الأمر أتى «من فوق»
رغمًا عن الجميع، بشار الأسد في صور تخرج طلاب كلية الطب
شام العلي – دمشق
في ختام العام الدراسي، ووفقًا للعادة الجارية في معظم كليات جامعة دمشق، اقترح طلاب السنة الخامسة في كلية الطب التقاط صورة جماعية للدفعة بكاملها في مكان مفتوح بالاستعانة بمصور احترافي، إذ لم تحظ الدفعة على طول سنواتها الخمس في الكلية بصورة جماعية واحدة. لاقى الاقتراح تأييدًا واسعًا، تلاه إنشاء مناسبة على «فيسبوك» لدعوة جميع الطلاب وتحديد الزمان والمكان والاتفاق على تفاصيل المشروع، الذي بدا حماس الطلبة تجاهه واضحًا.
أنشئت الدعوة، وعرض الطلبة الأمر على الهيئة الإدارية لكي تكون الأمور نظامية، فوافقت الإدارة على التقاط الصورة مشترطة رفع الأعلام فيها، وإلا فلن يسمح بالأمر برمته، وأكد (ر.م)، وهو أحد المنسقين مع الهيئة الإدارية، أن الأمر والشروط ليست قادمة من الهيئة نفسها، وإنما هي أوامر قد أتتها «من فوق»، ما أثار استياء كثير من الطلاب وأشعل غضب آخرين.
«ليش هيك حظنا.. كل الكليات تصوروا بدون شروط إلا نحنا؟»، تقول (ل. ن)، إحدى طالبات الدفعة، متسائلة عن سبب تخصيص كلية الطب بشرط رفع الأعلام، بينما التقطت صورة تذكارية جماعية مشابهة في كليات الصيدلة والعمارة والاقتصاد وغيرها دون شروط ولا أوامر، أما (م. ف) فقد عبرت عن موقفها من الأمر الإداري قائلة إن رفع الأعلام سيحول الأمر من مجرد صورة تذكارية إلى حدث ذي طابع سياسي وسيفرق الجمع.
(ر. م)، أحد منظمي الحدث، قال إن فرض وجود الأعلام سيثير حفيظة عدد لا بأس به من طلاب الدفعة، إلا أنه يرجو أن لا يكون هذا الأمر عائقًا أمام هذه الصورة التي «قد لا تتكرر»، أما أعضاء الهيئة الطلابية، الذين ينتمي غالبيتهم العظمى إلى صفوف المؤيدين والشبيحة المهيَّئين دومًا لقمع نواة أي تحرك احتجاجي طلابي سياسي، فقد التزم بعضهم الصمت وأعرب آخرون عن استيائهم من الشروط المفروضة.
ولأن طلاب الدفعة السادسة في الكلية مُنعوا من التصوير بسبب رفضهم هذا الشرط، فقد اقترح بعض الطلاب أن يلتقطوا صورتين، إحداهن بأعلام والأخرى بدونها سعيًا لإرضاء الجميع، والتزم طلاب آخرون الصمت مخفين انزعاجهم، في حين انسحب آخرون من الصورة، أما القسم الأكبر ففضلوا تجاهل وجود الأعلام والقبض على هذه «اللحظة السعيدة» لئلا تفوت من يدهم، فاللحظات السعيدة بالكاد تعود في مثل هذه الأيام.
وبعد الامتحان العملي، وتحديدًا في السابع من حزيران الحالي الموعد المقرر لالتقاط الصورة، اجتمع عدد من الطلاب في مدرج كلية الطب لأخذ الصورة التي أحيط بها العلم السوري من جانبيها، ولتتوسطها صورة الرئيس محمولة بيد طالبين من الدفعة، ما خلف ردود فعل متباينة بين الطلبة، تتساءل «هند» إحدى طلاب الدفعة: «صورة تذكارية هي ولا مسيرة تأييد؟».
وفي محاولة للالتفاف على الأمر قام بعض الطلبة بنشر الصورة على صفحاتهم الشخصية بعد قصها وإزالة صورة العلم، إلا أن محمد، الذي انسحب من الصورة رافضًا المشاركة، رأى أن قص الصورة غير كاف، ويقول «المشكلة ليست في الصورة الشخصية التي ستقوم بنشرها على صفحتك، وإنما بصورة الدفعة كلها التي يحيط بها العلم وتصطف خلف صورة بشار الأسد، ما ستوظفه الحكومة لصالحها، وهذه إهانة لكل طلاب الدفعة».
يذكر أن كلية الطب في جامعة دمشق كانت من أكثر كليات العاصمة حضورًا في النضال السلمي، وشهدت عدة نشاطات ثورية كان أبرزها توزيع المناشير ورمي القصاصات الورقية المناهضة لسفك الدم والداعية للحرية، ومنها الاعتصام السلمي بالمراييل والورود البيضاء بتاريخ 19/4/2011، الذي انقلب داميًا بعد دقائق بسبب اعتداء الهيئة الطلابية والشبيحة عليه، كما سبق أن تعرض طلاب الدفعة الخامسة لضرب عدد من طلابها واعتقال آخرين بسبب مشاركتهم في النضال السلمي، لعل من أبرزهم «يمان القادري».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :