يشترك الملفان السوري والليبي في نقاط عديدة، خاصة مع تركيز الإعلام الغربي والعربي عليهما مؤخرًا، لجهة تدخل نفس اللاعبين الدوليين والإقليميين بهما.
ومع مطلع العام الحالي، ربطت روسيا وتركيا الملفين السوري والليبي بشكل رسمي، عبر اتفاق مشترك للجانبين يقضي بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية في كلا البلدين.
جاء ذلك باتفاق أعلن عنه الرئيسان الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجيب طيب أردوغان، في 10 من كانون الثاني الحالي، وبدأ سريان “التهدئة” عند الساعة 00:01 فجر الأحد، 12 من كانون الثاني الحالي، بوقف الأعمال القتالية بين الأطراف المتصارعة في كل من ليبيا ومحافظة إدلب شمالي سوريا، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية.
ونشرت صحيفة “الشرق الأوسط” اليوم، الثلاثاء 21 من كانون الثاني، تقريرًا يحدد نقاط تشابه بين الملفين، موضحة أن دبلوماسيين غربيين قاربوا مسارات سوريا، في جنيف وفيينا وأستانة، بكثير من التشكيك، وأسقطوا الشكوك ذاتها على مسارات ليبيا.
وركزت أول نقطة على الشرعية والاعتراف الدولي، حيث يحظى النظام السوري باعتراف الأمم المتحدة رغم نزع دول غربية ذلك عنه، أما بالنسبة إلى ليبيا، فإن “حكومة الوفاق” برئاسة فايز السراج، هي المعترف بها دوليًا، لكن الدعم الروسي يختلف في الحالتين.
النقطة الثانية، سلطت الضوء على بيان “جنيف” السوري واتفاق “الصخيرات” الليبي، حيث شكل الأول مرجعية العملية السياسية في سوريا بعد إقرار من أمريكا وروسيا ودول إقليمية برعاية أممية في جنيف في حزيران 2012.
في حين شمل اتفاق “الصخيرات” الذي وُقّع في مدينة الصخيرات المغربية، في 17 من كانون الأول 2015، أطراف الصراع في ليبيا برعاية منظمة الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الثانية التي اندلعت في 2014، وتضمّن منح صلاحيات رئيس الحكومة لمجلس رئاسة “حكومة الوفاق الوطني”، الذي يترأسه رئيس الحكومة، وبدء مرحلة انتقالية تستمر 18 شهرًا، ونص على تشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام الجديد والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في حزيران 2014.
وأشارت النقطة الثالثة، إلى مؤتمر “فيينا” وقمة “برلين“، فبعد أسابيع على التدخل العسكري الروسي في سوريا، بدأت موسكو بقيادة مسار مؤتمر وزاري في فيينا بشراكة مع واشنطن ومشاركة اللاعبين الدوليين والإقليميين في تشرين الأول الذي أنتج في كانون الأول من العام نفسه بيان “فيينا” ثم القرار 2254.
أما بالنسبة إلى قمة “برلين”، فإن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، لجأ إلى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبل أشهر، كي يحثها على لعب دور بتوفير مظلة توافقات دولية- إقليمية لحماية تفاهمات الليبيين ودعم وقف النار وإطلاق مسارات سياسية وعسكرية واقتصادية، وباتت مخرجات قمة “برلين” المرجعية السياسية، كما هو الحال مع مؤتمر “فيينا”.
النقطة الرابعة، وفق تقرير “الشرق الأوسط”، تدور حول “مجموعة الدعم الدولية” و”مجموعة المتابعة الدولية”، وشُكلت الأولى من 22 دولة شاركت في مؤتمر “فيينا”، وصار ممثلوها يعقدون اجتماعات دورية في جنيف لمتابعة الملف الإنساني.
أما بالنسبة إلى “مجموعة المتابعة الدولية”، فإنها ستجتمع مرة في الشهر برئاسة البعثة الأممية لمتابعة تنفيذ قمة “برلين” الليبية.
“مسار أممي وإقليمي” هو محور النقطة الخامسة، التي لفتت إلى أن قمة “برلين” فتحت الباب أمام تشكيل لجنة عسكرية من ممثلي “حكومة الوفاق” وقوات حفتر (خمسة لكل منهما)، لتعقد اجتماعات في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة لتعزيز الهدنة، أما في الملف السوري، فإن الفجوة أوسع بين السوريين، بحسب “الشرق الأوسط”، مبررة ذلك بأن أمريكا وحلفاءها وروسيا وحلفاءها تكفلوا بذلك.
وأشارت إلى أن عقد الاجتماعات الليبية في جنيف يتماشى مع التجربة السورية.
وفي “المسار الإقليمي”، يرى التقرير أن روسيا أطلقته في أستانة بين الضامنين الثلاثة، روسيا وإيران وتركيا، حيث تناول أمور وقف إطلاق النار والعملية السياسية. وفي قمة “برلين”، جرى الاتفاق على مسار سياسي آخر. وبناء على الاتفاق السياسي الليبي (اتفاق الصخيرات)، أطلقت بعثة الأمم المتحدة عملية لتأسيس منتدى للحوار السياسي الليبي على أن ينعقد خارج ليبيا بحلول نهاية الشهر الحالي ربما في دولة إقليمية، وفق “الشرق الأوسط”.
النقطة السادسة، تحدثت عن “ثلاث قوائم”، تضمنت قمة “برلين” في مسارها السياسي، وتشكيل قائمة ممثلين للحوار السياسي تضم 40 ممثلًا سيتم اختيارهم بناء على مشاورات مع أطراف ليبية أساسية.
وبحسب التقرير، فإن القائمة ستضم 13 من “مجلس النواب” (تابع لحفتر) و13 من مجلس الرئاسة (تابع لحكومة الوفاق) و14 يسميهم المبعوث الأممي، أما في التجربة السورية، فتكفل المبعوث الأممي، غير بيدرسون، بتسهيل تشكيل لجنة دستورية، ممثلة من 50 من النظام و50 من المعارضة و50 يسميهم المبعوث الأممي.
“السلال السورية والليبية”، هي النقطة السابعة، فبعد أن أسفرت العملية السياسية السورية عن بيع روسيا مسار “السلال الأربع” إلى الأمم المتحدة، وفق “الشرق الأوسط”، بحيث تتضمن بحث ممثلي النظام والمعارضة، وملفات “مكافحة الإرهاب”، و”إصلاح الدستور”، و”الانتخابات” و”الانتقال السياسي”.
أما في ملاحق بيان قمة “برلين”، فجاء أيضًا اقتراح تشكيل “سلال ست”، شملت مسارات سياسية واقتصادية ومالية وأمنية وإنسانية وحظر السلاح.
وأشار التقرير إلى أن الخلاف في التجربة السورية كان حول أولويات البحث وتزامنه، ولن يخرج المسار الليبي عن ذلك.
النقطة الأخيرة، أشارت إلى “الملكية الليبية والسورية”، وجاء في التقرير فيما يخص هذه النقطة، أنه صحيح أن اجتماعي بيان “جنيف” ومؤتمر “فيينا” الخاصين بسوريا عُقدا من دون مشاركة السوريين، وصحيح أن قمة “برلين” التأمت من دون مشاركة مباشرة للمشير حفتر والسراج، لكن المسارين يشددان على أن العملية السياسية هي “ملكية وبقيادة سورية وليبية”، أي إن اللاعبين الدوليين تدخلوا لوقف التدخل.
–