سيرين عبد النور – دير الزور
مستخدمين ما بقي من أدوات ومواد في مخابر كلية العلوم في دير الزور وبعض المختبرات الطبية والتعليمية التي سيطر عليها التنظيم، يقوم بعض عناصر «الدولة الإسلامية» من طلاب الكليات العلمية بتجارب يشرف عليهم فيها عناصر مهاجرون أوروبيّون وآسيويون ذوو خبرة سابقة، على حد زعمهم.
يحاول هؤلاء إنتاج ما يحلمون أنه سيكون «أسلحة جرثومية وبيولوجية»، وإن كانت بدائية ومحدودة الأثر، لكنهم يجزمون أن هذه التجارب ستشكل بداية جيدة لتطوير التقنيات البيولوجية، كما يقول أبو مصعب، أحد المؤمنين بقيام «دولة الخلافة»، كما يعرّف نفسه، «التعب ضروري بداية كل أمر لكننا لا بد أن نصل في النهاية، وكما يمتلك الأسد سلاحًا جرثوميًا سيكون لنا أيضا سلاحنا».
الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره يرى ضرورة في «تطوير ميادين المعارف الحربية وتعليم الشباب المجاهدين كيف يدمرون أعداء الله بجميع الطرق من السيف إلى النووي»، وفق تعبيره.
السبيل إلى «شرع الله»
محاولات حثيثة يبذلها التنظيم في سعيه لامتلاك الأسلحة النوعية، وإن كانت بدائية الصنع، مستعينًا بالقدرات المحلية، خصوصًا من خريجي كليتي العلوم والكيمياء وبعض الكفاءات العلمية في صفوفه.
وقد خصص رصيدًا ماليًا لمثل هذه التجارب محاولًا توفير متطلباتها من السوق السوداء، سواء في المناطق الخاضعة لسيطرته أو أسواق الدول المجاورة، بما فيها بعض مناطق النظام، حيث اشترى بعض المواد الكيميائية من معامل في حلب وديرالزور.
ورغم توفير الظروف المناسبة للعناصر العاملين في هذه المشاريع في مختبراتهم البدائية، إلا أنه أخفى مواقعها عنهم وموّه عدة مواقع، كما يشير أبو مصعب «السرية مطلوبة لإتمام العمل فالعالم بأسره يحاربنا ويعمل على تدميرنا لأننا نسعى لإعادة مجد الإسلام والخلافة»، ما يجعل الحصول على معلوماتٍ تدور في فلك المختبرات مستحيلًا حتى من العاملين أنفسهم.
ويبدو الشاب واثقًا من انتصاره مع رفاقه بحلم «دولة الخلافة تشمل كل العالم وتدمر المشركين والكفار والمرتدين، وتقيم شرع الله في الأرض»؛ حلمٌ يراه قريبًا بهمة المجاهدين وعزيمتهم.
كان الحديث عن هذه المشاريع ضربًا من الخيال قبل أن يصرّح الأمير العسكري لمدينة دير الزور، أبو إسلام العسكري، خلال معارك الدير الأخيرة (تحديدًا في 10 أيار المنصرم أثناء تهديد أهالي الجورة والقصور) بوجود «غرف مغلقة» يتم فيها تطوير أنواع من الجراثيم لاستخدامها بشكل قنابل جرثومية بدائية.
هل استخدم التنظيم الكيماوي حقًا؟
تحتاج التجارب إلى إمكانات كبيرة وخبرات عالية، إلا أنّ بعض العناصر يتحدثون عن خبرات غربية وآسيوية تشرف على تطوير المشروع، وإن كانوا لا يهدفون إلى تحقيق إنجاز عظيم في هذا المجال سوى الوصول إلى أكبر أثرٍ ممكن.
وينفي معظم الباحثين والمراقبين إمكانية التنظيم صناعة وتطوير هذه القنابل، إلا أنهم يؤكدون سعي التنظيمات المتشددة منذ انطلاقتها لامتلاك مثل هذه الأسلحة.
واتهمت سلطات الإدارة الذاتية الكردية في العراق منتصف أيار الماضي التنظيم باستخدام غاز الكلور ضدّ قواتها، بينما يؤكّد ناشطون حقوقيّون شمال وشرق سوريا بأن عددًا من شحنات الغازات كان نظام الأسد يحتفظ بها -وإن كانت بكميات قليلة- وقعت في يد داعش بعد سيطرتها على أغلب مستودعات السلاح.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت في 30 كانون الثاني الماضي أن «أبو مالك»، وهو خبير بالأسلحة الكيميائية لدى «الدولة»، قتل في إحدى الغارات التي تنفذها طائرات التحالف الدولي.
ويعمل تنظيم «الدولة» بشكل مستمر على تطوير قدراته العسكرية ومنها زيادة تدريب كادره البشري وتحسين نوعية سلاحه بتأمين موارد مالية تكفل شراء الذخيرة التي تصل إليه عبر الحدود التي يسيطر عليها، إلى جانب ما استولى عليه من مخازن ذخيرة.
وأعلنت «الدولة» السنة الماضية امتلاكها لطائرات دون طيار استخدمت في السيطرة على مطار الطبقة والفرقة 17واللواء 137 في محافظة الرقة، كما أعلن التنظيم تدريب عدد من عناصره على قيادة الطائرات الحربية مستخدمًا ما وقع تحت يديه في مطارات منغ والطبقة.
وتبقى ساحات المعارك هي الميدان الوحيد الذي يمكن فيه اختبار صدق التنظيم ومعرفة حدود قدراته.
الأسلحة البيولوجية:
تتكون الأسلحة البيولوجية من مكونات بكتيرية سامة وتكمن خطورتها في انتشارها.
أشهرها: الجمرة الخبيثة والجدري الأسود، وتعمل على حرق الإنسان وتشويه جسده.
وضعت الولايات المتحدة عام 1995 قائمة تضم 17 بلدًا لديها برامج للأسلحة البيولوجية، من بينها إيران وسوريا والعراق.
بينما يصر القادة الروس على أنهم أوقفوا برنامجهم الخاص بالأسلحة البيولوجية منذ سنوات.
وكان لدى بعض الدول الأخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة برامج للأسلحة البيولوجية، ولكنها أنهيت في عام 1972 عندما أدى القلق العالمي إلى توقيع معاهدة تحظر إنتاج وتخزين هذه الأسلحة.
جربت بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية الجمرة الخبيثة كسلاح على جزيرة جرونارد الاسكتلندية؛ ولم تطهر تلك الجزيرة من آثار المرض حتى عام 1987.
بعد هجوم كيماوي شنه الأسد على غوطتي دمشق، سحبت الولايات المتحدة سلاحه الكيماوي، لكن النظام أخفى مواقع عن لجان التفتيش.
لكنها تجاهلت مخزون الأسد البيولوجي الذي يصنع في مركز البحوث العلمية، وفق شهادات سابقة، أبرزها عام 2008 للجنرال الأمريكي مايكل ميبلس