يوازي 238 مليون يورو، بحسب ما أشار إليه موقع “Bleacherreport” الرياضي.
وتذهب التوقعات باتجاه انفجار هذه المواهب وتضاعف قيمتها السوقية مع نجاحها في حصد البطولات.
وعلى غرار ريال مدريد، يملك برشلونة خمسة لاعبين في صفوفه تبلغ أعمارهم 22 عامًا أو أقل، أصغرهم أنسو فاتي وعمره فقط 17 عامًا.