النظام يُراجع خططه..
حشود في مدينة حلب هدفها الوصول إلى الطريق “M5”
عنب بلدي – تيم الحاج
تعود الأنظار مجددًا للتركيز على مدينة حلب، بعد أن مضى نحو ثلاث سنوات على الابتعاد عنها، حيث أسهمت الحشود العسكرية، التي يعمل النظام السوري منذ مطلع عام 2020 الحالي على إرسالها إلى هناك، في توجيه المتابع للشأن السوري مجددًا إلى المدينة، التي شهدت في كانون الأول عام 2016، أكبر عملية تهجير جماعي لسكانها، وتحديدًا الذين كانوا يقطنون في أحيائها الشرقية.
باتت خطط النظام واضحة لجهة الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة حلب، إذ يدور حديث عن نية النظام الوصول إلى الطريق الدولي “M5” من جهة ريف حلب الغربي، وذلك بعد أن فشلت، حتى الآن، محاولاته في الوصول إلى نفس الطريق من جهة ريف إدلب الجنوبي، عند مدينة معرة النعمان، التي هجرها سكانها منذ شهر على وقع الغارات الروسية.
وكان نائب رئيس هيئة الأركان في قوات النظام السوري، اللواء سليم حربا، قال في كانون الأول 2019، إن “أهالي حلب سوف يشهدون انتصارات كبيرة يحققها الجيش السوري بعد أعياد الميلاد ورأس السنة المرتقبة”.
وخلال كانون الثاني الحالي بدأ حديث حربا يترجم على الأرض، وقالت وسائل إعلام روسية وأخرى سورية تابعة للنظام أكثر من مرة، إن ريفي حلب الجنوبي والغربي هما الهدف المقبل للعملية المرتقبة التي يحضّر لها النظام، وهو ما يتوقعه على الجانب الآخر “الجيش الوطني” السوري و”هيئة تحرير الشام”، الموجودان في هذين الريفين.
طبيعة الحشود
علم مراسل عنب بلدي من مصادر عسكرية من قوات النظام داخل مدينة حلب، أن النظام استقدم أعدادًا كبيرة من المقاتلين، بينهم عناصر من ميليشيات تابعة لإيران كـ “لواء الباقر”، بالإضافة إلى “الحرس الجمهوري”.
وتحدثت المصادر عن وجود أكثر من 20 مدفع “فوزليكا” في “المدرسة الفنية الجوية” لوحدها، إضافة إلى مدافع أخرى في “الكلية المدفعية” و”كلية التسليح” بمدينة حلب، إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الدبابات، وصلت إلى المدينة خلال الأيام الماضية.
وتعود قيادة الحشود العسكرية في حلب لـ”الفرقة الرابعة”، التي توجد بأعداد كبيرة في المدينة، بعد أن سحبت معظم عناصرها من بقية المحافظات، وفق المصادر ذاتها.
ولفتت إلى أن هناك ثلاثة خطوط دفاعية تفصل مناطق سيطرة الفصائل في ريفي حلب الجنوبي والغربي عن مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب، مشيرة إلى أن مشروعي 3000 و1070 السكنيين، يمثلان أحد تلك الخطوط الدفاعية، وقد تصل مدة المناوبة في المشروعين من قبل عناصر النظام إلى شهر كامل.
وكانت المصادر توقعت أن يكون يوم الـ23 من كانون الثاني الحالي، موعدًا للعد التنازلي لبدء هجوم قوات النظام باتجاه ريفي حلب الغربي والجنوبي.
وكالة “سبوتنيك” الروسية، أكدت مطلع كانون الثاني الحالي، أن تشكيلات “الفرقة الرابعة” دخلت مدينة حلب، عبر أرتال من الآليات والمدرعات وحاملات الجنود، بهدف تعزيز وجود وحدات قوات النظام على جبهة ريف حلب الغربية والجنوبية الغربية.
وفي ضوء هذه التطوارت، عزز “الجيش الوطني” السوري كامل جبهاته العسكرية في ريف حلب، بحسب المتحدث باسمه، يوسف حمود.
وقال حمود لعنب بلدي، في وقت سابق، إن “الجيش الوطني” رصد وصول تعزيزات من قبل قوات النظام إلى ريف حلب الجنوبي مدعومة بآليات ثقيلة، مؤكدًا عدم وجود نقص في عدد المقاتلين.
وأضاف، أن قوات النظام سحبت عناصرها من عدة محاور لإرسالهم إلى ريف حلب، وخاصة من جبهة الساحل والمنطقة الشرقية.
تمهيد إعلامي
تلجأ الآلة الإعلامية الروسية والتابعة للنظام إلى الترويج لوجود انتهاكات تقوم بها فصائل المعارضة بحق المدنيين في مناطق سيطرته، حين يريد النظام البدء بعمل عسكري باتجاه مناطق المعارضة.
ومنذ نحو شهر، تنشر وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بشكل شبه يومي أخبارًا تتحدث عن سقوط ضحايا في بعض أحياء مدينة حلب، بسبب قصف تقول إن مصدره فصائل المعارضة المتمركزة في الريف الغربي لحلب.
وتتحدث الوكالة عن استهداف أحياء السكري وحلب الجديدة ومشروع “3000 شقة”، بالقذائف المدفعية، ما يوقع قتلى وجرحى من المدنيين إضافة إلى أضرار في الممتلكات.
ونفى المتحدث باسم “الجيش الوطني” السوري، يوسف حمود، لعنب بلدي في وقت سابق، أي علاقة لهم بقصف أحياء حلب الخاضعة لسيطرة النظام.
ولفت إلى أن النظام والميليشيات الرديفة له تستهدف أحياء المدينة، لاتهام الفصائل بذلك.
وكان بيان لغرفة عمليات “الفتح المبين” العاملة بريف حلب وجبهات أخرى في سوريا، طلب من المدنيين بمدينة حلب الابتعاد عن المواقع العسكرية التي يستخدمها النظام في قصف أرياف حلب.
وأخبر شهود عيان في مدينة حلب عنب بلدي، أن النظام نشر عددًا من المدفعيات التي يستخدمها في قصف أرياف حلب، بالقرب من التجمعات السكنية، كالتي بين حيي المهندسين والزهراء.
تركيا تهيئ الفصائل
في الوقت الذي تقدّم فيه روسيا الدعم الإعلامي والعسكري للنظام الذي يسعى إلى تحقيق نصر معنوي جديد في حلب، التي هُجّر الآلاف من سكانها نهاية عام 2016، تدخل تركيا، الداعم الأكبر لـ”الجيش الوطني” السوري، على خط التحضيرات للمعركة المقبلة.
والتقى وفد من الاستخبارات التركية قادة من “الجيش الوطني” السوري في العاصمة التركية أنقرة، وطلب منهم الصمود في التصدي لهجمات قوات النظام المدعومة من الطيران الروسي، بحسب ما أكده مصدران عسكريان لعنب بلدي.
وقال مصدر في “الجبهة الوطنية للتحرير” المنضوية في “الجيش الوطني”، تحفظ على ذكر اسمه، إن اللقاء حصل مساء الخميس، 23 من كانون الثاني الحالي، وحضره جميع قادة “الجيش الوطني”.
في حين أكد مصدر عسكري ثانٍ أن الوفد التركي كان برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، مشيرًا إلى أن المجتمعين تلقوا اتصالًا من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وتناول اللقاء الحديث عن تأكيد الوفد التركي عدم التزام روسيا باتفاقيات وقف إطلاق النار المتفق عليها مع تركيا.
وقدم الوفد وعودًا بتقديم الأسلحة، إلى جانب الحديث عن “مفاجآت” خلال المرحلة المقبلة.
ولم تعلن أنقرة رسميًا عن هذا اللقاء حتى اللحظة.
ويعتبر اللقاء بين الأتراك وقادة الفصائل الثاني، بعد لقاء جمعهما الأسبوع الماضي، إلى جانب لقاء جمع الفصائل مع وفد أمريكي في محاولة لتقديم دعم عسكري.
وشُكل “الجيش الوطني” السوري بدعم تركي في كانون الأول 2017، ويتبع لوزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة”، وتنبثق عنه ثلاثة فيالق تتفرع إلى ألوية.
في حين اندمج “الجيش الوطني” مع فصائل ”الجبهة الوطنية للتحرير” ضمن جسم عسكري واحد تابع لوزارة الدفاع في تشرين الأول 2019.
وكانت روسيا وتركيا اتفقتا على “تهدئة” لوقف إطلاق النار والهجمات البرية والجوية في منطقة “خفض التصعيد” بمحافظة إدلب، وتم تحديد 12 من كانون الثاني الحالي، موعدًا لبدء العمل بالاتفاق، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، إلا أن القصف استمر على قرى ومدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي الواقعة على الطريق الدولي “M5”.
كما وسّع الطيران الروسي والسوري دائرة القصف لتشمل ريف حلب الغربي، وسط مجازر في صفوف المدنيين، وفق ما توثقه فرق “الدفاع المدني”، و فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :