انتخابات 2021.. “استحقاق” أم إجراء “غير شرعي”

  • 2019/12/29
  • 1:17 م
امرأة تصوت في انتخابات مجلس الشعب - نيسان 2016 (تعديل عنب بلدي)

امرأة تصوت في انتخابات مجلس الشعب - نيسان 2016 (تعديل عنب بلدي)

مراد عبد الجليل | نينار خليفة | محمد حمص

مراكز اقتراع في المدارس والجامعات، صناديق عليها أسماء مرشحين، تملأ الجدران والشوارع صور لأبرزهم مع لافتات الوفاء بالعهد “للأبد”. صورة يرسمها النظام لـ”العرس الانتخابي الديمقراطي الجديد”، الذي ستشهده سوريا عام 2021.

وهو الموعد الذي حدده الدستور السوري عام 2012 لإجراء الانتخابات الرئاسية، التي سيكون بشار الأسد، المرشح الأقوى فيها لولاية رئاسية ثانية دستوريًا، وثالثة واقعيًا، وهو ما يجري الحديث عنه حاليًا في الإعلام الموالي، رغم التزام النظام السوري بالقرارات الأممية التي تربط الانتخابات بانتقال سياسي شامل، “مرضٍ لجميع السوريين”.

لا تعترف المعارضة السورية بشرعية إقامة الانتخابات في الوقت المحدد، لاعتبارات عدة أبرزها عدم الاعتراف بالدستور الحالي، وانطلاق أعمال اللجنة الدستورية السورية وما سيترتب عليها من نتائج يجب أن تسبق عملية انتخاب رئيس لسوريا.

رغم ذلك، لا تملك المعارضة خطة واضحة بشأن ما يعلن عنه النظام وروسيا من تحضيرات للانتخابات المقبلة، كما لا يتفاءل جميع أعضاء قائمتي المعارضة والمجتمع المدني في اللجنة الدستورية، في تمهيدها لانتخابات ترضي السوريين.

تناقش عنب بلدي في هذا الملف تصورات أطراف النزاع حول الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها بعد أقل من عام ونصف من الآن، ودور اللجنة الدستورية في التمهيد لها، إضافة إلى وجهات النظر حول شرعيتها، والخطوات الواجب اتخاذها حتى ذلك الحين.

انتخاب عضاء الائتلاف المعارض- 30 من حزيران 2019 (الائتلاف)

 

اختلافات المرجعية والهدف

النظام يسرع الخطى إلى 2021 والمعارضة خارج المشهد

تضع المعارضة السورية آمالها على تشكيل اللجنة الدستورية، وما سيفضي إليه من تشكيل دستور جديد يمهد لانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وبالتالي إمكانية إخراج رئيس النظام السوري بشار الأسد من المشهد السياسي.

إلى حد كبير، بدأ النظام ومن خلفه الحليف الروسي بمحاولة تمييع العملية الدستورية، عبر الدخول في استراتيجية المماطلة والتعطيل، وهو ما بدا واضحًا خلال الجولة الثانية التي عقدت في 29 من تشرين الثاني الماضي.

وبين الآمال المعقودة على اللجنة من قبل المعارضة وبين سياسة التعطيل للنظام وروسيا، تطرح تساؤلات حول الأهداف الروسية من وراء عمل اللجنة الدستورية، ومخططات الطرفين للانتخابات 2021، في ظل تصريحات متكررة من الأسد ومسؤولين في نظامه حول إجراء الانتخابات في وقتها ووفق الدستور الحالي (دستور 2012)، الذي تعتبره المعارضة السورية غير شرعي.

وتحاول عنب بلدي الوقوف على الأسباب التي دفعت روسيا للتأكيد والاشتراط بعدم تقييد عمل اللجنة بجدول زمني، إلى جانب استعداد الطرفين (النظام والمعارضة) للانتخابات، خاصة أن المشهد السياسي الحالي يشير إلى تحضير النظام لانتخابات 2021.

عين روسيا والنظام على 2021

يلاحظ المتابع والقارئ لتصريحات المعارضة السورية منذ تشكيل اللجنة الدستورية، التعويل الكبير عليها كـ”فرصة لبناء سياسي جديد” في سوريا، وهو ما أكد عليه رئيس “هيئة التفاوض”، نصر الحريري، خلال مقابلة مع وكالة “الأناضول” التركية في أيلول الماضي، حين اعتبر أن تشكيل اللجنة “انتصار حقيقي للشعب السوري”.

كما يرى عضو “الهيئة السياسية” في “الائتلاف المعارض” ياسر الفرحان، أن اللجنة الدستورية مهمتها محددة بلائحة إجراءاتها المتوافق عليها بين الأطراف والمعلنة في مجلس الأمن، والتي أسهمت المعارضة بجزء كبير من صياغتها، ووضعت فيها ما تريد من أجل أن تكون مأمولة النتائج.

ومن هذه الإجراءات صياغة مسودة دستور، تُعرض للموافقة عليها سواء عبر استفتاء عام أو بإقراراها من قبل مجموعة من المنتخبين (برلمان جديد أو جمعية تأسيسية منتخبة).

واشترط الفرحان في حديث لعنب بلدي توفر بيئة آمنة يمكن إقرار الدستور وإجراء الانتخابات في ظلها، معتبرًا أن البيئة الآمنة تستدعي تغيرات جذرية في رموز النظام وأركانه، إضافة إلى الخوض في قضايا المساءلة وعودة اللاجئين وبناء حالة من السلم الأهلي والتوافق الوطني، لبناء سوريا جديدة خالية من الإرهاب والاستبداد.

لكن الواقعية السياسية في الوقت الحالي، وما بدر من النظام السوري في الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة، والتصريحات الصادرة من قبل مسؤولي النظام وروسيا، تشير إلى مماطلة محتملة وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية في عام 2021، وإعادة انتخاب الأسد لدورة رئاسية جديدة، في ظل تشتت للمعارضة وعدم وجود رؤى ومحددات سياسية ثابتة.

ومن ضمن شروط عمل اللجنة الدستورية التي أصرت عليها موسكو، عدم تقييد عملها بجدول زمني وتركه مفتوحًا، وهو ما أكد عليه الباحث السياسي معن طلاع، الذي يعتقد أن الروس لم يربطوا اللجنة الدستورية بجدول زمني من أجل الوصول لانتخابات 2021.

إذ شبه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال كلمته في “مؤتمر المتوسط” في روما، في 6 من كانون الأول الحالي، عملية التفاوض على العملية الدستورية بـ”الصراع العربي- الإسرائيلي”، قائلًا “إذا نظرنا إلى الصراع العربي- الإسرائيلي أو المسألة الفلسطينية التي بدأت منذ 2001 وحتى اللحظة لم تنتهِ، ولا أحد يتحدث عن عدم تطبيق قرارات مجلس الأمن حول الصراع”.

وقال طلاع في حديث لعنب بلدي، إن روسيا تعتقد أن الحل يجب أن يكون وفق القانون الدولي، ولا يمكن أن يتم عبر التدخل العسكري، لكنها في كل مرحلة تقدم “إغراءات” مرتبطة بالأمور العسكرية كاجتماعات “أستانة” التي قضمت من خلالها المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل، كالغوطتين وريف حمص ودرعا.

أما “الإغراء الثاني” فهو اللجنة الدستورية، وهو ما تلعب عليه روسيا لإيهام المعارضة بأن اللجنة ستمهد لإجراء انتخابات يمكن عبرها إسقاط الأسد، لكن هذا الطرح مرفوض شكلًا ومضمونًا كونه لا يمكن إجراء انتخابات دون وجود حالة مستقرة، بحسب طلاع.

النظام يمهد للانتخابات

خلال الأشهر الماضية صدرت من مسؤولي النظام السوري تصريحات تؤكد إجراء الانتخابات في وقتها، وفق الدستور القائم دون تدخل خارجي، إذ أكد بشار الأسد خلال مقابلته مع قناة “روسيا اليوم”، في 11 من تشرين الثاني الماضي، على إجراء انتخابات 2021 بموعدها المحدد.

وقال، “بالتأكيد ستُجرى انتخابات عامة في العام 2021 في سوريا، وسيكون هناك عدد كبير من المرشحين”، في حين رفض إجراءها تحت إشراف الأمم المتحدة نهائيًا، وأكد أنها “ستكون بشكل كامل، من الألف إلى الياء، تحت إشراف الدولة السورية”.

كما جدد وزير الخارجية، وليد المعلم، خلال مقابلته مع القناة الروسية نفسها، في 24 من كانون الأول الحالي، كلام الأسد حول الانتخابات، وقال إن “الدستور لا يحدد كيف تُجرى الانتخابات، وإنما يحددها قانون الانتخابات، ولدينا قانون، أما إذ تم التوصل إلى توافق بين سوريين في اللجنة الدستورية إلى دستور جديد او تعديل الدستور القائم فستجري بموجبه وإلا ستجري وفق دستورنا القائم”.

ويرى الباحث معن طلاع أن كل الأمور الحالية تشير إلى الذهاب إلى الانتخابات، لكنها لن تكون وفق مفهوم القرار الدولي 2254، أي ليس ضمن السلال التي يناقشها القرار، الذي ينص على تأسيس هيئة حكم انتقالي غير طائفي، فضلًا عن أن النظام السوري ذاهب إلى استحقاقاته الدورية، بمعنى أنه لا يرى أن لديه أزمة سياسية، وعمل على إجراء كل استحقاقاته الانتخابية سواء المجالس الرئاسة والبرلمانية.

وسيكون إجراء انتخابات 2021 هو إعلان انتصار بالنسبة للنظام، وفق طلاع، إذ سيوحي الأسد أن السوريين يريدونه في السلطة للمرة الثانية، كما يريد تحويل كل الاستحقاقات من إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين والعقوبات الاقتصادية، إلى تحديات حكومية ليس فيها بعد سياسي.

أما روسيا فيمكنها الموافقة على إجراء انتخابات، وفق المفهوم الدولي لكن تحت “سياسة البازار”، أي عقد صفقة ما، إذ قد تطرح ملف الانتخابات مقابل الحصول على امتيازات مثل فك الحصار الاقتصادي وإعادة اللاجئين وإعادة الإعمار.

لكن بوجود نفس الاستعصاءات الحالية، من وجهة نظر طلاع، ستتكيف موسكو مع استحقاقات “الدولة السورية” وحاجتها لإجراء انتخابات، وفق الدستور الحالي.

عنصر من قوات النظام السوري بصوت في انتخابات مجلس الشعب- 13من نيسان (2016)

المعارضة لا تفكر في الانتخابات.. فما مهامها؟

في الجهة المقابلة، تلتزم المعارضة السورية الصمت حول الانتخابات المقبلة، كون أولوياتها الآن، بحسب عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” ياسر الفرحان، هي حماية المدنيين في إدلب، بسبب التصعيد العسكري من قبل روسيا والنظام السوري.

كما تركز المعارضة السياسية على تحقيق الانتقال السياسي وتوفير بيئة آمنة، إن كان للانتخابات أو لإقرار لمشروع الدستور أو صياغة مشروع دستور وتشكيل هيئة حكم انتقالي، مؤكدًا أن “المعارضة لا تنظر إلى موضوع الانتخابات 2021 بجدية إطلاقًا”.

ويرى الفرحان أن هذه الانتخابات، إن حصلت، فهي غير شرعية، كون النظام السوري غير شرعي، وفق القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتحديد “بيان جنيف”.

لكن من وجهة نظر طلاع، يُشترط للمعارضة أن تمتلك مجموعة من الأدوات قبل البدء بالانتخابات المقبلة، أهمها القرار المستقل، “فعندما لا تمتلك أدوات تشكيل فأنت لا تمتلك القدرة على تنفيذ الاستحقاق، وستبقى محددات العملية السياسية أسيرة شروط المجتمع الدولي”.

وفي حال امتلكت المعارضة دورًا سياسيًا وأدوات، يجب أن أن تضع خطوطًا عريضة، كتحديد جدوى العملية الانتخابية، والعمل على ورقة اللاجئين والمهجرين، وطبيعة الشروط التي تضعها، ومدى مرونتها.

كما يجب على المعارضة، من وجهة نظر طلاع، “ضمان عدم دخول مجرمي الحرب وعدم إجراء أي انتخابات إلا في طور بيئة آمنة، وأن يكون هناك برنامج انتخابي، إضافة إلى حل معضلة التمثيل الانتخابي للمهجرين داخل سوريا، خاصة الذين تم تغييرهم ديموغرافيًا من مناطق لأخرى”.

دستور 2012..

شروط تُفقد العملية الانتخابية نزاهتها

يستند النظام السوري في الانتخابات إلى الدستور الذي أقر عام 2012، الأمر الذي تعتبره المعارضة “غير شرعي”، بسبب الظروف التي أُقر بها، والتي لا تتناسب مع الوضع السوري، وخاصة إجراءات الاستفتاء عليه وطريقة وضعه وتفصيله بالقياس مع متطلبات رئاسة النظام الحالية.

حدد الدستور السوري المعمول به حاليًا في سوريا عدة شروط ينبغي توفرها في الراغب للترشح لرئاسة الجمهورية السورية ضمن المادة 84 من الدستور.

وذكر الباب الأول من الدستور ضمن مبادئه الأساسية في المادة الثالثة منه، أن يكون دين رئيس الجمهورية هو الإسلام، وشملت الشروط عدم جواز الترشح لمن يحمل جنسية ثانية، بالإضافة إلى الجنسية السورية، وتبلغ مدة ولاية رئيس الجمهورية سبع سنوات، ولا يمكنه الترشح سوى لولاية ثانية.

ويجب أن يكون المرشح متمًا 40 عامًا ومتمتعًا بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره، وغير متزوج من غير سورية، ومقيمًا في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشح.

ويشترط دستور عام 2012 على الراغب بالترشح، الحصول على تأييد خطي من 35 عضوًا من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد.

وتحدد الفقرة الأولى من المادة 86 من الدستور، أن يُنتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة دون تحديد الأرض التي هو عليها، سواء كان في دول المهجر واللجوء، أو كان على الأراضي السورية.

النقطة الأخيرة تثير مخاوف معارضين من إجراءات الانتخابات وفق دستور 2012، لوجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في الخارج، يُخشى حرمانهم من التصويت في الانتخابات بشكل نزيه ومستقل.

ويرى عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” ياسر الفرحان، أن أي انتخابات لا يشارك فيها اللاجئون السورين في ظروف وبيئة آمنة ومستقلة ومحايدة، “لا يمكن أن تكون شرعية”.

وأشار الفرحان، في حديث لعنب بلدي، إلى أنه في حال أقام النظام السوري انتخابات 2021 قبل تحقيق متطلبات البيئة الآمنة، وقبل ضمان إشراك كامل إدارة ورقابة الأمم المتحدة، لن تكون الانتخابات شرعية، وبالتالي لن يشارك اللاجئون.

كما “لن يشارك السكان في مناطق النظام بشكل نزيه وحر، وسيكونون تحت التأثير والضغوط التي ستفقدهم حريتهم في الاختيار”، وفق الفرحان.

رئيس النظام السوري بشار الأسد ينتخب مع زوجته في الانتخابات الرئاسية لعام 2014- شباط 2014 (AP)

استطلاع الرأي

بحسب استطلاع أجرته عنب بلدي عبر صفحتها في “فيس بوك” أجمعت أغلبية المصوتين على أن اللجنة الدستورية لن تتمكن من التمهيد لانتخابات نزيهة وحرة في عام 2021، وشارك في التصويت نحو 1600 مستخدم، 92% منهم اعتبروا أن اللجنة الدستورية عبارة عن وهم ومماطلة من قبل روسيا وإيران، حتى تسيطر قوات النظام على كامل مناطق المعارضة، في حين رأى 8% منهم أن للجنة دورًا مهمًا في التمهيد لانتخابات نزيهة.

وفق مرجعية “2254”..

هل تستطيع الأمم المتحدة منع الانتخابات على طريقة النظام؟

تعتبر المعارضة السورية القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول من عام 2015، المرجعية الأساسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.

وينص القرار، المؤلف من 16 مادة، في مادته الرابعة، على دعم عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون ستة أشهر حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.

ويحدد جدولًا زمنيًا لعملية صياغة دستور جديد، ويدعم انتخابات حرة ونزيهة تجرى عملًا بالدستور الجديد، فـي غضون 18 شهرًا تحـت إشراف الأمم المتحدة.

ومع خضوع النظام السوري للعملية السياسية للأمم المتحدة، فإن حديثه عن إقامة الانتخابات المقررة في موعدها لا يغادر لسان مسؤوليه، بالإضافة إلى المراوغة في العملية السياسية المتمثلة اليوم بعمل اللجنة الدستورية.

بينما لا تستطيع المعارضة السورية تأكيد التزام النظام السوري بمقررات الأمم المتحدة، أو إخضاعه من قبل المنظمة الدولية للعمل على الحل السياسي الذي قبلت به.

وحول اعتراف الأمم المتحدة بانتخابات 2021، يرى مدير البرنامج السوري للتطوير القانوني، إبراهيم العلبي، في حديثه لعنب بلدي أن التعويل لا يكون على المنظومة الدولية ككل برفض تلك الانتخابات أو التصرف حيالها، وخاصة في منظومة توجد بها روسيا والصين، اللتان تؤيدان النظام السوري.

وإنما يكون التعويل على الدول التي لم تقبل بالدستور القائم، ولم تقبل بالوضع السوري الحالي، وفق العلبي، إذ ترى بعض الدول أن الدستور الحالي شرعي، وتراه دول أخرى غير شرعي.

بدوره يرى عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف السوري المعارض” ياسر الفرحان، أن الأمم المتحدة هي التي أصدرت قرار مجلس الأمن وهي المسؤولة عن تطبيق قراراتها وحمايتها.

وأضاف لعنب بلدي، “مجلس الأمن والدول الأعضاء هم من كتبوا القرارات، وقبل بها السوريون، وبالتالي، إذا أرادوا أن ينقذوا مصداقية المؤسسات الدولية والعدالة الدولية والقيم والمبادئ التي تستند إليها منظمات الأمم المتحدة، عليهم أن يفعلوا شيئًا”.

مسؤول انتخابي مشرف على صندوق الاقتراع في انتخابات مجلس الشعب- نيسان 2016 (AP)

دور المجتمع المدني وتطبيق القرارات الدولية..

إلى أي مدى يمكن للجنة الدستورية تغيير واقع الانتخابات في 2021؟

منذ إقرار اللجنة الدستورية في مؤتمر “سوتشي” عام 2018، أُنيطت بها مهمة العمل على إجراء إصلاح دستوري عبر وضع دستور جديد للبلاد، أو تعديل الدستور الحالي، بما يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254.

ولم تسفر الجولتان من اجتماعات اللجنة الدستورية، اللتان عُقدتا في 31 من تشرين الأول و25 من تشرين الثاني الماضيين، عن أي نتائج ملموسة، ولا يزال المشهد ضبابيًا حول تمكن اللجنة من إجراء تغيير دستوري قريب من شأنه التأثير بواقع الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2021.

وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أعلن قُبيل انعقاد الجولة الأولى من اجتماعات اللجنة الدستورية عن التحضير لانتخابات عام 2021 التي سيتم التجهيز لها في اجتماعات اللجنة.

وقال خلال مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط”، في 24 من تشرين الأول الماضي، إنه عيّن شخصًا معنيًا بملف الانتخابات، ويقوم بدراسة كيفية وإمكانية إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقًا للدستور الجديد بموجب قرار مجلس الأمن 2254، تشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة.

وأشار بيدرسون إلى أن عقد الانتخابات وفقًا لأعلى المعايير الدولية يستغرق وقتًا طويلًا، ولهذا فقد بدأ التفكير في كيفية قيام الأمم المتحدة بالإعداد لهذه المهمة، من خلال الحوار مع الأطراف السورية.

المجتمع المدني الأقدر على توجيه الانتخابات

يشكل المجتمع المدني الشريحة السورية الأوسع بعيدًا عن الاصطفافات السياسية والحزبية، ولذلك هو الأقدر على توجيه المسار الانتخابي والسير بالنتائج لما يحقق مصلحة السوريين من كل الفئات، بحسب العضو في وفد المجتمع المدني ضمن اللجنة الدستورية سميرة مبيض.

وخلال السنوات العشر الماضية برز دور فاعل لمنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بالتوعية السياسية والاجتماعية، وفق مبيض، ما يعني أن يكون لها دور مهم في الانتخابات المقبلة للعمل على تفنيد البرامج الانتخابية، واستنباط توافقها مع الرأي العام وتحقيقها لمصالح السوريين، والدفع برؤى تعتمد على بناء المستقبل وليس على أيديولوجيات الماضي.

لكن مبيض أوضحت في حديث لعنب بلدي، أن هذه المهمة ليست سهلة لعدة أسباب، أهمها أن المجتمع المدني في سوريا ليس منظمًا بما يكفي ضمن نقابات أو منظمات مدنية تستطيع توجيه المسار العام نحو مصالح السوريين.

إضافة إلى أن العمل على إحياء منظومة المجتمع المدني، يتطلب إعطاء الزمن الكافي لتشيكل واستقرار تيارات تنبع من المجتمع وتسعى لتحقيق مصالحه.

على مستوى العملية، من المفترض أن تضع اللجنة الدستورية معايير الترشح للانتخابات “بما يمنع إعادة إنتاج النظام القمعي تحت أي شكل ومُسمّى”، بحسب مبيض، وتثبيت مبدأ فصل السلطات في الدستور، وضمان تداول السلطة، والتأكيد على حق التعددية السياسية.

وإضافة إلى ذلك سيكون من مهام اللجنة الدستورية التركيز على أهمية الانتخابات المحلية، ومنح الإدارات المحلية الصلاحيات لإدارة شؤونها التي من ضمنها الانتخابات، وذلك وفق مبادئ الشفافية والتوافق مع المصلحة الوطنية.

اجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية في جنيف – 30 تشرين الأول 2019 (عنب بلدي)

تهيئة المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات

أشارت سميرة مبيض، في معرض حديثها لعنب بلدي إلى الدور الرقابي الذي سيلعبه المواطنون في الانتخابات، “فكل منهم مسؤول عن حماية حقه في انتخابات حرة نزيهة، ورفض أي نوع من أنواع المساومة على حساب مصلحة وطنه ومستقبل أبنائه”.

وتوافق عضو وفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية صباح الحلاق، مبيض في رأيها، وترى، وفق ما قالته لعنب بلدي، أنه من المفترض حاليًا التدريب لتحضير المجتمع المدني والمنظمات لتكون قادرة على مراقبة الانتخابات.

ونوّهت الحلاق إلى ضرورة العمل بشكل أكبر على جميع آليات الانتخابات، وعلى قانون للانتخابات يُخصص له فصل ضمن الدستور الجديد، لتكون انتخابات 2021 حرة نزيهة، وليستطيع أي مواطن سوري أن يمارس حقه بكل قناعة وشفافية وأن يأخذ القرار الذي يرغب به، وذلك لأول مرة منذ خمسين عامًا.

وأشارت الحلاق إلى أن العمل يجري أيضًا على “جندرة الانتخابات” والتأكيد على مشاركة النساء، وأن يُخصص لذلك نص واضح وصريح في الدستور، يقول إن “لكل مواطن ومواطنة سورية الحق في الترشح للانتخابات”، و”أن تكون كل مسائل البرامج والقوائم ذات العلاقة بالانتخابات من منظور جندري، تراعي الفوارق بين النساء والرجال والفجوات بينهما، كما يجب التأكيد على مشاركة النساء في عملية التنمية المستدامة ومواصلة مسارات آليات العدالة الانتقالية”، حسب رأي الحلاق.

وسيكون على عاتق أعضاء اللجنة الدستورية بذل المزيد من الجهد في حال استكملت اللجنة مسارها، كما أنه على المجتمع المدني الإصرار على مراقبة الانتخابات والتحضير لذلك، والتأكيد على أن تتم تحت إشراف الأمم المتحدة.

وقف القتل أولًا

رغم التفاؤل الذي يبديه أعضاء اللجنة الدستورية بدورها في الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، لا يبدو هذا الرأي عامًا، إذ يرى الصحفي السوري المطلع على أعمال اللجنة الدستورية محمد العويد، أن متابعة اللجنة الدستورية لعملها مرهون بنجاح الطرفين الدوليين الرئيسين الأمريكي والروسي، بوقف قتل السوريين.

حينها، يمكن أن تنجح اللجنة بإقرار دستور تحت رعاية الأمم المتحدة، بشرط وجود “حكومة وحدة وطنية غير طائفية، وإطلاق سراح المعتقلين، وإقرار دستور جديد”، وعندها ستكون الانتخابات “جادة ومهمة ومحورية”.

وأضاف العويد في حديث لعنب بلدي أن المشكلة تكمن في خطوات النظام وداعميه، وغياب دور المجتمع الدولي، ما يقودنا قسرًا للتشكيك بأن المقبل من الأحداث ليس ما نصت عليه قرارات جنيف ذات الصلة.

وما يدل على ذلك، بحسب العويد، هو الانتخابات التمهيدية التي سيجريها النظام قريبًا في سوريا بشكل محلي الطابع، كانتخابات الوحدات الإدارية وأعضاء مجلس الشعب، وبعدها الانتخابات الرئاسية، إذ إن النظام يمضي بكل ذلك دون أي مراعاة للمرحلة المقبلة.

وأشار العويد إلى أن مهمة اللجنة الدستورية ستنتهي بانتهاء إقرار الدستور الجديد بموجب تكليفها الأممي، ومن المفترض أن تشرف على الانتخابات لجان محلية يرأس كل مجموعة منها مراقب دولي بدعوة من الأمم المتحدة.

هل يُعوَّل على اللجنة؟

ربط عضو مجموعة “المعارضة” في اللجنة الدستورية بدر جاموس، بين إجراء الانتخاب ونتائج اللجنة الدستورية، مشيرًا إلى ضرورة توفر شروط أساسية من أجل تحقيق انتخابات نزيهة في سوريا، تتمثل بتوفير بيئة آمنة ومحايدة، وقانون جديد للانتخابات، وفصل للسلطات، ولجنة عليا مستقلة للانتخابات، وهيئة حكم انتقالي تدير المرحلة، إذ “لا يمكن أن يكون النظام هو من يدير كل مفاصل الدولة ونقول إنه يمكن أن تكون هناك انتخابات نزيهة في سوريا”.

ولفت جاموس في حديث لعنب بلدي إلى أنه يجري العمل حاليًا على تأمين هذه النقاط والقوانين التي يجب تغييرها قبل الذهاب باتجاه الانتخابات، مؤكدًا أن “البيئة الآمنة” و”سلة الحكم” يجب أن تسبق أي شيء له علاقة بالانتخابات.

عضو وفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية غنى بداوي، أكدت لعنب بلدي، أن اللجنة ستكون مخولة بتحديد شكل الانتخابات المقبلة، وكيفية تفنيدها وتفصيلها، وذلك ضمن مبادئ عامة ستعمل في إطارها.

لكنها أشارت إلى أن اللجنة لم تصل بعد إلى المرحلة التي تكون فيها جاهزة لمناقشة ملفات مختلفة تحت الدستور، فقد كان اجتماعها الأول عبارة عن “كسر جليد” بين الأطراف الموجودة، لم ينتج عنه شيء.

وأوضحت بداوي أن أعضاء المجتمع المدني، ومنهم الموجودون في كندا، بدؤوا بالتفكير في كيفية العمل على التجهيز لتهيئة الجالية السورية من أجل المشاركة في انتخابات 2021، ولكن الموضوع قيد التفكير ولم يتم البدء به حتى الآن، على حد تعبيرها.

كما ترى عضو قائمة المجتمع المدني بضرورة عدم وضع آمال كبيرة على إنجاز الدستور، رغم أن هذا ما نص عليه القرار 2254، إلى جانب إجراء انتخابات مشروطة بإشراف الأمم المتحدة، الأمر المرهون بعمل جميع الأطراف على هذا الملف، الذي بدأ المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون، بالتحضير له.

مقالات متعلقة

في العمق

المزيد من في العمق