“البالة” المحلية بديل للأوروبية في أسواق ريف حمص
حمص – عروة المنذر
يلجأ السكان في ريف حمص الشمالي إلى أساليب جديدة في محاولتهم للحفاظ على الحد الأدنى من متطلبات الحياة، ومنها تأمين مسلتزمات العائلة من اللباس، الذي أصبح إحدى المعضلات الأساسية التي تواجه أرباب الأسر، ما دفعهم إلى الإقبال على شراء الألبسة المستعملة (البالة) التي شهدت رواجًا في السنوات الأخيرة بسبب تضاعف أسعار الألبسة الجديدة.
لكن “البالة” ارتفعت أسعارها، وأصبح من الصعب الحصول عليها من قبل المواطنين، لأنها مستوردة ويعتمد شراؤها من مصادرها على القطع الأجنبي حصرًا، ما فتح المجال لظهور محلات “بالة” محلية بديلة، تستقطب بضاعتها الألبسة الفائضة عن حاجة الأهالي.
ويستمر الوضع المعيشي للسوريين بالتدهور تزامنًا مع الانهيارات المتلاحقة التي تعصف بالاقتصاد السوري، وعدم ثبات سعر صرف الليرة السورية، الذي تخطى حاجز 980 ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي الواحد للمبيع، و970 للشراء خلال افتتاح أسواق تداول الليرة الأسبوع الحالي، وبالتالي فقدان القيمة الشرائية لها.
أسباب ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة و”البالة” الأوروبية
تعتمد أسواق الألبسة في سوريا،على عدد قليل من معامل ومشاغل الألبسة، موزعة بين محافظتي حلب ودمشق تغذي السوق المحلي بالألبسة الجاهزة، ويسعّر التجار البضاعة المنتجة من المعامل، حسب سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ما يجعلها عرضة لارتفاع (تفاوت) أسعارها بشكل دائم وفق تقلبات سعر الصرف.
وأكد أحد أصحاب محلات الألبسة في منطقة الحولة شمالي حمص، لعنب بلدي، أن باب المنافسة بين تجار الألبسة الجاهزة أغلق، والخيارات محدودة بالنسبة للباعة والزبائن، لأن البضاعة مكررة في كل المحلات وبأسعار مرتفعة، بسبب انخفاض عدد معامل الألبسة في سوريا بعد العام 2011.
أما “البالة” الأوروبية فهي بالنهاية بضاعة مستوردة، يُدفع ثمنها بالدولار، ولا يمكن الاستمرار بالعمل من دون رفع الأسعار، خاصة مع الانخفاض الأخير لسعر صرف الليرة السورية، ما جعل عددًا كبيرًا من الأهالي الذين كانوا يعتمدون على “البالة” الأوروبية عاجزين عن شرائها.
ظهور “البالة” المحلية
وظهرت في الأشهر الأخيرة ما تسمى بـ”البالة” المحلية كبديل لشراء ألبسة “البالة” الأوروبية والجاهزة، وهي عبارة عن ألبسة لم تعد العائلات بحاجة لها، تباع للمحلات التي تكمل العملية ببيعها لأشخاص آخرين.
“أم خالد”، سيدة في مدينة الرستن استبدلت الألبسة التي صارت صغيرة على مقاس أولادها واشترت بدلًا عنها، ومع مرور الوقت وتراكم البضاعة، أصبح بالإمكان أن تبدل قطعة الثياب التي لم تعد على مقاس أحد الأولاد بأخرى مستعملة على مقاسه، بدفع مبالغ بسيطة حسب مدة استعمال القطعتين.
وحرم ظهور “البالة” المحلية شريحة من الفقراء من الألبسة الفائضة عن الحاجة، التي كانت بالأصل تعطى لهم دون مقابل.
وفي تشرين الثاني 2019، أعلنت “المؤسسة العامة للصناعات النسيجية” في سوريا عن رفع أسعار الغزول القطنية والمصنعة لدى المؤسسة بنسبة 26%، مقارنة بالأسعار التي أقرتها المؤسسة مطلع العام 2019.
وكانت المؤسسة أصدرت عام 2016 قرارًا مماثلًا بزيادة سعر بيع الغزول القطنية بنسبة قدرت بنحو 10%، وترواحت أسعار كيلو الغزول آنذاك بين 750 و909 ليرات سورية.
كما أن قرارات مؤسسة النسيج في زيادة أسعار الغزول خلال عامي 2016 و2019، تلخص العقبة التي تعيشها صناعة النسيج في سوريا، والمتمثلة بإلزام المؤسسة النسيجية ببيع الغزول القطنية محليًا بالأسعار العالمية، ما يعني ربط سعرها بسعر صرف الدولار، وبالتالي ارتفاع سعر الألبسة الجاهزة.
وتراجعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التابعة للنظام السوري، عن قرارها بمنع استيراد الملابس المستعملة، في تموز 2018، التي كان ينظر إليها على أنها ردمت الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء في سوريا، كونها تركز على استيراد ألبسة الماركات العالمية والأوروبية، غير المتوفرة في سوريا، وبأسعار منافسة للملابس الوطنية الجديدة، لكن ذلك الآن لم يعد ممكنًا للأهالي في ريف حمص الشرقي وبعض المناطق السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :