أسامة أبو زيد لعنب بلدي: مصرون على ضرورة فك النصرة ارتباطها بالقاعدة

  • 2015/06/14
  • 2:38 م

يسعى المستشار القانوني للجيش السوري الحر، أسامة أبو زيد، إلى التعريف بالواقع السوري، وإضفاء صبغة قانونية للمؤسسة التي يمثلها، محاولًا إيجاد صيغة للعمل بين جميع فصائل الثورة السورية، كاشفًا عن مواقفه من التنظيمات الجهادية والخطط الأمريكية لتدريب المعارضة، في لقاءٍ مسجلٍ أجرته معه جريدة عنب بلدي في مدينة اسطنبول التركية.

حاوره: عبادة كوجان

الجيش الحر.. غياب الهوية واختلاف التعريف
أدت ممارسات نظام الأسد القمعية مطلع الثورة إلى انشقاق عددٍ من ضباط الجيش، ودفعت الكثير من الشباب إلى حمل السلاح دفاعًا عن أهلهم، وهذا ما أطلق عليه السوريون في مظاهراتهم «الجيش السوري الحر».
أسامة أبو زيد عرّف الجيش الحر، بأنه كل سلاح حر يدافع عن السوريين لتحقيق أهداف الثورة السورية في إسقاط نظام الأسد وتنظيم «داعش» الإرهابي، الذي ظهر لاحقًا، وتبين للجميع أنه يطعن الثورة في ظهرها.
«العديد من الإدارات الدولية التي أرادت أن تقدم المساعدات العسكرية للثورة لجأت إلى التصنيفات، واعتبرت أن الجيش السوري الحر من الفصائل السورية المعتدلة؛ بينما فهم البعض أن الجيش السوري الحر يتمثل بهيئة الأركان التابعة لوزارة الدفاع، والمرتبطة بالحكومة المؤقتة وبالتالي الائتلاف الوطني».
كل هذه التعريفات لا تترابط مع الواقع ولا تمثله، بحسب أبو زيد، «السوريون يعتبرون كل سلاح حر يدافع عن حريتهم هو جيش سوري حر. وحتى هذا التعريف يجب أن يسري أيضًا على بعض الفصائل التي أرادت أن تميز نفسها عن الجيش السوري الحر بأن ترفع راية مختلفة عن راية الثورة السورية وتقول نحن لسنا جيشًا حرًا».
واعتبر المستشار القانوني، أن “ظلمًا” وقع على الجيش الحر “من خلال إسقاط الأحكام على بعض المنتسبين له أو من كانت أخلاقياتهم وممارساتهم تعارض الثورة السورية، في حين نرى مخطئين من جبهة النصرة أو جيش الإسلام وفي كل الفصائل؛ من المنطقي أن تحدث انتهاكات أثناء الحروب فكيف إذا كانت حربًا تتمثل في نزاع داخلي».

السياسة الاقصائيةلغرف تسليح «الموك»

تقدم غرف التنسيق العسكري المنبثقة عن مجموعة أصدقاء سوريا الدعم للفصائل الثورية، عن طريق غرفتي تسليح، واحدة في تركيا وأخرى في الأردن، وتسمى بغرف «الموك».
الأمر السلبي في هذه الغرف هو إقصاء فصائل ودعم أخرى ما خلق حالة من البلبلة والخلافات والمزاودات بينها؛ وتتحمّل الإدارة الأمريكية في سياسة التسليح المسؤولية في الحروب التي حصلت بين الفصائل في شمال أو جنوب سوريا، عندما استبعدت فصائل دون مبررات منطقية، كما قال أبو زيد.
وأضاف «اليوم لا يكفي أن يكون الانضمام لغرفة الموك سببًا في تخوين الآخرين، فنحن غير مسموح لنا أن نشتري السلاح وليس لدينا الخبرة في صناعة الأسلحة؛ هنا يجب أن نفكر بشكل ملي كيف نبني علاقات مع المحافظة على ثوابتنا، بما يحقق مصالح الثورة».
وتساءل المستشار القانوني حول دعم الفصائل الأخرى بما فيها القاعدة الفصائل الأخرى بما فيها القاعدة «ألا تتلقى دعمها من الخارج؟ هل السماء تمطر ذهبًا؟ لنكن واضحين الجميع يتلقى مساعدة ولنبتعد عن المزاودات التي لا تبني علاقات أخوية ولا نقدر من خلالها بناء مستقبل البلد».

أولوية أمريكا قتال داعش لا الأسد
من وجهة نظر أبو زيد، فإن المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية يحاولون إجبار فصائل الثورة للوصول إلى قتال داعش كأولوية، والابتعاد عن نظام الأسد، مستدلًا على ذلك بغياب دعم الفصائل الإسلامية، وحتى الجيش الحر الذي يقاتل «داعش» في ريف حلب الشمالي، ولم يستلم إلى الآن أي دعم.
لكنه رأى أن «الحالة السورية تفرض على الثوار القضاء على العدوين معًا، لأن نظام الأسد هو جذر الإرهاب ومن الأنظمة القمعية التي اشتهرت بخبرتها في اختراق وبناء التنظيمات الإرهابية وما حصل في لبنان والعراق من أكبر الشواهد.

عندما تم تشكيل جيش المجاهدين في عام 2014، تمكّن خلال 7 أيام أن يطرد «داعش» من مدينة حلب بشكل كامل ومن الجزء الأكبر من الريف.

بهذه اللحظة أرسل نظام الأسد تعزيزات بقيادة سهيل الحسن لسجن حلب المركزي، استطاعت استرجاع العديد من النقاط، وهذا كان سببًا ليتوقف جيش المجاهدين عن ملاحقة مقاتلي التنظيم ويعود ليسد الثغرات على جبهات النظام.
وعليه ، يعتبر أبو زيد «ليس منطقيًا أن نترك الجبهات مع النظام ونقاتل داعش. يجب الاستمرار في المعركة على الجبهتين، لكن للأمانة إمكانياتنا لا تسمح، واليوم حلب مهددة بشكل كبير جدًا أن تصبح تحت حصار التنظيم والنظام معًا».

مشاورات حول الاندماج سبقت لقاء «الجولاني»
وكشف أبو زيد، عن لقاءات جمعت بين قيادات من جبهة النصرة وفصائل عسكرية أبرزها حركة أحرار الشام الإسلامية، في مسعىً جدي لاندماج وتوحد بينها. كان ذلك قبل لقاء أبو محمد الجولاني على قناة الجزيرة، الذي أكد فيه استمرار ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة.
«جبهة النصرة طلبت بشكل واضح خلال اجتماع أجرته مع حركة أحرار الشام الإسلامية وفصائل معارضة أخرى، أن يكون هناك مشروع اندماج وتوحد، الأمر الذي قوبل بطلب من الأحرار أن تنفصل النصرة شكلًا ومضمونًا عن تنظيم القاعدة، وأن يكون مشروعها ضمن الحدود السورية فقط»، وفق المستشار القانوني مشيرًا إلى «مشكلة حقيقية ناتجة عن ارتباط النصرة بالقاعدة، التي أصبحت حجة كبيرة للنظام الدولي لعدم إرسال السلاح … 12 مليون لاجئ سوري و300 ألف شهيد، إضافة إلى الأرامل والأيتام؛ يجب النظر بعين الاعتبار والسعي لاتخاذ قرارات تساهم بعودة الناس إلى منازلها.. كم يتناسب بقاء جبهة النصرة مرتبطة بالقاعدة، مع هذا الوضع المأساوي؟».
لكنه اعتبر أن «الانتقادات الموجهة للنصرة لا تعني العداء أو الحرب معها، بل هي محاولة لوضع قاعدة يتفق عليها الجميع. نحن نجد منهم قتالًا شرسًا وجلادة في مقاتلة النظام، هذا أمر لا يمكن نكرانه.. لكننا نصرّ على ضرورة أخذ خطوة تجاه الشعب السوري من خلال الانفكاك عن تنظيم القاعدة».

نرفض ممارسات الوحدات الكردية
وردًا على سؤال حول التعاون الأخير بين بعض فصائل الجيش الحر والوحدات الكردية التي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية» في الحسكة وريفي حلب والرقة، قال أبو زيد «سجلنا تحفظنا ورفضنا للممارسات التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وجناحه العسكري (وحدات حماية الشعب) تجاه العرب في العديد من مناطق الحسكة، من تهجير وحرق قرى ومحاصيل وتدمير منازل».
وأضاف «نحن نتعاون مع من يقاتل نظام الأسد وتنظيم داعش بالتأكيد، لكن هذا لا يعني أن نغض الطرف عن الممارسات الخطيرة التي تقوم بها بعض هذه الميليشيات وتشابه ما تفعله داعش وأي فصيل يخرج عن الخط الثوري أيضًا».

 «العديد من منظمات حقوق الانسان والنشطاء يعدون تقارير دقيقة عن انتهاكات تجري في المناطق الشرقية، سنسألهم عنها ولن نسمح بأي مشروع تقسيم أو مشروع كانتونات مستقلة… لن نسمح إلا بمشاريع إدارة محلية آنية كما أي مجلس محلي في أي منطقة محررة أو محاصرة»

برنامج تدريب «فاشل» إذا استثنى الأسد
اعتبر أسامة أبو زيد أن برنامج التدريب الأمريكي لفصائل المعارضة «المعتدلة»، الذي كان من المقرر إطلاقه في أيار الماضي، «فاشلًا» طالما يستثني نظام الأسد من المواجهة.
وأكّد «أصدقاء سوريا الحقيقيون يؤيدون الفكرة.. الجانب التركي إلى الآن متمسك بأن الخطة يجب أن تواجه تنظيم داعش والأسد، الإخوة في السعودية وقطر كذلك، حتى الإخوة في الأردن مع استشعارهم بالخطر الكبير بسبب اقتراب داعش من الحدود الأردنية، إلا أن موقفهم واحد يؤكد أن القضاء على داعش دون نظام الأسد هو نوع من العبثية».
«ما تصر عليه الإدارة الأمريكية حتى اللحظة أن داعش هي الأولوية، نحن لا يمكن أن نقبل بهذا، ولن ننسى أن الأسد من جهة وهزالة الدور الدولي والأممي في سوريا من جهة، كانا من أبرز أسباب التطرف.. نحن كسوريين ندفع ضريبة هذه الخطط، ونحن من سيتحمل أعباء فشلها، بالتالي لا يمكن أن نقبل بأي خطة لا تخدم مصالحنا».
واعتبر أن «الإدارة الأمريكية لم تكن معنيّة بـ 400 ألف سوري قتلوا أمام أعين المجتمع الدولي، وبالتالي لا يعنيها تدريب 5 آلاف مقاتل سوري بخطة عبثية غير مدروسة.

 نحن حريصون على عدم الدخول في أعباء وتعقيدات ودم جديد، وأيًا كانت أيديولوجية الفصائل لا يمكن أن تقبل بمثل هذا البرنامج سواء الجيش السوري الحر أو الفصائل إسلامية”

«هيئة أركان» بين الفصائل أمر حتمي
وفي ضوء حوارٍ يدور منذ أكثر من عام حول «جيش وطني» يسعى الائتلاف المعارض لتشكيله، اعتبر أبو زيد أن «المرحلة بحاجة إلى تنسيق عسكري أكثر من توحد، نرى انعكاسات تنسيق عسكري حقيقي في غرفة عمليات جيش الفتح، وأعتقد أن مشاريع الاندماج تدخلنا في نقاشات وحوارات ومواضيع الأيديولوجيات وحوارات طويلة لا تتناسب مع متطلبات المرحلة».
«قبل خطوة الجيش الواحد دعنا ننشئ غرفة عمليات تنسيق عسكري حقيقية، لا يمكن أن يكون هناك حرب بدون غرفة أركان للتنسيق بين الجبهات والقوى وتوزعها، لكن للأسف ليس لدينا هذه المؤسسة».
وأردف قائلًا: «أعتقد أن الفصائل الكبيرة سواءً جيش الإسلام وأحرار الشام وصقور الغاب وتجمع فاستقم والجبهة الشامية، وكل هذه الفصائل الفاعلة في الشمال والجنوب، يجب أن تفكر بتأسيس مؤسسة عسكرية اسمها (هيئة الأركان) وقائمة في نظامها على المحاصصة، وبالتالي سيشترك الجميع فيها وسيكون لها أثرٌ واضح».
«الجميع يؤمن بأن المجتمع الدولي لن يوافق على أي مظلة سياسية للثورة السورية إلا الائتلاف، وبالتالي يجب أن نفكر بطريقة مختلفة عن طريقة إسقاطه، والتفكير بإصلاحه».
وأردف أبو زيد «أستطيع القول أمام كل السوريين من خلال عنب بلدي، المرحلة الحالية تشهد انفتاحًا حقيقيًا بين الفصائل، وتشهد تكسير حواجز لم يكن من السهل تكسيرها سابقًا، وأعتقد أن المرحلة القادمة ستحمل أخبارًا سارةً على هذا الصعيد».

اختتم المستشار القانوني للجيش السوري الحر، أسامة أبو زيد، حديثه بالقول: أكثر ما نحتاجه هو حسن الظن وصفاء النوايا والعمل على تكسير الحواجز أكثر من بنائها. لا يمكن أن نطالب الفصائل بالتوحد ونحن أساسًا كأشخاص غير قادرين على الانسجام، فاليوم مطلب الوحدة يشمل الجميع وليس فقط الفصائل المقاتلة.

مقالات متعلقة

لقاءات

المزيد من لقاءات