ربطت روسيا وتركيا الملفين السوري والليبي بشكل رسمي، عبر اتفاق مشترك للجانبين يقضي بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية في كلا البلدين.
جاء ذلك باتفاق أعلن عنه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي، رجيب طيب أردوغان، الجمعة 10 من كانون الثاني الحالي، وبدأ سريان “التهدئة” عند الساعة 00:01 فجر اليوم الأحد، بوقف الأعمال القتالية بين الأطراف المتصارعة في كل من ليبيا ومحافظة إدلب شمالي سوريا، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية.
وتلعب روسيا وتركيا دور “الضامن” لمحادثات أستانة، إلى جانب إيران، والتي تناقش الوضع في مناطق المعارضة عبر اتفاقية “سوتشي” الموقعة بين الطرفين في أيلول 2018، إلى جانب دعم اتفاق آخر موقع في 22 تشرين الأول والذي يخص مناطق شرقي سوريا.
وتشهد ليبيا صراعًا على الشرعية والسلطة بين حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليًا غربي ليبيا، والتي تتخذ من مدينة طرابلس الساحلية عاصمة لها، تحت قيادة رئيس الوزراء، فايز السراج، منذ عام 2016، والتي تدعمها الأمم المتحدة وتركيا وقطر، وبين اللواء خليفة حفتر، المدعوم من مجلس النواب بمدينة طبرق شرقي البلاد، والذي دعمته روسيا بمستشارين عسكريين، إلى جانب دعم مصر والإمارات له.
مراقبة في البلدين
وقالت ورارة الدفاع التركية، بعد ساعات على سريان الاتفاق المشترك في إدلب وليبيا، اليوم الأحد، إن وقف إطلاق النار في ليبيا وإدلب مستمر باستثناء حالة واحدة أو حالتين (خروقات).
وأضافت الوزارة أنه تتم مراقبة ممارسات وقف إطلاق النار في إدلب وليبيا عن كثب.
وأعلن “الجيش الوطني الليبي” بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وحكومة “الوفاق” في طرابلس، عن التزامهما بالتهدئة، استجابة للدعوة الروسية- التركية.
ولاقى اتفاق وقف إطلاق النار، وخاصة في ليبيا، ارتياحًا أمميًا ودوليًا، إذ رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) بالتهدئة، وحثت الطرفين على ”الالتزام بشكل صارم بوقف إطلاق النار وإعطاء فرصة للجهود السلمية لمعالجة كل الخلافات من خلال حوار ليبي- ليبي“، بحسب وكالة “رويترز“.
في هذه الأثناء، سجلت محافظة إدلب خروقات عديدة تمثلت بقصف مدفعي على بلدات ريف إدلب الجنوبي، بحسب المراصد العسكرية و”الدفاع المدني السوري”، إلى جانب اتهام الإعلام الرسمي السوري للفصائل المقاتلة في إدلب بخرق الاتفاق وقصف مناطق في ريف حماة الغربي من جهة، وسقوط قذائف صاروخية على مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عن مصدر في قيادة شرطة حلب، اليوم، أن مدنيين قتلا وثلاثة جرحوا، جراء اعتداء ما وصفتها بـ “التنظيمات الإرهابية” بالقذائف على حيي الشهباء الجديدة وشارع النيل بحلب، الأمر الذي لم تعلق عليه الفصائل في الشمال السوري حتى الساعة.
ومن المقرر أن يبدأ وفد تركي رفيع المستوى زيارة إلى روسيا اليوم الأحد، ويضم كلًا من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع، خلوصي آكار، ورئيس الاستخبارات، هاكان فيدان، مع توقعات أن يناقش الوفد مع نظيره الروسي الخطوات العملية لاتفاق الرئيسين، وخاصة حول إدلب.
ويأتي ذلك بعد لقاء الرئيسين، التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء الماضي، خلال زيارة الأخير إلى اسطنبول لتدشين مشروع “السيل التركي”، لضخ الغاز الروسي إلى تركيا.
وأصدر الرئيسان عقب القمة بيانًا ختاميًا تطرق إلى قضايا الشرق الأوسط، وخاصة الأزمة بين الطرفين في ليبيا وإدلب، وجددا الدعوات إلى ضرورة ضمان التهدئة في إدلب عبر تنفيذ جميع بنود الاتفاقيات المتعلقة بها، وخاصة اتفاقية “سوتشي” بين الطرفين، الموقعة في أيلول 2018.
وبينما تتزايد وتيرة الاتفاقيات بين تركيا وروسيا تجمعهما في نفس الوقت اتهامات في أكثر من ملف، وصلت إلى اتهامات بنقل مقاتلين سوريين تابعين للحليفين (موسكو وأنقرة) من سوريا إلى ليبيا.
على توقيت ليبيا
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحدث في 5 من الشهر الحالي، عن إرسال الجنود الأتراك إلى ليبيا.
وقال، “مهمة جنودنا في ليبيا تنسيق العمليات القتالية وتدريب وتبادل الخبرات للمقاتلين عن طريق مؤسساتنا الأمنية المختلفة، وسيتم التنسيق عن طريق مركز العمليات الذي افتُتح هناك، وسيوجد هناك ضابط برتبة ملازم أول تركي”، بحسب ما نقلته قناة “Trt Haber” وترجمته عنب بلدي.
وأردف الرئيس التركي، “سنقوم بتنسيق العملية القتالية عن طريق هذه المراكز، أما المقاتلون فسيكونون من فرق مختلفة وهم ليسوا من جنودنا”.
كما حذر أردوغان في وقت سابق من إرسال مرتزقة روس للقتال في ليبيا.
الأمر الذي علق عليه بوتين خلال لقاء مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في العاصمة الروسية موسكو أمس السبت بقوله، “حتى إذا كان هناك مواطنون روس، فإنهم لا يمثلون مصالح الدولة الروسية ولا يحصلون على أي أموال منها”، بحسب تعبيره.
وأضاف بوتين، “هناك كثير من المرتزقة المختلفين في منطقة النزاع، بما في ذلك، حسب المعلومات التي تتوفر لدينا، عدد كبير من المسلحين الذين تم نقلهم إلى ليبيا من منطقة خفض التصعيد في إدلب بسوريا. هذه العملية خطيرة جدًا”.