ماذا تعرف عن ارتفاع التوتر الشرياني

  • 2020/01/26
  • 12:04 م
ارتفاع التوتر الشرياني

د. أكرم خولاني

ارتفاع التوتر الشرياني أو ما يعرف بين الناس بارتفاع الضغط، هو أحد الأمراض المزمنة الشائعة بين الناس سواء في البلاد المتقدمة أو غير المتقدمة، إذ إنه يصيب أكثر من مليار ونصف المليار شخص على مستوى العالم حاليًا.

وقد حددت منظمة الصحة العالمية ضغط الدم المرتفع بأنه السبب الرئيس للوفيات المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية، كما أقرت الرابطة العالمية لارتفاع ضغط الدم (WHL)، وهي منظمة تضم تحت لوائها 85 جمعية ورابطة وطنية لفرط ضغط الدم، أن أكثر من 50% من الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم حول العالم لا يدركون أنهم مصابون به، وهذا يؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة للمرض، ولذلك فإنه يسمى بالقاتل الصامت.

ما المقصود بارتفاع التوتر الشرياني

هو وجود ضغط دموي مرتفع في الشرايين يعرض المريض لخطورة متزايدة لأذية الأعضاء الانتهائية (الشبكية والدماغ والقلب والكلية والشرايين الكبيرة)، ويعتبر ضغط الدم مرتفعًا عندما يكون أكثر من 140/90.

يتطور ضغط الدم المرتفع في الغالب على مدى سنوات طويلة، ويمكن أن يحدث عند كل الأعمار، وترتفع معدلات الإصابة مع العمر، وفي نهاية الأمر يظهر عند كل الناس تقريبًا.

وهو أكثر شيوعًا عند الرجال بالمقارنة مع النساء (علمًا بأن سن الضهي يخفض من هذا الفرق)، وأكثر شيوعًا عند الذين ينتمون إلى حالة اجتماعية واقتصادية منخفضة.

 ما أسباب ارتفاع التوتر الشرياني؟

يصنف ارتفاع الضغط إلى صنفين: أولي (أساسي) وثانوي.

ارتفاع الضغط الأساسي:

يعني ارتفاع ضغط الدم دون وجود حالة طبية واضحة مسببة له، وهو النوع الأكثر شيوعًا، ويمثل 90- 95٪ من جميع حالات ارتفاع ضغط الدم، ويعتقد أنه يحدث نتيجة لتداخلات معقدة بين الجينات والعوامل البيئية المرتبطة بنمط الحياة، مثل الإكثار من تناول الملح مع الطعام والتدخين والكحول وقلة النشاطات البدنية والبدانة واستهلاك الكافيين وعوز فيتامين D والتوتر النفسي.

ارتفاع الضغط الثانوي:

يشمل الحالات المتبقية من ارتفاع الضغط، التي تشكل نسبة 5– 10% من الحالات، وهو يحدث نتيجة لسبب يمكن تحديده، وتعد أمراض الكلى (مرض البرانشيم الكلوي أو الوعائي الكلوي) السبب الأكثر شيوعًا لإحداثه، ويمكن أيضًا أن يحدث نتيجة لحالات تؤثر على الغدد الصماء، مثل متلازمة كوشينغ وفرط نشاط أو قصور الغدة الدرقية وضخامة النهايات ومتلازمة كون أو فرط الألدوستيرون وفرط الدريقات وورم القواتم، وتشمل الأسباب الأخرى كلًا من البدانة وانقطاع النفس الانسدادي النومي والحمل وتضيق الشريان الأبهر والإفراط في شرب العرقسوس وبعض العقاقير الدوائية (حبوب منع الحمل ونزلات البرد وعلاجات الاحتقان ومسكنات الألم) والأدوية العشبية والعقاقير غير المشروعة (الكوكايين والأمفيتامينات).

متى يجب اعتبار ارتفاع التوتر الشرياني ثانويًا؟

يجب اعتبار ارتفاع الضغط على أنه ثانوي في الحالات التالية:

  1. العمر عند بدء الإصابة أقل من 30 سنة أو أكثر من 60 سنة.
  2. ارتفاع الضغط غير المضبوط بالأدوية رغم العلاج.
  3. ارتفاع الضغط المستقر سابقًا وأصبح من الصعب ضبطه.
  4. وجود أعراض وعلامات تدل على مسبب ثانوي.

هل يمكن أن يحدث ارتفاع التوتر الشرياني عند الأطفال؟

ارتفاع ضغط الدم منتشر أساسًا بين البالغين، لكن الأطفال أيضًا قد يكونون عرضة للإصابة به في بعض الأحيان، فهو يؤثر على 1-5% من الأطفال والمراهقين، ويترافق مع مخاطر طويلة المدى لاعتلال الصحة.

وهو يتطور لدى بعض الأطفال كنتيجة لمشاكل في الكلى أو في القلب، لكن عددًا متزايدًا من الأطفال يصبح معرضًا للإصابة بارتفاع ضغط الدم نتيجة عادات حياتية سيئة، مثل التغذية غير السليمة وغير الصحية وانعدام النشاط الجسماني.

ما عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بفرط التوتر الشرياني؟

تقسم العوامل إلى قسمين:

عوامل لا يمكن السيطرة عليها، وتشمل:

  • السن: يزداد خطر الإصابة بالمرض مع التقدم بالسن، وفي النهاية يمكن أن يحدث عند كل الناس تقريبًا.
  • الذكور: في منتصف العمر يكون المرض أكثر شيوعًا بين الرجال، أما النساء فيملن إلى الإصابة بالمرض في فترة ما بعد سن الضهي.
  • التاريخ العائلي: يميل فرط ضغط الدم إلى الانتقال وراثيًا.

عوامل خطر يمكن السيطرة عليها، وتتمثل في:

  • فرط الوزن أو السمنة.
  • انعدام النشاط البدني.
  • التدخين: تدخين التبغ يؤدي إلى رفع ضغط الدم بشكل فوري ومؤقت، وبالإضافة إلى ذلك فإن المواد الكيميائية الموجودة في التبغ قد تضر بجدران الشرايين، ونتيجة لذلك قد تصبح الشرايين أضيق، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
  • تغذية كثيرة الملح (صوديوم): إن وجود كمية كبيرة جدًا من ملح الطعام (الصوديوم) في النظام الغذائي قد يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم، الأمر الذي يسبب ارتفاع ضغط الدم.
  • تغذية قليلة البوتاسيوم: يساعد البوتاسيوم على موازنة مستوى الصوديوم في الخلايا، لذلك عندما لا يتم استهلاك أو تخزين كمية كافية من البوتاسيوم، قد يؤدي ذلك إلى تراكم كمية كبيرة جدًا من الصوديوم في الدم.
  • تغذية قليلة الفيتامين D: يعتقد الباحثون بأن فيتامين D يستطيع أن يؤثر على إنزيم تنتجه الكليتان ويؤثر على ضغط الدم.
  • تناول الكحول: تناول الكحول قد يسبب إفراز هرمونات تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وازدياد سرعة القلب.
  • التوتر: المستويات العالية من التوتر تؤدي إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم.
  • الأمراض المزمنة: بعض الأمراض المزمنة (بما فيها الكولسترول المرتفع، السكري، الأرق وأمراض الكلى) قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بفرط ضغط الدم.

ما أعراض ارتفاع التوتر الشرياني؟

قد لا يرافق ارتفاع ضغط الدم عند البالغين أي أعراض لفترة طويلة، ويرجع سبب ذلك لأنه يتكون تدريجيًا، فيقوم الجسم عن طريق هرمون معين بالتأقلم، ولكن في بعض الأحيان قد ترافقه بعض الأعراض منها: الصداع (وخصوصًا من الناحية الخلفية للرأس)، احمرار الوجه، ضيق النفس، الرعاف، الدوار، الدوخة، طنين الأذن، تشوش الرؤية، وذمة الأطراف السفلية، نوب الإغماء.

أما ارتفاع ضغط الدم لدى حديثي الولادة وصغار الرضع فمن الممكن أن يحدث فشل النمو ونوبات الصرع والتهيج والخمول وصعوبة في التنفس.

ولدى الرضع والأطفال الأكبر سنًا يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم لإحداث الصداع ونوبات التهيج غير المبررة والإعياء وفشل النمو وتشوش الرؤية والرعاف وشلل الوجه النصفي.

كيف يُشخّص ارتفاع التوتر الشرياني؟

عادة ما يتم اكتشاف الإصابة من خلال الكشف الطبي بسبب وجود بعض الأعراض أو عندما يشكو المريض من مشاكل غير ذات صلة، ويجب عدم تشخيص ارتفاع الضغط اعتمادًا على قياس وحيد له، ما لم يكن ذلك القياس أكثر من 210/120 ملم زئبق أو مترافقًا مع أذية للأعضاء النهائية (الشبكية والدماغ والقلب والكليتين والشرايين الكبيرة)، إنما يجب اعتماد ثلاثة أو أكثر من القياسات على الأقل جميعها غير طبيعية، وخلال فترة تتجاوز الأسبوع، وبعد استبعاد ارتفاع الضغط الكاذب، مع الانتباه لصحة عملية قياس الضغط.

كيف يتم قياس ضغط الدم؟

يتم قياس ضغط الدم بواسطة جهاز خاص يتألف من كم قابل للانتفاخ يُلَف حول الذراع، ومقياس ضغط زئبقي ميكانيكي، ومنفاخ، وصمام تحكّـم، وتكون نتائج القياس بوحدات ميليمتر زئبق (ملم ز)، كما توجد أجهزة قياس إلكترونية تكون عادة أقل دقة وتحتاج إلى ضبط بصفة دورية.

وتتضمن نتائج القياس قيمتين (عددين):

  • العدد الأعلى: يقيس الضغط في الشرايين عند تقلُّص عضلة القلب بينما هو ينبض (الضغط الانقباضي).
  • العدد الأدنى: يقيس الضغط في الشرايين بين النبضات (الضغط الانبساطي).

من المهم جدًا أن يتم قياس ضغط الدم بأوقات وظروف ملائمة وبعيدة عن الشدة، أي أن يقاس في وقت الراحة وبعد إفراغ المثانة وبحرارة جو طبيعية.

ويتم القياس والمريض جالس، وتكون الذراع على مستوى القلب، ويجب أخذ قراءتين منفصلتين على مدى دقيقتين، ويجب قياس الضغط في الذراعين، والرقم الأعلى هو المعتمد.

والعددان (الانقباضي والانبساطي) في قياس ضغط الدم مهمان، لكن بعد سن الـ50 عامًا يصبح ضغط الدم الانقباضي هو الأكثر أهمية، إذ إن هناك حالة تعرف بارتفاع الضغط الانقباضي المعزول.

ارتفاع ضغط الدم الانقباضي المعزول: هي الحالة التي يكون فيها الضغط الانبساطي سويًا، بينما يكون الضغط الانقباضي مرتفعًا لأكثر من 140 ملم ز، وهذه الحالة هي النوع الأكثر شيوعًا من فرط ضغط الدم بين الأشخاص فوق سن الـ50 عامًا.

كيف يتم تقييم قياسات ضغط الدم؟

تصنف قراءات الضغط الدموي الشرياني إلى أربع مجموعات عامة:

  1. المستوى الطبيعي (السوي): يُعتبر ضغط الدم سويًّا حينما يكون أقل من 80/120 ملم زئبق، غير أن بعض الأطباء يقولون إن ضغط الدم بمستوى  75/115 ملم زئبق هو الأفضل.
  2. مستوى ما قبل فرط ضغط الدم (Prehypertension): حين تكون قيمة الضغط الانقباضي بين 120-139 ملم زئبق، أو قيمة الضغط الانبساطي بين 80-89 ملم زئبق.
  3. المرحلة الأولى من فرط ضغط الدم (Stage 1): حين تكون قيمة الضغط الانقباضي بين 140-159 ملم زئبق، أو قيمة الضغط الانبساطي بين 90-99 ملم زئبق.
  4. المرحلة الثانية من فرط ضغط الدم ( Stage2): حين تكون قيمة الضغط الانقباضي 160 ملم زئبق وأكثر، أو حين تكون قيمة الضغط الانبساطي 100 ملم زئبق وأكثر.

ما المقصود بارتفاع الضغط الكاذب؟

  • ارتفاع الضغط الذي يشاهد عادة عند قياس ضغط الدم للأشخاص المسنين ذوي الأوعية المتصلبة وغير المرنة، حيث يستمر سماع صوت النبض بعد نفخ كم جهاز القياس (علامة أوسلر)، لذا يجب على الطبيب أن يكون يقظًا لهذا، وعندها يمكن استخدام مراقبة الضغط في المنزل أو المحمول لتقييم الضغط الوسطي الحقيقي في هذه الحالات.
  • ارتفاع الضغط بسبب الرداء الأبيض، وهو عبارة عن ارتفاع ضغط مترافق مع شدة تحدث لمجرد زيارة عيادة الطبيب.

وبعد أن عرّفنا بمرض ارتفاع ضغط الدم وأسبابه وطرق تقييمه، نترك الحديث عن الاعتبارات العلاجية لمرضى ارتفاع الضغط إلى العدد المقبل.

مقالات متعلقة

  1. ارتفاع التوتر الشرياني.. اعتبارات علاجية
  2. ست وصفات عشبية تساعد على التنحيف بسرعة
  3. العلماء يكتشفون الجينات المسؤولة عن أكثر أمراض القلب خطورة
  4. ما الذي تعرفه عن دواء تادالافيل

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية