حازم قرفول.. السياسة السورية النقدية الأمنية
المرسومان الجديدان لتشديد الإجراءات الأمنية ضد المتعاملين بغير الليرة، رسالة تدل على “قوة الدولة السورية” وعلى أنها لاتسمح لأي شخص أو جهة داخل البلد أو خارجها “بالتمادي على اقتصاد البلد وعملته”.
هكذا قرأ حاكم صرف سوريا المركزي حازم قرفول في لقاء بثته القناة السورية في 21 كانون الثاني، المرسومان 3و4، اللذين أصدرهما رئيس النظام السوري بشار الأسد حول تشديد الإجراءات الأمنية ضد المتعاملين بغير الليرة السورية، والتي تصل إلى حد الاعتقال والسجن 7 سنوات وفرض مبالغ تصل إلى 5 ملايين ليرة.
وقرأ محللون اقتصاديون المرسومان 3 و4 بأنهما دليل على وصول الاقتصاد السوري إلى حافة الانهيار.
الدكتور أسامة القاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، قال لعنب بلدي، “أعتقد أن حكومة النظام السوري تدق آخر مسمار في نعش الاقتصاد”، ووصف إجراءات النظام الأخيرة بأنها “هستيرية” وتدل على أن صانع القرار الاقتصادي السوري “فقد توزانه تمامًا وعاد بنا إلى زمن الثمانينيات”، حين منع حافظ الأسد التعامل بالدولار وأغلق شركات الصرافة.
وأضاف القاضي أن هذه الإجراءات ستحسن الليرة مؤقتًا و”سنشهد بعدها كارثة اقتصادية”، لأن الكثير من الصناعيين والتجار في ضوء هذه المراسيم سيتوقفون عن الإنتاج بسبب عدم قدرتهم على تأمين المواد الأولية المستوردة، لعدم توفر القطع الأجنبي، وستزداد نسبة البطالة لأكثر من 80%.
وحول السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي، اعتبرت وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي، وفق ما نشرت على صفحتها الرسمية في “فيس بوك“، أن السياسات النقدية الحالية لم ترتق لمستوى التحديات الحالية ولا يمكن فهمها، كما وصفتها بأنها غير متسقة مع أبسط المبادئ الاقتصادية.
وقالت عاصي إن “سعر الفائدة المعلن عنه غير متناسب مع معدل التضخم وسعر الصرف في البلد، ومع ذلك يصر المصرف المركزي على سياسة مالية بالرغم من عدم نجاعتها”.
من هو حازم قرفول؟
حازم قرفول، هو الحاكم الثاني عشر لمصرف سوريا المركزي، من مواليد 1967 مدينة دريكيش، محافظة طرطوس، حاصل على شهادة الدكتوراه في المالية والمصارف من جامعة مونتسكيو (بوردو 4) في فرنسا، ودبلوم في العلاقات الاقتصادية والدولية من جامعة دمشق، وبكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة ذاتها.
تم تعيينه لرئاسة المصرف المركزي السوري في 24 أيلول عام 2018 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 299.
وبعد نحو شهر على استلام قرفول رئاسة البنك المركزي السوري، منحه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، منصبًا إضافيًا، وعينه نائبًا لمحافظ سوريا لدى صندوق النقد الدولي.
وكان قرفول شغل منصب النائب الأول لحاكم مصرف سوريا المركزي في 1 أيلول عام 2019، وشغل وظيفة أمين سر هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بتاريخ في 14 تشرين الثاني 2013، كما عمل سابقًا رئيس قسم الرقابة المكتبية ومعاون مدير مديرية مفوضية الحكومة في حال غياب المدير في 7 شباط 2011، وعمل قبل ذلك في مصرف سوريا المركزي لدى مديرية الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة في 22 حزيران عام 2010.
إجراءات المركزي منذ بداية التدهور الأخير لليرة السورية
خسرت الليرة السورية قيمتها منذ استلام حازم قرفول رئاسة مصرف سوريا المركزي نحو 120% من قيمتها.
وبحسب موقع “الليرة اليوم” سجلت الليرة السورية مقابل الدولار 463، نهاية أيلول 2018، فيما حطمت الليرة رقمًا قياسيًا في بداية الشهر الحالي، وسجلت في 16 من كانون الثاني الحالي 1230 ليرة مقابل الدولار الواحد، لتعود وتسجل سعر 1100 في 25 من كانون الثاني.
وشهدت الليرة تدهورًا كبيرًا بدأ منذ أشهر، وخصوصًا مع اندلاع المظاهرات في لبنان والأزمة المالية في المصارف اللبنانية التي رافقت المظاهرات، وتجميد تلك المصارف أموال مودعيها، من بينها أموال سوريين.
في بداية شهر أيلول عام 2019 وقع قرفول اتفاقًا ثنائيًا مع محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي على تأسيس لجنة مصرفية مشتركة تضم ممثلين عن بنوك البلدين، وتحت رعاية المصرفين المركزيين في إيران وسوريا، لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بينهما، ولتطوير العلاقات التجارية والمصرفية بين البلدين، وفق ما نقلت وكالة “سانا“.
في شهر أيلول عام 2019 أعلن الصرف المركزي على لسان نائب رئيسه محمد حمزة، أنه “لن يتدخل في السوق ولا بدولار واحد، مثل السابق، وكل مقدرات المركزي سوف تخصص لتمويل الدولة والسلع الأساسية”.
وعقد مصرف سوريا المركزي في 19 كانون الثاني اجتماعًا ضم المعنيين في المصرف برئاسة حازم قرفول، وإدارة الأمن الجنائي في وزارة الداخلية بهدف التنسيق بين الطرفين حول تطبيق الآلية التنفيذية للمرسومين التشريعيين 3 و4 لعام 2020، المتعلقين بالتشدد في العقوبات لكل من يثبت تعامله بغير الليرة السورية أو نشر “مزاعم كاذبة” لإحداث عدم استقرار في أوراق النقد الوطنية.
المصرف المركزي أغلق يوم الثلاثاء 21 كانون الثاني 14 مؤسسة صرافة بحجة عدم تأديتها الدور المطلوب منها في دعم الليرة السورية، بموجب المرسومين التشريعيين الأخيرين اللذين أصدرهما بشار الأسد ضد المتعاملين بغير الليرة السورية.
وكان المركزي اتخذ إجراءات في وقت سابق ضد مكاتب الصرافة، أغلقت بموجبها الأجهزة الأمنية في 19 كانون الأول عام 2019، شركة “الحافظ” وشركة “إرسال” للحوالات المالية الداخلية، بتهمة التورط بتحويلات مالية مجهولة المصدر والتورط بعمليات غسيل أموال.
البنك المركزي أصدر قرارًا في 21 كانون الثاني عرض بموجبه على المواطنين السوريين شراء الدولار منهم بالسعر التفضيلي، أي 700 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد.
ومن بين الإجراءات الأخيرة للمركزي، مطالبة المنظمات العاملة في مناطق سيطرة النظام السوري، بتفعيل البرامج والمشاريع التي تشرف عليها، “لدعم المواطنين” السوريين معيشيًا.
وكشفت تقارير أممية وصحفية نُشرت العام الماضي، تحدثت عن أوجه عدة يستفيد خلالها النظام، عبر تدفق المساعدات الدولية الإنسانية إلى السوريين في الداخل، كان أبرزها تقرير نشرته منظمة “Human Right Watch” في 7 من آب 2019، تحدثت فيه عن استغلال النظام للمساعدات المرسلة، بغرض تمويل عملياته العسكرية، وكأسلوب عقابي ضد المعارضين له.
وكشف تحقيق سابق لصحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الأمم المتحدة منحت عقودًا بعشرات الملايين من الدولارات لأشخاص على صلة وثيقة بالأسد، بمن فيهم رجال أعمال تخضع شركاتهم لعقوبات دولية، وجمعيات أهلية خيرية كتلك التي أنشأتها زوجة رئيس النظام، أسماء الأسد، وأخرى أسسها رجل الأعمال، رامي مخلوف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :