عنب بلدي – خاص
شهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا، في الأيام القليلة الماضية، عدة تحركات معارضة لسياسة النظام السوري الاقتصادية والسياسية.
ما الذي يحصل؟
بدأت هذه التحركات بصور تداولها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في 8 من كانون الثاني الحالي، لكتابات على الجدران ذكرت أسماء شهداء في الثورة السورية، ونادت بحرية المعتقلين والمختطفين.
تبع تلك الكتابات خروج مظاهرات لبعض أهالي المحافظة احتجاجًا على غلاء الأسعار وتراجع الأوضاع المعيشية والاقتصادية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 15 من كانون الثاني الحالي.
ووصل عشرات من المواطنين إلى أمام مبنى المحافظة، وقطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة الرئيسة وسط مدينة شهبا، بحسب ما نقلته صفحة “السويداء 24”.
كذلك وقف المحتجون أمام شركة “سيرياتيل” المملوكة لرجل الأعمال رامي مخلوف، قريب رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وسجلت الليرة السورية تدهورًا حادًا أمام الدولار الأمريكي، ووصل سعر الشراء مساء السبت، 18 من كانون الثاني الحالي، إلى 1170 ليرة للدولار الأمريكي الواحد بينما وصل سعر المبيع إلى 1210.
وسبّب تراجع قيمة الليرة السورية ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية، وأدى إلى فقدان بعضها في الأسواق، وفق ما رصدته عنب بلدي من مواقع التواصل الاجتماعي ومن مصادر محلية.
وتكرر خروج المظاهرات بشكل يومي، حتى كتابة هذا التقرير، في 18 من كانون الثاني الحالي، وحملت شعار “بدنا نعيش”، وهو الوسم الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين السوريين.
جذور المظاهرات.. سياسية أم مطلبية؟
ويرى المتحدث الرسمي باسم “هيئة التفاوض العليا” المعارضة، والمنحدر من السويداء، يحيى العريضي، أن جذور هذه المظاهرات “حقوقية”، واصفًا المحتجين “بالشباب الواعي والوطني والذي يمتلك أخلاقًا رفيعة”.
بينما يعتبر الصحفي عهد مراد، المنحدر أيضًا من السويداء، المظاهرات “مطلبية بحتة”، ويقول لعنب بلدي إن الشارع في المحافظة “غير مصطف سياسيًا ولا ينتمي لقوى المعارضة في معناها السياسي النمطي الموجود في الذاكرة السورية القريبة، لكنه في المقابل يعبر عن احتجاج صريح على الفساد ومآلاته وسلوك السلطة”.
وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا حول المظاهرات وطبيعتها، وأطلق بعض الناشطين عليها اسم “ثورة الجياع”، وهو ما ينفيه العريضي لعنب بلدي، إذ يقول إن المتظاهرين يريدون بلدًا “فيه سلام وأمان ويعود إلى الحياة”.
بينما يشير عهد مراد إلى انقسام حول العناوين العريضة بين المحتجين، إلا أنه يؤكد أن هذه المظاهرات خرجت من رحم “الصراع الطبقي”، بحسب رأيه، وهذا النوع من الصراعات يحرك التاريخ.
هل تمتد إلى محافظات أخرى؟
ورصدت عنب بلدي تعاطفًا بين سوريين مقيمين في مناطق سيطرة النظام السوري مع المظاهرات، وهو ما يفتح باب الأسئلة حول تأثير هذه المظاهرات على الواقع السوري على المدى القريب، ودفع محافظات سورية أخرى للاحتجاج، كما حصل في بلدان مجاورة.
ويعتبر عهد مراد أنه في حال “كُتب لهذه المظاهرات الاستمرار لعدة أيام أخرى، ستجد تجاوبًا في مناطق أخرى”، بينما يرى العريضي أن أهم الأحداث التاريخية في تاريخ المجتمعات الإنسانية، خلقتها تحركات مشابهة، مؤكدًا أن النظام السوري “مأزوم”، بحسب تعبيره.
ويعيش 83% من السوريين تحت خط الفقر بحسب تقييم احتياجات سوريا الخاص بالأمم المتحدة للعام 2019.
ومع انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، تزداد أسعار السلع في الأسواق بشكل متسارع، دون أن تفلح التحركات الحكومية بكبح الأسعار.
وسبق أن انخرطت السويداء بالاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح وإسقاط النظام السوري، وبدأت باعتصام نقابة المحامين، في 28 من آذار 2011، ليخرج طيف من مثقفيها في مظاهرات جابت المدينة في نيسان من العام نفسه.
وامتدت المظاهرات بعد ذلك إلى القريا وصلخد وشهبا وغيرها من مدن وقرى المحافظة، لتعتقل أفرع الأمن بسبب المظاهرات عشرات الناشطين، خاصة بين عامي 2011 و2012.