عنب بلدي – حباء شحادة
يتداول سوريون مجددًا صورًا لنازحين على الحدود السورية- التركية، تحمل وجوههم حكاية تعب مستمرة منذ تسع سنوات، لتكون المنطقة محور نداءات الاستغاثة الإنسانية العالمية عامًا تلو آخر.
رغم إفراز منطقة شمال غربي سوريا تجارب محلية و”حكومتين” بديلتين لحكومة النظام السوري، وتمتعها بحكم شبه ذاتي منذ عام 2014، ووجود مقومات اقتصادية يمكن الاعتماد عليها في التنمية، تتكرر تحذيرات الأمم المتحدة من آثار الجوع والفقر في المنطقة التي تعرف بغناها الزراعي ووفرة صناعاتها، فأين موارد الشمال وكيف يعجز عن إطعام أبنائه؟
الزراعة لا تكفي
منذ خروج منطقة شمال غربي سوريا عن سيطرة النظام السوري، عام 2014، وتعاقب مؤسسات وقوى فصائل المعارضة عليها، ارتفعت معدلات الفقر من 76% إلى 87% عام 2019، وفقًا لتقديرات فريق “منسقو الاستجابة“، الذي حمّل المسؤولية لغياب العمل المؤسساتي في الزراعة والصناعة والتجارة.
ورغم ما تملكه المنطقة من موارد تسمح لها بالوصول إلى “الاكتفاء الذاتي”، حسبما قال نائب وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الله حمادي، لعنب بلدي، وأهمها المواد الغذائية من حبوب وزيتون وخضراوات، فإن السكان ما زالوا غير قادرين على تحمل عبء ارتفاع الأسعار ونقص الدخل، حسب تقدير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
وبحسب دراسة للحالة الإنسانية في شمال غربي سوريا، أجرتها مبادرة “Reach” في أيلول الماضي، مسحت خلالها 1051 من “المجتمعات المحلية” (قرى وبلدات) ضمن المنطقة، فإن أغلب العائلات لا يتعدى دخلها الشهري 50 ألف ليرة سورية (نحو 80 دولارًا بحسب موقع الليرة اليوم حينها)، و941 من المجتمعات لا يكفيها مدخولها لتأمين احتياجاتها الغذائية.
واعتمدت 80% من الأسر على الاستدانة لتأمين احتياجاتها، و56% على إرسال أطفالها للعمل، و22% على تقليل حجم وجباتها، و11% على تقليل عدد الوجبات، و10% على بيع ممتلكاتها.
وترواحت مصادر دخل العائلات في شمال غربي سوريا، وفق الدراسة، ما بين اعتماد 85% على العمل اليومي غير المستقر، و84% على ما تملكه من أراضٍ زراعية، و60% على التجارة أو الصناعة، و14% على التحويلات من خارج البلاد، و13% فقط على الرواتب الثابتة.
وبرأي المدير التنفيذي لـ”وحدة تنسيق الدعم” (ACU)، التابعة لـ”الائتلاف الوطني المعارض”، محمد حسنو، فإن سبب تأخر الاستجابة التنموية لمؤسسات المعارضة يرجع إلى هيمنة الاستجابة الإنسانية، التي بقيت ملحة طوال أعوام النزاع.
وقال حسنو لعنب بلدي، إن التنمية بحاجة أولًا للاستقرار، وأشار إلى أن “الائتلاف” أنشأ من خلال “الحكومة المؤقتة” وزارة للاقتصاد منذ عام 2013، عملت على إقامة “مؤسسة الحبوب” التي تعنى بالمخزون الاستراتيجي للقمح، إلا أن مجموعة من العوامل وقفت في وجه تطوير خطط الوزارة ومشاريعها.
ورغم الدور الذي تلعبه الزراعة في شمال غربي سوريا، فإنها ليست الرافد الوحيد للاقتصاد، مع أهمية موقع المنطقة الاستراتيجي كطريق للنقل والتبادل التجاري، الذي كان وما زال أساسيًا للاقتصاد السوري.
“شريان” للنظام “لن يتخلى عنه”
لفت رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في لقائه مع قناة “الإخبارية السورية“، في 31 من تشرين الأول الماضي، إلى طبيعة العلاقة “المعقدة”، حسب وصفه، مع من دعاهم بـ”الإرهابيين”، لتأمين البضائع والقطع الأجنبي للدولة السورية.
وقال، “تحرير منطقة قد يلغي الدولار الذي كان يأتي لمصلحة الإرهابيين، الذين كانوا يصرفونه لشراء بضائع من جانب، أو لضخه من جانب آخر، وكانت إحدى أدوات الدولة هي الاستفادة من هذا الدولار، فالأمور ليست مطلقة بالطبع، ولا نستطيع أن نقول إن الإرهابي كان يخدمنا في هذا الشأن.. وليس كل ما هو إيجابي يعني أنه سينعكس إيجابًا. لذلك أقول إن الموضوع معقّد”.
ورغم التصعيد العسكري تجاه إدلب، الذي ازدادت وتيرته منذ شباط الماضي، لا تنقطع الحركة الاقتصادية عبر المعابر، بل تنتقل لمناطق أخرى أو تخف وتيرتها مؤقتًا، حسبما قال الباحث الاقتصادي خالد التركاوي لعنب بلدي.
وحرصت “هيئة تحرير الشام”، الفصيل الأكبر في المنطقة حاليًا، على متابعة السيطرة على المعابر خلال معاركها، وعدم قطع العلاقات مع الأطراف التي تحاربها، حسبما كتب التركاوي في بحث “اقتصاديات الحرب في سوريا“، المنشور في مركز “جسور” للأبحاث في تشرين الثاني عام 2018.
ومثلت إيرادات هذه المعابر مصدرًا مهمًا للموارد المالية في شمال غربي سوريا، إلا أنها لم تنعكس على نمو المنطقة الاقتصادي، حسبما ذكر تقرير فريق “منسقو الاستجابة“، الذي أشار إلى أن 80% من المسافرين والبضائع تمر عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا (تديره إدارة مدنية مستقلة وتنسق مع هيئة “تحرير الشام”)، و20% تعبر من باب السلامة في ريف حلب الشمالي الواقع تحت سيطرة “الحكومة المؤقتة”.
وأشار نائب وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الله حمادي، إلى أن المعابر مع تركيا تؤمّن احتياجات شمال غربي سوريا من المواد الاستهلاكية والأولية. وكتب التركاوي في بحثه أن “تحرير الشام” اتجهت للسيطرة على معبر باب الهوى لاحتكار التبادل التجاري عبره من خلال تجار معتمدين من قبلها.
وتعمل إدارة باب الهوى على التخفيف من آثار وقيود القوى المتصارعة عليها، من خلال توجيه قسم من إيرادات المعبر إلى الخدمات الطبية والتعليمية وترميم البنى التحتية، وأما واردات معبر باب السلامة فهي تودع في فرع لبنك تركي وتتجه لدفع رواتب الجيش الوطني، حسبما ذكر بحث “اقتصاديات الحرب في سوريا”.
مثلت تلك التعاملات الاقتصادية والتجارية عبر المعابر من تركيا إلى الداخل السوري “شريانًا” للنظام، حسبما وصف المحلل الاقتصادي يونس الكريم، الذي قال لعنب بلدي إن النظام لن يتخلى عنها (المعابر) ليحصل على ما يريد من تخفيف ضغط فقدان الدولار في مناطقه، وذلك بالضغط العسكري على مناطق المعارضة للتوصل إلى “تسوية اقتصادية”، تجبرها على مداومة التعامل بالعملة المحلية.
بدائل لليرة السورية.. إيجابيات وسلبيات
ولكن انخفاض قيمة العملة المحلية، وملامسة سعر الصرف حاجز الألف ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، في تشرين الثاني الماضي، دفع بعض المجالس المحلية للإعلان عن سحبها فئة الألفي ليرة سورية، والتوقف عن تداولها، وسط دعوات لاستبدال العملة التركية أو الأمريكية بالليرة السورية بشكل كامل في السوق الشمالي المفتوح، للتحرر من نير “الاستبداد” ومشاكله الاقتصادية في آن واحد.
وبحسب نائب وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الله حمادي، فإن المنطقة بإمكانها قطع علاقاتها التجارية مع النظام السوري، والهروب من تأثير قيمة العملة التي “تهوي”، كما أن بإمكانها التعامل بالدولار الأمريكي، كما هو حاصل في أسواق مناطق الدانا وسرمدا شمالي محافظة إدلب.
وأشار حمادي إلى أن التجارة من الممكن أن تتم مع تركيا وعن طريقها بالليرة التركية أو الدولار، للابتعاد عن الانعكاسات السلبية للسوق المحلي، وقال إن “المناطق ليست بحاجة للتعامل مع النظام بشأن المواد الغذائية، أما المواد غير الغذائية فيمكن تأمينها عن طريق التجارة مع تركيا”.
إلا أن المحلل الاقتصادي يونس الكريم رأى أن الفائدة الاقتصادية للتعامل مع مناطق النظام لا تقتصر على مصلحته، ففرق السعر بين المنتجات السورية الرخيصة ومثيلتها التركية يدفع مناطق المعارضة لمداومة التبادل التجاري، مقدمة المواد الطبيعية الخام، وخاصة الزراعية، للجنوب، ومستوردة المواد المصنعة بالمقابل.
كما نفى المحلل الاقتصادي إمكانية تطبيق دعوات مقاطعة العملة السورية بشكل سريع، دون دراسة تقي المنطقة من “التخبط” لوجود وسائط عدة للنقد والمقايضة، من الليرة السورية والتركية والدولار واليورو والذهب، وهو ما يسبب غيابًا لـ”الاستقرار الاقتصادي”.
ووصف الكريم اقتراح الليرة التركية كبديل بـ”غير المناسب”، مشيرًا إلى ما تواجهه تركيا من تهديد أمريكي مستمر بتوجيه “ضربة” لاقتصادها، لذلك لا تعد عملتها “حافظة للقيمة”، إضافة إلى فرق السعر بين المواد السورية المصنعة في مناطق النظام وتلك المصنعة لدى الأتراك، لعدم وجود نظام ضريبي فاعل في شمال غربي سوريا، وهو ما يبقي اعتماد المواطنين على البضائع السورية لا على التركية.
وتفتقد الليرة التركية القدرة على أن تكون “وحدة للحساب”، حسب رأي المحلل الاقتصادي، “لأن تسعير السلع بعملة جديدة يحتاج إلى إعادة تشكيل الدورة الاقتصادية والتعود على العملة”، لذلك يقتصر استخدامها على البضائع المتوسطة القيمة.
وفي حال أرادت المعارضة تنفيذ تهديدها بالتوقف عن التعامل بالعملة السورية، فإنها بحاجة لـ”خطة” تضمن نجاحها، لأنه على الرغم من “صحة” مبادرتها، لم تكن في الزمان ولا المكان المناسب، حسب تعبير الكريم.
واعتبر الكريم أن سحب الليرة السورية بـعشوائية “يثير الفزع”، وتطبيقه بحاجة لمؤتمر حقيقي من مراكز الأبحاث والمحللين الاقتصاديين لتداول القضية “بشكل واضح”، يتم بعده نشر مقالات لتوعية المواطنين والاستخدام التدريجي للعملة الجديدة، التي يجب أن يتم اختيارها وفق مؤشرات مدروسة.
وأشار إلى أن سحب فئة الألفي ليرة سورية من مناطق المعارضة (وهو ما أعلنته مجالس محلية في شمالي حلب)، والاعتماد على الفئات الصغيرة من الألف والـ500 والـ200 ليرة، التي لا يمكن إعادة طباعتها “لأن مطابعها محتجزة لدى المصانع الأوروبية”، سيؤدي إلى “إرباك النظام”، نتيجة توفر كم “هائل” من القطع النقدية المحلية في مناطقه مقابل تناقص السلع لتوقف الاستيراد، وهو ما سيقود لزيادة التضخم واختفاء القطع النقدية المتوسطة والصغيرة.
ويرى الكريم أن على مناطق المعارضة التخلي حتى عن الفئات الصغيرة من العملة، “تدريجيًا”، وعلى سكانها الاعتماد على “الذهب” لحفظ قيمة أموالهم، والابتعاد عن المضاربة بالعملة “فكلما زادت الأرباح زادت المخاطر”.
لا اقتصاد دون أمن
أرجع تقرير لـ”البنك الدولي” الحال الاقتصادي المتردي في سوريا، رغم ما تملكه من موارد، إلى الحرب، التي سببت خسارة الناتج المحلي الإجمالي بـ226 مليار دولار، بين عامي 2011 ونهاية 2016.
واعتبر التقرير نزوح وهجرة اليد العاملة والدمار الذي عانته سوريا، من أهم أسباب تراجعها الاقتصادي، وتفيد دراسات دولية اعتمد عليها البنك الدولي أن تحقيق التطور الاقتصادي في البلاد التي عانت من الحرب ممكن “بعد إحلال السلام الشامل”، مع تقدير فترة 15 إلى 20 عامًا للعودة إلى نمو ما قبل الحرب.
ويشكل النازحون والمهجرون في شمال غربي سوريا 49% من إجمالي عدد السكان البالغ 4.3 مليون نسمة، وفقًا لتقرير فريق “منسقو الاستجابة“، الصادر في 27 كانون الأول الحالي، والذي رصد سيطرة النظام السوري وحليفته روسيا على سدس مساحة مناطق سيطرة المعارضة خلال الهجوم المستمر منذ بداية العام على ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي.
وقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، اضطرار 1.3 مليون شخص للنزوح في شمال غربي سوريا منذ بداية العام، منهم 180 ألفًا خلال كانون الأول الحالي، نتيجة التصعيد العسكري الأخير منذ منتصف الشهر الحالي، مقارنة مع 70 ألفًا خلال تشرين الثاني الماضي.
ويضطر النازحون لترك أعمالهم ومصالحهم ويواجهون صعوبة في ممارسة نشاطاتھم الإنتاجیة في المناطق التي نزحوا أو انتقلوا إلیھا بسبب الحاجة إلى موارد مالیة لا تتوفر لدیھم أو لم یتم توفیرھا لھم، وفق دراسة للأمم المتحدة صدرت بداية العام الحالي.
وكان شمال غربي سوريا من أولى المناطق التي تعرضت للاستهداف بالقصف العسكري منذ بداية النزاع السوري، ما سبب دمارًا واسعًا في بنيته التحتية. وخلال عام 2019 وحده استُهدفت أكثر من 300 من المنشآت الصحية والتعليمية ومحطات المياه والكهرباء والأفران والمراكز الخدمية، وفقًا لتقديرات فريق “منسقو الاستجابة”.
وسبب ارتفاع نسبة الدمار واستمرار القصف خروج أعداد متزايدة من المنشآت الإنتاجية والخدمية والبنى التحتية عن العمل والإنتاج كليًا أو جزئيًا، وفقًا للدراسة الأممية، التي أشارت إلى الارتفاع المستمر بتكاليف إعادة تأهيلها وتشغيلها نتيجة الارتفاع بسعر القطع الأجنبي اللازم لاستبدال آلاتها وتجهيزاتها.
واعتبر وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، في حديثه لعنب بلدي، أن غياب “البيئة الآمنة” حرم المنطقة من تنفيذ استثمارات كبيرة لابتعاد أصحاب رؤوس الأموال، وأعاق إقامة الخطط والمشاريع والقوانين الاقتصادية.
استراتيجيات اقتصادية.. حبر على ورق
هيمنت “حكومة الإنقاذ” على محافظة إدلب، منذ سيطرة “هيئة تحرير الشام” عليها عام 2017 وإبعادها “الحكومة المؤقتة” إلى ريف حلب الشمالي والشرقي.
لم تكن كثرة المتنازعين لإدارة تلك المناطق من مصلحة الشعب السوري، حسب رأي المدير التنفيذي لـ”ACU”، محمد حسنو، الذي أشار إلى ضرورة وجود مؤسسة تحتكر المال والقرارات لتتمكن من وضع السياسات الاقتصادية الملائمة ولا تكون عرضة لتدخلات فصائل أو منظمات.
كما وقف افتقار “الحكومة المؤقتة” للاعتراف القانوني في وجه القطاع الاقتصادي، مع عدم “جدية” الحل السياسي من المجتمع الدولي، حسب تعبير حسنو، ما سبب طول أمد النزاع واستمرار الخيارات العسكرية والعنف والتهجير والنزوح وغياب الاستقرار والأمان الاقتصادي.
وأضاف حسنو أنه مع خروج موارد مالية مهمة عن سيطرة “الحكومة المؤقتة”، من المعابر وموارد الجباية، بقيت الهيئات الاقتصادية تعمل على شكل “مبادرات” من المجالس المحلية، التي شكلت مكاتب اقتصادية اصطدمت بسيطرة الفصائل العسكرية، وغاب عنها التنظيم والاختيار المدروس للكوادر المؤهلة.
وأوضح مصدر في “الائتلاف” لـعنب بلدي، طلب عدم ذكر اسمه، أن بعض الأشخاص ورؤساء “الائتلاف” وضعوا استراتيجيات اقتصادية، “بغض النظر عن مطابقتها للواقع أم لا”، لكن طريقة توزع الموارد في الداخل السوري واقتسامها والجهات المسيطرة عليها جعلت من هذه الدراسات “حبرًا على ورق”.
وتحدث المصدر عن سبب آخر في تعطيل تنفيذ الاستراتيجيات، وهو غياب الإرادة الدولية لتحويل الثورة السورية إلى عمل مؤسساتي منظم في الداخل السوري، مشيرًا إلى أن تلك الإرادة تبدأ من تركيا.
وأرجع الباحث الاقتصادي، مناف قومان، غياب طرح خطط أو مشاريع اقتصادية ودراسة قوانين اقتصادية من قبل المعارضة إلى ثلاثة أسباب، الأول متعلق بالشرعية التي تقتصر على حكومة النظام السوري ومؤسساته ومسمياته من قبل الأمم المتحدة، والثاني يعود إلى استمرار القصف على مناطق المعارضة ما يخلق بيئة مضطربة.
أما السبب الثالث فأرجعه قومان إلى تشرذم المعارضة وعدم توحد المؤسسات في حكومة واحدة، وخاصة المجالس المحلية والمؤسسات في الداخل، تأتمر بأمرها وتخضع لاستراتيجيتها، ما كبّل المعارضة في أي خطوة اقتصادية كانت تقدم عليها، الأمر الذي أدى للتوجه إلى الاعتماد على الذات من قبل الأهالي لتجنب الفقر والجوع، واعتماد المجالس المحلية على المنظمات والمنح المالية وهو ما سبب تبعية مفرطة وغير معقولة لها، سببت لها بأزمات ومشاكل في أثناء تأخر وغياب الدعم المالي.
أما المحلل الاقتصادي يونس الكريم، فأرجع السبب إلى افتقاد الخبرات الاقتصادية الحقيقية لدى المعارضة، وعدم وجود اقتصاديين مستعدين للعمل مع مؤسساتها في ظل الفساد والتشتت التي تعاني منه، إضافة إلى رفض هيئاتها السياسية جميع الاقتصاديين ورفض التعامل معهم بسبب استقلاليتهم وعدم تحيزهم لأي جهة، وتوجهها لتوظيف أشخاص غير مختصين لإدارة الملف الاقتصادي.
ووفقًا لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019، التي وضعتها الأمم المتحدة في آذار الماضي، يحتاج 4.17 مليون شخص للمساعدة في حلب وإدلب، منهم 1.92 مليون بحاجة ماسة، مع انخفاض حجم القوى العاملة، نتيجة خسائر الأرواح والإصابات والإعاقات، إلى 51% من مستويات ما قبل عام 2011.
ورصدت الخطة مبلغ 173.6 مليون دولار لحاجات التعافي المبكر ودعم سبل المعيشة لـ8.7 مليون سوري، منهم 2.8 مليون في حلب وإدلب، ولكنها لم تتلقَّ سوى 13.2% من التمويل، حتى 18 من كانون الأول الحالي.