السعودية تستضيف “الرياض 3” لتوسيع “هيئة التفاوض”

  • 2019/12/29
  • 12:00 ص

عنب بلدي – تيم الحاج

تحاول المملكة العربية السعودية العودة إلى المشهد السياسي السوري، من بوابة “هيئة التفاوض” مجددًا، وعبر النسخة الثالثة من مؤتمر الرياض، الذي عُقد في 27 و28 من كانون الأول الحالي، بحضور مجموعة من المستقلين السوريين الذين تمت دعوتهم، بهدف اختيار عدد منهم وضمهم إلى “الهيئة”.

وكانت “الهيئة” انبثقت عن مؤتمر الرياض الذي انعقد في العاصمة السعودية، في كانون الأول 2015، ومهمتها الإشراف المباشر على العملية التفاوضية مع النظام السوري، ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة، التي أنشأت نسخة جديدة لها، في تشرين الثاني 2017.

حصلت عنب بلدي من مصادر خاصة على قائمة تضم 64 اسمًا ممن تمت دعوتهم من قبل الخارجية السعودية لحضور الاجتماع، بينما تم التوافق على ثمانية أسماء لمستقلين، تم ضمهم رسميًا إلى “الهيئة”، بدلًا من المستقلين السابقين.

تحفظات على آلية الدعوة والهدف منها

تحفظ القاضي حسين حمادة، الذي كان أحد المدعوين إلى مؤتمر “الرياض 3” لكنه لم يُسمَّ ضمن الأسماء النهائية، على آلية دعوة عدد من الأسماء، وعلى جدول أعمال الاجتماع، لكنّه أكد لعنب بلدي أنه حضره بغرض “تصويب العمل السياسي”، وفق تعبيره.

رغم ذلك، يرى حمادة أن الاجتماع قد يكون “نواة لعمل وطني يتسع لجميع النخب الوطنية التي تنتمي للمشروع الوطني، وتهدف إلى إنقاذ سوريا والحفاظ على وحدتها واستقلال قرارها الوطني والتأسيس لدولة عصرية خالية من الاستبداد والاحتلال والإرهاب”.

ذلك على المستوى التنظيمي، أما على المستوى السياسي، “فلا يمكن الفصل بين مبادرة السعودية لجمع المستقلين السوريين وبين الصراع السعودي- القطري- التركي”، بحسب المحلل السياسي السوري حسن النيفي.

وأوضح النيفي، الباحث والمتخصص بالشأن السياسي السوري، رأيه بالقول، إن السعودية تدرك أن “الائتلاف السوري المعارض بات هو الأكثر التصاقًا بالقرار التركي، بحكم مقرّه الجغرافي والتمويل الذي يتلقاه من أنقرة، ما يجعل السعودية تفكر جديًا بوضع اليد بالكامل على هيئة التفاوض التي يشكل فيها المستقلون النسبة الأكبر” وفق تعبيره.

وأردف النيفي في حديث لعنب بلدي، “السعودية تريد أن يكون هؤلاء المستقلون تحت قبضتها لتوظيف أصواتهم في توجيه مسار هيئة التفاوض، وليس من المستبعد أن تتيح السعودية لبعض الشخصيات الكردية المنتمية أو المقربة من قسد بأن يكون لهم حضور في هيئة التفاوض، كورقة ضغط أو كإزعاج لتركيا”.

ولفت النيفي، إلى أن مجمل التغييرات التي يمكن أن تطرأ على تركيبة “هيئة التفاوض”، لا تأتي بدواعٍ تقتضيها المصلحة الوطنية بقدر ما هي إجراءات تلبي مصالح الدول الراعية لـ”الهيئة” والموجهة لمسارها، وفق قوله.

مخاوف

أمين سر “اللجنة السورية للمعتقلين” مروان العش، وهو عضو مشارك في اجتماع “الرياض 2” الذي عُقد في نهاية تشرين الثاني 2017، أبدى في حديث لعنب بلدي، مخاوفه من عقد مؤتمر المستقلين السوريين في السعودية.

وقال في هذا الإطار، “لكل دولة سياستها وهذا حقها، أما بالنسبة للثورة السورية فقد تعاملت الخارجية السعودية مع الملف السوري بالمزاجية المحلية تارة وبالإقليمية تارة أخرى، وبالأجرة والوصاية الدولية بشكل أوضح”.

وأردف قائلًا، “من حق السوريين المستقلين تولي أمر هيئة التفاوض ورئاستها ومفاصلها التقنية والإدارية، على علاتها وما جلبته من مصائب”.

رئيس “الهيئة” يعترض على توقيت الاجتماع

أبدى رئيس “هيئة التفاوض”، نصر الحريري، اعتراضه على توقيت الاجتماع، وتحدث خلال مؤتمر صحفي حضره موفد عن عنب بلدي، في 27 من كانون الأول الحالي، عن اعتراضات وصلته تؤكد عدم وجود سند قانوني لعقد مثل ذلك الاجتماع، إضافة إلى أنه كان بحاجة إلى تشاور وتنسيق وانخراط جميع الأطراف السورية.

وأضاف أن الاجتماعات عُقدت بسرعة في الوقت الذي تتجه الأنظار فيه إلى “اللجنة الدستورية” التي لم تحسم المعارضة بعد موضوع مشاركتها في جولتها المقبلة.

وصعّد الحريري من انتقاده للاجتماع الذي قال إنه كرئيس “هيئة تفاوض” لم يُدعَ له، وأضاف أن “استضافة المعارضة تختلف عن صناعة المعارضة، ويجب أن يكون للمعارضة السورية الدور الأبرز في التحضير والترتيب للاجتماعات والدعوة إليها”.

وحثّ الحريري المملكة السعودية على النظر في “مخرج بالحوار الدبلوماسي الهادئ، لتجاوز هذه المسألة”، مشددًا على أن “حماية المعارضة من الانقسام هي بيد الإخوة في المملكة”.

وتابع، “لا يمكننا إلا أن نكون سوريين، وأن مقاربتنا لأي مسألة تنطلق من مدى مواءمة وفائدة هذه الخطوة للثورة ومصالح الشعب السوري”، محذرًا من انقسام المعارضة السورية الذي يهدد عمل “اللجنة الدستورية” ويعطي الحجة للنظام لتعطيل عملها.

مراحل مرّت بها الهيئة

أُسست “هيئة التفاوض” السورية في 10 من كانون الأول 2015، خلال اجتماع عقدته أطراف المعارضة السورية في الرياض.

واتُفق أن تكون تشكيلتها من 32 عضوًا، بينهم تسعة من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، وعشرة من الفصائل المسلحة، وخمسة من “هيئة التنسيق الوطنية”، وثمانية مستقلين، وانتخبت الهيئة بعد تشكيلها رياض حجاب منسقًا عامًا لها، وبات يعرف هذا التشكيل بـ “هيئة التفاوض 1”.

شاركت الهيئة بعد ذلك في مفاوضات “جنيف 3” و”جنيف 4″، واجتماعات “أستانة”، لكن في تشرين الثاني 2017 رفضت المشاركة في مؤتمر “سوتشي” الذي تبنته روسيا، وقالت إنها تعارض مناقشة مستقبل سوريا خارج إطار الأمم المتحدة، ووصفت المؤتمر بأنه يمثل حرفًا لمسار الوساطة التي ترعاها الأمم المتحدة، ومحاولة لإعادة تأهيل النظام السوري.

في 20 من تشرين الثاني 2017 أعلن منسق “الهيئة” رياض حجاب، وعشرة من أعضائها استقالتهم، بينهم الناطق الإعلامي باسم “الهيئة”، رياض نعسان آغا.

وقال حجاب، حينها، إنه وجد نفسه مضطرًا لإعلان الاستقالة من مهمته، وذلك بعد سنتين من العمل للمحافظة على ثوابت الثورة السورية، وأضاف أنه كان ملتزمًا بمبادئ الثورة، ويعمل على تأسيس نظام تعددي دون أن يكون لبشار الأسد ونظامه مكان فيه.

وفي مؤتمر “الرياض 2” الذي عُقد في 22 و23 من تشرين الثاني 2017، اختارت المعارضة السورية أعضاء النسخة الجديدة من “الهيئة” التي عرفت بـ”هيئة التفاوض 2″، وضمت في المجموع 50 عضوًا.

ومن بين هؤلاء عشرة من أعضاء “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، كما ضمّت أيضًا ستة أعضاء من “هيئة التنسيق الوطنية”، وأربعة مما يعرف بـ”منصة القاهرة”، وأربعة آخرين من “منصة موسكو”، كما ضمت عشرة ممثلين للفصائل العسكرية من “الجيش السوري الحر”، بالإضافة إلى ذلك تضم الهيئة 16 من الأعضاء المستقلين.

وتقول “هيئة التفاوض” إنها تعتمد مرجعية تقوم على نقطتين، التمسك بوحدة سوريا، وإقامة نظام يمثل جميع أطياف الشعب لا مكان فيه لبشار الأسد ورموز نظامه، وذلك وفق ما أعلنه المنسق العام الأول لـ”الهيئة”، رياض حجاب، في 5 من كانون الثاني 2016.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي