عروة قنواتي
فوضى عارمة تشهدها أروقة البيت الداخلي لنادي نابولي الإيطالي منذ عدة أشهر، تمثلت بتمرد لاعبي الفريق الأول ضد قرارات مجلس الإدارة، وعلى رأسه حامل الصولجان والعصا الغليظة دي لورنتيس، الملقب بالدكتاتور، سرعان ما تحولت هذه الفوضى إلى عصيان وحرمان من المكافآت والتعويضات المالية حتى تستقيم الأمور في نظر السيد دي لورنتيس.
تراجع أداء الفريق ومركزه، وغادر الأندية الأربعة الأكبر على سلم الترتيب في الدوري الإيطالي، ورحل عنه كارلو أنشيلوتي بعد اتهامه بمحاباة تمرد اللاعبين الكبار في الفريق بوجه إدارة النادي، وتم تعويضه باللاعب الدولي السابق جينارو غاتوزو، ليحاول ضبط عقارب الساعة وتقديم فريق ملتزم ومطيع، إلا أن ما حصل عليه غاتوزو من نتائج كان بالمعنى البديع: “نابولي بيضيع يا وديع!”.
يتأرجح الفريق حاليًا بين المرتبة العاشرة والـ11 على سلم ترتيب الدوري الإيطالي لهذا الموسم، وتنافسه على مركزه ثلاثة أندية تملك نفس الرصيد (24 نقطة)، ولقاؤه المقبل في الدوري سيكون مع يوفنتوس المتصدر الذي يصارع كلًا من أندية إنتر ميلان ولاتسيو وروما على زعامة الكالتشيو هذه العام.
ماذا سيفعل غاتوزو الذي فشل في العام الماضي مع أي سي ميلان، وزاد من آلامه وأوجاعه ومرارة نتائجه؟ ماذا يملك من قدرة فنية ليستطيع ترجمتها على أرض الملعب أمام ماوريسيو ساري وأنتونيو كونتي، وغيرهما من المدربين الذين يملكون رصيدًا فنيًا وقدرة عالية على قراءة وضع نابولي ومدربه الجديد في كل مباراة، والاستعداد المباشر للإطاحة به ورميه على سلم الترتيب أكثر فأكثر؟
وللأمانة فإن نابولي، صاحب لقبين على مستوى بطولة الدوري وخمسة ألقاب على مستوى الكأس، مهدد بأن ينهي موسمه في المرتبة 15، وهذا يعني تدمير كل ما تم بناؤه قبل أربع سنوات لعودة النادي إلى المنافسة.
وبرأيي، فإن المراهقة التي أقدمت عليها إدارة النادي، وعلى رأسها السيد دي لورنتيس، ستدفع ثمنها بمواجهة جماهيرية، كما حدث مع نادي أي سي ميلان الذي يحاول جاهدًا تحسين مستواه في سلم ترتيب الدوري ودخول المنافسة على كرسي دوري أبطال أوروبا، بعد أن كان سيدًا لأوروبا في سبع نسخ سابقة، وهو الثاني بعد ريال مدريد الأفضل على لائحة شرف دوري أبطال أوروبا.
نعم ومع التحية، استطاع نابولي أن يقصي حامل لقب الكأس في النسخة السابقة (لاتسيو) من الدور ربع النهائي والوصول إلى مربع الكبار، ولكن للصدام مع من؟ مع اليوفي أم فيورنتينا أم الإنتر؟
وهل بات جل اهتمام نادي نابولي ببطاقة مربع الكبار في كأس إيطاليا، أم التركيز على مواجهة برشلونة مطلع الشهر المقبل في الدور 16 من دوري أبطال أوروبا؟
هل غاتوزو جاهز بالفعل لمواجهة البارسا؟ ربما لا نستطيع تجاوز معلومة تفيد بأن الفريق يرغب بضم (أو ضم فعلًا) بعض اللاعبين الجدد ضمن الميركاتو الشتوي إلى صفوف الفريق لتدعيم دفاعه، وكذلك في البوابة الهجومية، لكن كل هذه الإشارات لا تعطي أمانًا معقولًا بموسم يحفظ ماء الوجه للإدارة والجماهير واللاعبين والمدرب الجديد.
سيبقى لقب “نابولي الجريح” عالقًا في الأذهان ومكررًا على شفاه العشاق والمتابعين، لأسابيع طويلة ولربما لأشهر ومواسم، لأن المراهقة وتصادم الرؤوس بعيدًا عن مصلحة الفريق العليا في المنافسة، تفضي في أغلب الأحيان إلى مرتبة متوسطة في جدول الترتيب ومنافسة متوسطة على البطولات الإقصائية، إلا بطفرة تعيد إلى الأذهان مجددًا إمكانية المنافسة والوصول، وهو الأمر الذي عمل عليه من هم قبل غاتوزو لسنوات حتى يستعيد نابولي بريق الأيام الماضية التي كانت فيها صحف إيطاليا والعالم تصفه بالمنافس أو خالط الأوراق أو الفريق الصعب، وليس الممر الآمن لنقاط الخصوم وتحسين مستواهم على سلم الترتيب.
نابولي يحتضر يا سادة ويستعد أمام أعين القائمين عليه لتقمص دور أي سي ميلان العظيم في السنوات الأخيرة، ما لم تتوقف مراهقات وطعنات المسؤولين العشوائية في الصدر والخاصرة.
والحسرة دائمًا لعيون وقلوب الجماهير.