عنب بلدي – إدلب
تقلصت خيارات السوريين في إدلب وهم يبحثون عن الأمن والاستقرار، مضطرين للازدحام في مخيمات الشمال، التي كانت تعاني أصلًا من نقص المساعدات مقارنة بالاحتياجات، ليواجه القطاع الصحي في المنطقة ضغطًا متزايدًا.
تعاني المراكز الطبية في شمالي إدلب من ضغط “كبير”، حسبما قال المدير الإداري لمستوصف “تجمع عطاء السكني”، الموجود في منطقة أطمة، نضال عرعور، لعنب بلدي، مضيفًا أنه وبالرغم من أعداد النازحين الواصلين فإن الدعم للقطاع الصحي لم يزد، بل انقطع عن بعض المشافي ضمن المنطقة الشمالية.
حاجات متزايدة والتلبية قاصرة
لم تتم توسعة أي مركز موجود سابقًا، مع وجود نقص في الكوادر الطبية والاختصاصيين والأدوية اللازمة للعلاج، حسب عرعور، مشيرًا إلى اضطرار المراجعين للانتظار ساعات طويلة للحصول على دور للمعاينة، مع تأجيل أعداد كثيرة منهم مواعيدهم لأيام لاحقة.
وبتقدير مديرية صحة إدلب فإن الدعم الدولي المقدم للمراكز الطبية قلّ بنسبة 40% عام 2019 مقارنة بالعام 2018، وقال رئيس شعبة الإعلام في المديرية، عماد زهران، لعنب بلدي، إن مديرية صحة إدلب تسعى لتأمين دعم للمراكز الطبية وتأمين المستهلكات الطبية ولكن دعواتها “لم تلقَ أي استجابة”.
وذكر تقييم الأوضاع الإنسانية لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) أن المنظمات الإنسانية تزيد من استجابتها في المناطق ذات النازحين الجدد، ولكن التزايد الكبير في أعدادهم مع الحاجات الموجودة سابقًا لتلك المناطق يعني الحاجة للمزيد من الدعم لكل المحتاجين في شمالي سوريا.
الأمراض التنفسية مرافقة للشتاء والنزوح
يعتبر الشتاء فصل الأمراض التنفسية العلوية والسفلية، حسبما قال المدير الإداري لمستوصف “تجمع عطاء السكني”، نضال عرعور، وتتزايد وتتضاعف أعداد المرضى وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
ويعاني الواصلون الجدد من معدلات أعلى من الأمراض المعدية، وكذلك يضطر معظمهم لمشاركة الخيام مع عائلات أخرى ما يزيد من انتشار الأمراض، وسجلت الأمم المتحدة ما بين 15 و31 من كانون الأول 2019، 15 ألفًا و671 حالة جديدة من الإنفلونزا وثمانية آلاف و338 حالة إسهال.
وما يفاقم الوضع ويزيد من حدته، هو عدم توفر وسائل التدفئة التقليدية، مثل المازوت والحطب، وغلاء ثمنها، واضطرار كثير من النازحين، حسبما قال عرعور، لاستعمال بدائل رخيصة، مثل الزيوت وفحم الحراقات والمواد البلاستيكية وألبسة البالة المستعملة، التي تنبعث منها “غازات سامة تؤثر بشكل كبير على الجهاز التنفسي”، وخاصة بالنسبة للأطفال ومرضى الربو.
وما زالت 109 مراكز صحية فاعلة في الشمال الغربي، وتعتبر صعوبة الوصول إلى الماء النظيف وعدم توفر الصرف الصحي الآمن من أسباب تزايد انتقال الأمراض المعدية، حسب تقرير “OCHA”، الذي أشار إلى بلوغ العديد من تلك المراكز في شمالي إدلب الحد الأقصى لطاقتها الاستيعابية، في حين مددت مراكز أخرى ساعات عملها لمواكبة احتياجات الواصلين الجدد.
المراكز التخصصية.. حاجة “رئيسة” ونقص “خطير”
صُنفت العيادات التخصصية من بين الحاجات الرئيسة في شمال غربي سوريا، وفقًا لتقييم “OCHA”، مع نقص في طواقم العمل ومعدات حمايتهم من الأمراض المعدية، مع ضرورة زيادة الدعم للعيادات المتنقلة، وخاصة فيما يتعلق بالأمراض المزمنة.
ويمثل نقص المراكز التخصصية خطرًا على حياة المرضى المصابين بأمراض معينة، مثل مرضى الكلى المحتاجين لغسيل الكلية مرتين أسبوعيًا على الأقل، وقال إعلامي مشفى “الهداية” التخصصي في بلدة قاح على الحدود التركية- السورية، مالك بكار، لعنب بلدي، إن عدد مرضى الكلى الذين يستقبلهم المشفى قد تضاعف، ما يثير الخشية من انقطاع مواد جلسات الغسل، وهو ما يهدد حياة المرضى.
وفي خطوة لزيادة المراكز التخصصية، أعلنت مديرية صحة إدلب، في 8 من كانون الثاني الحالي، عن افتتاح العيادة الاستشارية لجراحة القلب في مشفى “الهداية”، وذكرت أنه مشروع “طموح” لتجهيز مركز عام لجراحة القلب، سيكون “الأول من نوعه في الشمال السوري”، ومن المخطط أن يضم المركز عدة أقسام، هي عيادة جراحة القلب، وغرفة عمليات، وعناية مركزة بستة أسرَّة، وقسم استشفاء بعشرة أسرَّة.
وذكرت المديرية أن الهدف من افتتاح المركز هو التخفيف عن أهل الشمال وتقليل حالات التحويل للمشافي التركية ومناطق النظام، متوقعة أن يغطي حاجة 80% من أعداد المرضى المحولين إلى تركيا، ويقدم المركز خدماته “مجانًا” للمرضى، وقال بكار إن تنفيذ المشروع قد بدأ في المشفى.
ونزح منذ بداية كانون الأول 2019 حتى 8 من كانون الثاني الحالي، 312 ألف شخص، 80% منهم من الأطفال والنساء، وفقًا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) وباتت مدينة معرة النعمان وريفها فارغة تقريبًا، كما غادر آلاف المدنيين مدينة سراقب في ريف إدلب الجنوبي، نتيجة التصعيد العسكري لهجمة النظام السوري وحليفته روسيا.