عنب بلدي – ريف إدلب
تتفاقم معاناة النازحين الذين هجروا منازلهم، نتيجة حملة التصعيد العسكرية التي تشنها قوات النظام السوري وروسيا على ريف إدلب الجنوبي، منذ مطلع تشرين الثاني 2019.
أحصى فريق “منسقو استجابة سوريا” نزوح 66 ألفًا و583 عائلة، (379 ألفًا و523 نازحًا)، منذ تشرين الثاني 2019 حتى 9 من كانون الثاني الحالي، من سكان ريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
ويواجه عدد كبير من هؤلاء مشكلة جديدة غير النزوح، تتجسد في عدم عثورهم على أماكن للسكن في مدينة إدلب، ما اضطر بعضم للجوء إلى المساجد مع عائلاتهم، في حين لم يحالف آخرين الحظ في العثور على مكان، فقرروا افتراش الطرقات.
عنب بلدي استطلعت آراء عدد من النازحين المنتشرين في مدينة إدلب، الذين لم يتمكنوا من العثور على منزل، عبر برنامج “شو مشكلتك“، الذي تبثه عبر منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، يومي الاثنين والجمعة.
وبحسب الاستطلاع، فإن معظم النازحين هم من مدينة معرة النعمان بريف إدلب، كانوا قد فروا من شدة القصف، وتحت وطأة تهديد روسيا والنظام باقتحام المدينة، التي باتت منذ شهر تقريبًا خالية من السكان.
وعند وصولهم إلى إدلب، اصطدم كثير منهم بأزمة ارتفاع أسعار الإيجارات، التي تجاوزت في المتوسط 200 دولار، رغم تأكيد أصحاب المكاتب العقارية أن متوسط الإيجارات لا تتجاوز 100 دولار.
منازل مغلقة
رصدت عدسة عنب بلدي وجود عدد من المنازل الجاهزة للسكن، لكنها مغلقة بالحجارة وبالأقفال في مدينة إدلب، ويؤكد نازحون أن هذه المنازل تعود لأشخاص خارج مدينة إدلب، ولا يريدون لأحد أن يدخلها، لذلك أغلقوها بأبواب حديدية وأقفال وحجارة.
كما توجد في مدينة إدلب أبينة غير مجهزة بشكل كامل، من ناحية تمديدات الكهرباء والمياه، ويؤكد النازحون أن “حكومة الإنقاذ” لم تنقلهم حتى الآن إلى هذه المنازل رغم مطالبة النازحين بذلك.
ولفت جزء ممن قابلتهم عنب بلدي إلى أن الملعب البلدي في مدينة إدلب فيه غرف كثيرة، لم تفتحها أيضًا “حكومة الإنقاذ” أمامهم، وحمّلوها المسؤولية الكاملة عما يحدث معهم، لعدم تأمينها منازل لهم ولعدم فتح المنازل المغلقة بشكل مؤقت كي يلجؤوا إليها.
وفي ظل هذه الظروف، اضطرت عائلات كثيرة للسكن في غرفة واحدة، كبديل عن المساجد التي ينقصها التأهيل، وتفقد فيها النساء خصوصيتهن.
لماذا الإيجارات مرتفعة
أرجعت المكاتب العقارية ارتفاع إيجارات المنازل إلى مسألة العرض والطلب، بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.
وأشار عاملون في مكاتب عقارية قابلتهم عنب بلدي، إلى أن أصحاب المنازل يضعون شروطًا صعبة على المستأجر، كدفع ثلاثة أشهر سلفًا، وهذا أمر لا يطيقه النازحون لعدم امتلاكهم المال والعمل، وفق الاستطلاع.
وأوضحوا أن هناك أصحاب منازل ليس لديهم عمل، واتخذوا من تأجير منازلهم مصدرًا للرزق، ما أسهم في تعقيد وصعوبة الحصول على المنازل بعد ارتفاع إيجاراتها.
دور “الإنقاذ”
لنقل اتهامات وأزمات النازحين، التقت عنب بلدي مسؤول العلاقات العامة في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية في “حكومة الإنقاذ”، محمد غزال، الذي أكد وجود محاولات لضبط أسعار الإيجارات.
ولفت غزال إلى أن الحكومة أحصت الكتل السكنية والمنازل والمزارع، في منطقتين رئيستين بإدلب وريف حلب الغربي، في محاولة لتأمين مساكن جديدة، مضيفًا أن هناك مساكن جاهزة للسكن ولكن أصحابها غير موجودين، ومساكن بحاجة إلى صيانة وإعادة إعمار.
ورغم تأكيد النازحين أن “حكومة الإنقاذ” لا تبذل الكثير من أجل إسكانهم وتخفيف أزمة نزوحهم، لكن غزال شدّد على مسألة غلاء أجور المنازل بشكل عام، التي ضُبطت عن طريق “حكومة الإنقاذ”، عبر وزارة الإدارة المحلية والخدمات، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية في بعض الأحيان.