عنب بلدي – داريا
«أساليب العيش عادت إلى زمن أجدادنا في سبيل الحصول على كوب ماءٍ بارد ينعشنا بعد الصوم في حر الصيف» يقول أبو عمر، أحد سكان داريا المحاصرة، في حديثٍ إلى عنب بلدي حول الاستعدادات لشهر رمضان في المدينة.
فالمدينة -وهي على أبواب الشهر- استنفذت مخازنها الغذائية، وبات اعتماد المحاصرين في تأمين القليل من العصائر والأغذية على ما تنتجه الأراضي الزراعية المتبقية، وعلى أساليب بسيطة قديمة لتبريد المياه في ظل غياب الخدمات بما فيها الكهرباء.
ويوضح أبو خالد، أحد مزارعي المدينة، «أحاول جاهدًا أن أصنع جوًا لرمضان، ليقضي أطفالي الشهر المبارك دون أن يشعروا بمرارة الحصار».
ولأن موائد الإفطار اشتهرت بالمشروبات والعصائر المغذية لتعويض الجفاف، يحضّر أبو خالد عصير الحصرم بغليه مع السكر، ثم تخزينه في عبواتٍ محكمة الإغلاق إلى أن يحين استخدامه.
وعن سعيه للتغلب على قلة الموارد في ظل الحصار يلفت إلى أنه يحاول تأمين ما يقوي الجسم مما تنتجه أرضه «خزنت كمياتٍ قليلة من البازلاء والفول الأخضر واليابس والبصل والثوم، عسى أن تعيننا على إكمال الصيام».
وعلى غرار أبو خالد، يستعد أبو يزن أحد المقاتلين في صفوف الجيش الحر لاستقبال رمضان، إذ زرع شرفة منزله ببعض الخضراوات ليستخدمها في تحضير الإفطار، كما أعدّ مربى المشمش ليتناوله عند السحور ساعيًا للحفاظ على قوته في الجبهة طول النهار.
تزامن رمضان مع حر الصيف حفّز بعض المحاصرين على تجربة طرقٍ بدائية لتبريد المياه، وفق الحاج أبو عمر الذي أوضح أن التجارب لم تكن كلها ناجحة، إلا أنه ثبّت وعاء ماء مفتوح من الأعلى في حوض للزراعة، وركبّ صنبورًا أسفله، ما يحافظ على برودة يكتسبها من التراب خلال الليل.
بدوره، وزّع مكتب الإغاثة التابع للمجلس المحلي لمدينة داريا، الأسبوع الماضي وجبات إغاثية للعائلات المحاصرة، تضمنت مواد غذائية أساسية في مبادرة لمساعدة الأهالي خلال الشهر.
وإن أعادت قسوة الظروف المحاصرين في المدينة إلى طرق بدائية في تأمين قوتهم، لكنّها لم تعد بهم إلى الأجواء الرمضانية المعهودة؛ فرمضان المقبل سيكون الثالث تحت حصار مطبق تفرضه قوات الأسد على المدينة وسط غياب للطقوس الشعبية والدينية، بعد نزوح أكثر من 250 ألفًا من أبنائها، بينما أكمل القصف والمعارك تدمير أسواقها ومساجدها.