هيثم مناع يبحث في لقاء مع عنب بلدي عن محور سوري- سوري

  • 2020/01/21
  • 7:32 م
هيثم مناع - 2011 (RTS)

هيثم مناع - 2011 (RTS)

حوار أسامة آغي

سوريا على مفترق طرق، وأغلبية الآراء تذهب إلى أن الواقع لم يعد يحتمل بقاء النزاع السوري على حاله، بعد أن صار عبئًا على جميع اللاعبين المنخرطين فيه، ولهذا يمكن استشراف رؤى من زوايا مختلفة ضمن المحتمل والممكن.

بما يتعلق بمآلات هذا النزاع، سواء لجهة حله السياسي أو استمرار النزف، تحدثت عنب بلدي مع المعارض السوري هيثم مناع، وهو مؤسس “اللجنة العربية لحقوق الإنسان”، ورئيس تيار “قمح”، وعضو اللجنة التحضيرية لـ”المؤتمر الوطني المستقل”.

الانطلاقة.. أول ثورة سلمية من الريف

خلق الحراك الشعبي في تونس ومصر والبحرين مطلع عام 2011 وضعًا ثوريًا عامًا في المنطقة، وكان من الصعب على تجمع المصالح الأمني- العسكري الحاكم في دمشق “فك شيفرة هذه الحالة الثورية”، أو عزل الشعب السوري عنها، على حد تعبير مناع.

وأكد انطلاق الثورة في درعا أن سوريا جزء من هذه الحالة، وأن مستقبل سوريا لا يمكن أن يكون خارج مفهومي الكرامة والحرية، وحسب رأي مناع فإن انطلاقة الشباب السلمية شكّلت “أول كسرٍ في التاريخ” لقاعدة عرفها البشر في القارات الخمس منذ الأبجدية الأولى، وهي أن ثورات الريف ودون استثناء “مسلحة”.

تظاهرت بلدات، مثل جاسم ودرعا ونوى وصيدا وطفس، بشكل سلمي، بحالة من الثورية المدنية “أفقدت السلطة الأمنية صوابها”، حسبما قال مناع، مشيرًا إلى أن النظام السوري “بدا عاجزًا عن فك شيفرة الشبيبة الثورية، التي في معظمها لم تكن شاركت قبلًا في إضراب أو مظاهرات أو في توزيع منشورات، في ظل النظام التسلطي الديكتاتوري”.

من أرض عبور إلى أرض ثغور

حادت مسارات الثورة مذ تدخلت “السلطات الجهادية”، التي حولت سوريا “من أرض عبور إلى أرض ثغور”، حسب اعتقاد المعارض هيثم مناع.

ولم تتحرر الحركات الإسلامية السياسية السورية من تجربة “الطليعة المقاتلة”، التي امتدت بين عامي 1978 و1982، وبهذا، ومع التمويل والإعلام الخليجي، اغتيلت سلمية الثورة، وتلاشت “لاءاتها الثلاث”، لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي، التي وقفت ضدها الدول “التي سمت نفسها صديقة الشعب السوري”، مع حرصها على أن يكون لها كلمة في تقرير المصير السوري.

وبرأي مؤسس “اللجنة العربية لحقوق الإنسان”، فإن الثورة السلمية المدنية لم تكن ستسقط الديكتاتورية في دمشق فحسب، بل “كانت ستترك أثرها الإيجابي على كل دول المنطقة”.

النظام ميت في القلوب والعقول.. من أين ستأتي النجدة؟

أشار مناع إلى أن التاريخ لا يتكرر إلا “مأساة أو مهزلة”، وبرأيه فإن النظام السياسي للأسد “مات في القلوب والعقول”، وأن إحدى مشاكلنا الجوهرية اليوم هي “خطأ التقدير والفهم لوضع المجموعة الأمنية الحاكمة في دمشق”.

حديث الأمن السوري عن “الانتصارات” يخالف سلوكه الدال على حالة “هلع وخوف” دائمين، ويعتقد مناع أن التحليل النفسي لهذه الحالة يدل على “حالة انعدام توازن”، وليس انعدام الثقة بالنفس فقط.

ووصف المعارض عناصر الأمن بـ”الكائنات الباثولوجية” التي تخشى الناس والمجتمع، مضيفًا أن تلك الحالة “لا يمكن للروسي ولا الإيراني أو التركي معالجتها”.

وبرأي مناع، فإن السبيل لمواجهة “المرض”، هو من خلال إقناع من يصنفون بالموالاة بالتحرر من فكرة أن السفينة ستغرق بالجميع في حال سقط النظام، ليمدوا أيديهم للمجتمع الأهلي والسياسي والمدني.

وأضاف أن في الجيش ومؤسسات الدولة هناك من يدرك ذلك، لذا نجد حالة ذعر في الأجهزة الأمنية، وخوف من الجميع، ونجد “مماطلات” في المواجهة مع “هيئة تحرير الشام”، باعتبارها آخر “محرمة كلينكس” في الحرب على “الإرهاب”، وبمجرد انتهائها، لا يوجد سوى الحل السياسي.

الائتلاف وُلد معاقًا

يعارض مناع، الرئيس السابق لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (الناشط في شمال شرقي سوريا وغير المنضوي في القوى السياسية الرئيسة في سوريا)، أي إعلان سيادي من جانب واحد، حسبما قال لعنب بلدي، مشيرًا إلى أهمية احترام القرارات الأممية عند تبنيها.

ووصف “الائتلاف الوطني المعارض” بـ”المؤسسة التي ولدت في حالة إعاقة دائمة”، مبررًا ذلك بشعارها القائم على “لا تفاوض ولا حوار”، وهو ما يلغي، حسب رأيه، صفة السياسة عنها، ويترك لها دور إعطاء الفتاوى “في الحيض أو النفاس أو البندقية”.

وقال مناع، وهو طبيب أيضًا، إنه أخبر سفير واشنطن السابق في دمشق، روبرت فورد، أن كل الحقن الدبلوماسية والمالية لا تعالج “الإيدز”، أي مرض نقص المناعة الذاتية.

وأشار إلى مسيرة الهيئة السياسية المعارضة، من مؤتمر “الدوحة”، لتوحيد المعارضة السورية عام 2012، “الذي أعمت نشوته البصائر”، ومؤتمر “رياض 1″، عام 2015، الذي رفضت فيه “هيئة التفاوض” الوجود الوطني الديمقراطي الوازن، قبل أن “تقصقص أجنحتها” بالصراعات البينية ما بين دول الخليج الداعمة، وتتلقى “الضربة القاضية” بالمواجهة السعودية- التركية، التي وصلت إلى “إضعاف التمثيل الوطني المستقل”، وهو ما اشتركت به كل الدول المؤثرة.

ضرورة مؤتمر “فيينا 3” لمحور سوري- سوري

لا استراتيجية غربية للسلام في سوريا، حسب رأي هيثم مناع، “فكل تصرفات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة آنية وموضعية، أو تقوم على مبدأ رد فعل، مع افتقاد الرؤية الشاملة”، في حين أن روسيا “تعمل بالقطعة”، وإيران “متخبطة”، والسياسة التركية تنطلق من مصالح تركيا المباشرة.

وأضاف مناع أن السوريين بحاجة لـ”عقد مؤتمر دولي حول سوريا”، يمكن تسميته “فيينا 3″، استكمالًا للاجتماعات السابقة لطرفي المعارضة والنظام برعاية أممية، “لكن يجب أن يكون موسعًا وبحضور أطراف سورية مهمة”.

وقال إنه لا يمكن السير في تطبيق جدي لبيان جنيف والقرار 2254، المتعلقين بالحل السياسي في سوريا، دون وجود جسم حواري سوري مستقل وقوي.

وأشار إلى أن المؤتمر، الذين يقوم على عقده عدد من الناشطين و”الوطنيين” السوريين ومن المزمع إقامته في نيسان المقبل، يريدون التحرر من التدخل الخارجي، مضيفًا “نقول لكل الأطراف المتدخلة في سوريا.. اتركوا الفرصة لنا مرة لنجتمع ونضع تصورنا للخلاص ونناضل من أجله، دون دولارات ولا خواجات ولا موبايلات”.

ويعتقد مناع أن “من حق السوريين أن يكون لهم محورهم الخاص، محور سوري- سوري، يتعصب لسوريا واستقلال قرارها”، ليتمكن من الخلاص، وهو ما سيعود على كل شعوب المنطقة بالفائدة، إذ بعد الاستقلال، الذي سيبرمج بخروج كل القوات غير السورية من البلاد، يأتي بناء “دولة ديمقراطية مواطنية حديثة”.

أثار هيثم مناع، ابن مدينة درعا والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، الجدل في أوساط المعارضة السورية لتنقله بين هيئاتها، ومواقفه التي اعتُبرت مضادة للثورة، من معارضة التسليح والدعوة لحوار النظام السوري والظهور عبر منابره الإعلامية.

مقالات متعلقة

لقاءات

المزيد من لقاءات