محمد الجبلي – ريف إدلب
منع تنظيم “الدولة الإسلامية” دخول النفط إلى الشمال السوري المحرر، تزامنًا مع المعارك التي يخوضها ضد فصائل المعارضة في ريف حلب، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المحروقات وبعض المواد الأساسية، عدا عن التأثير المباشر على شبكة الكهرباء التي تعتمد كليًا على “الديزل”.
تجارة النفط لاعبها الأساسي “داعش”
يأتي المازوت المكرر يدويًا أو النفط الخام، المعاد تكريره في المناطق المحررة بشكل أساسي، من الحقول النفطية المسيطر عليها من قبل تنظيم “الدولة”، كما تشتري جميع مناطق سوريا الخاضعة للأسد والمحررة والخاضعة لسيطرة التنظيم، تشتري إمداداتها النفطية من “داعش” بالدولار الأمريكي وتارة بالليرة السورية.
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، هناك اتفاق غير معلن بين النظام والتنظيم، يتم بموجبه تزويد مناطق الأخير والمناطق المحررة بمادة البنزين النظامي والمنتج في مصافي بانياس وحمص، مقابل تزويد نظام الأسد بمادة المازوت المعالج أو المكرر بطرق بدائية.
ويكون التزويد عبر وسطاء عدة، منهم آل درويش في قرية أبو دالي في ريف حماة الشرقي الخاضعة لسيطرة الأسد. ويعرف منهم عضو مجلس الشعب أحمد درويش، الذي يقود مئات العناصر التابعة للدفاع الوطني في المنطقة.
أما المناطق المحررة شمالًا في إدلب وحلب وريف حماة، فيزوها التنظيم إما بالمازوت المكرر في مناطقه وبطريقة بدائية، أو بالنفط الخام الذي يكرر في الشمال. وقد ازدهرت هذه المهنة مؤخرًا رغم ضررها الكبير على البيئة والصحة العامة.
التزويد يكون عبر تجار كثر، ومن خلال ريف حلب الشرقي مرورًا بريف حلب الشمالي ومنه إلى مدينة حلب أو إلى ريفي إدلب وحماة. وبناء على ذلك يكون ريف حلب الشرقي هو نقطة الانطلاق لتزويد الشمال المحرر بمادة المازوت.
التنظيم يخنق الشمال السوري
مؤخرًا ومع اندلاع المواجهات بين فصائل المعارضة وتنظيم “الدولة”، قُطع الطريق الواصل بين ريفي حلب الشرقي والشمالي، تزامنًا مع امتناع التنظيم تزويد الريف الشمالي بأي سلعة قادمة من مناطقه، كما سجلت حالات استهداف لسائقي سيارات شحن وهي في طريقها إلى مناطق التنظيم.
من جهتها منعت فصائل المعارضة المتواجدة في ريف حلب الشمالي، دخول أي سيارة قادمة من مناطق سيطرة “داعش” تخوفًا من حمولتها المجهولة، ولاسيما بعد الاستهداف المتكرر للمعارضة من قبل التنظيم بالسيارات المفخخة.
حديثًا، ومع استمرار قطع الطريق لأكثر من 11 يومًا (منذ اندلاع المعارك)، نفذ مخزون مادة المازوت في الشمال المحرر، كون الكميات المحتفظ بها تجارية تكفي أيامًا فقط، ما أدى إلى ارتفاع سعر الليتر الواحد من 85 إلى 210 ليرة سورية، إن وجد، ما اضطر أصحاب مولدات الطاقة الكهربائية التي تعمل على الديزل والتي تزود الأحياء بالكهرباء إلى تقنين ساعات وصل الكهرباء إلى المنازل حتى ساعتين فقط يوميًا.
أيضًا ارتفع سعر ربطة الخبز من 70 إلى 200 ليرة، مع إعلان بعض الأفران توقفها عن العمل، إضافة إلى ارتفاع سعر خزان المياه سعة 4000 ليتر من 700 إلى 1500 ليرة.
كما أعلنت بعض المشافي حالة الطوارئ مع اقتراب نفاذ مخزونها من مادة الديزل وعجزها عن تأمينه، كونه المصدر الرئيسي للكهرباء، في وقت يتجه فيه الشمال السوري نحو “غوطة جديدة”، مع عدم وجود حلول تلوح في الأفق.