ما الذي يخفيه 2020 للسوريين

  • 2019/12/29
  • 12:00 ص
منصور العمري

منصور العمري

منصور العمري

يقال إن “الجنون هو أن تفعل ذات الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتيجة مختلفة”، وتُنسب هذه المقولة إلى ألبرت أينشتاين عالم الفيزياء الأشهر في التاريخ. رغم أنه لا يوجد ما يثبت أن أينشتاين هو صاحبها، تشي هذه المقولة بشيء من الحقيقة بشرط إضافة عبارة: “في ظل الظروف ذاتها”، ففعل الشيء ذاته مع تغير الظروف قد يوصل إلى نتيجة مختلفة، لكن إن لم تتغير الظروف حينها تصبح هذه المقولة تعريفًا للجنون أو الجهل أو حتى التواطؤ، كأن تتوسم خيرًا بالانتفاض الشعبي في لبنان أو مصر أو العراق لإحداث تغيير سياسي حقيقي، في ظل الظروف الوطنية والإقليمية والدولية ذاتها.

أما في الحالة السورية فتنطبق هذه المقولة على جهود الأمم المتحدة للحل السياسي في سوريا مثلًا، وأحدثها لجنتها الدستورية، أو توقعات بعض السوريين بغد أفضل في ظل بقاء نظام الأسد، أو انتظار المجتمع الدولي ليُسقط نظام الأسد أو يكفّ يده الدموية عن السوريين. ستستمر الأمم المتحدة بفعل الأمر ذاته ولكن مع تغير الظروف، كأن يسيطر الأسد على ما تبقى من إدلب، وحينها يمكن للمعارضة السياسية أن تقدم مزيدًا من التنازلات، بينما تستمر الأمم المتحدة في تقديم شتى أنواع الدعم لنظام الأسد من تنظيف قمامته إلى تمويل جرائمه.

اعتمادًا على ما حدث في السنوات السابقة، سيستمر النظام في قتل السوريين وتجويعهم وتشريدهم، وسيشهد عام 2020 احتلال الأسد لمزيد من مناطق إدلب، وشنه حملات اعتقال واسعة، واستمراره في قتل المعتقلين، أمام تخاذل دولي عن حماية السوريين من جرائم الأسد.

سنستمر في صراخنا طالبين عون المجتمع الدولي وتحركه، وسيستمر المجتمع الدولي بتجاهل أرواح السوريين وتوسلاتهم، وتقديم الأولوية لملفاته الخاصة، كمحاولة إعادة اللاجئين بشكل رئيس، بينما يستمر الأسد بدعم روسي وإيراني في توسيع احتلاله الدموي للأرض والناس والمقدرات في سوريا. ستستمر الأطراف المسيطرة الأخرى في سوريا باعتقال وتعذيب وقمع السوريين من ناشطين وصحفيين ومعارضين وغيرهم، وتتابع هذه الأطراف، بما فيها نظام الأسد، تقديم التنازلات والارتهان لقوى إقليمية ودولية من أجل بقاء سيطرتها، على حساب السوريين.

كي نمشي في طريق التغيير يجب فهم الحالة السورية ومتغيرات الظرف الإقليمي والدولي، ويجب جرد تحركات السوريين ونشاطهم السياسي والحقوقي على المستوى الوطني ثم الدولي منذ عام 2011، لفرز التوجهات والأفعال التي كانت ذات أثر فعّال وتطويرها، وعدم هدر الوقت والدعم والمال في نشاطات لم تكن ذات فائدة.

كل جماعة أو منظمة تعمل في الشأن العام السوري، وكي تكون أمينة على ما ائتمنها السوريون وذات مصداقية وقبول لديهم، من مسؤوليتها أمام السوريين أن تصدر جردًا سنويًا شفافًا وليس دعائيًا لما حققته خلال العام الفائت ومنذ بدء عملها، وأن يترافق بنقد ذاتي ومعلومات إحصائية، واستراتيجية عمل تفصيلية لعام 2020 وعلى المدى المتوسط على الأقل.

ثم تجب دراسة الظروف والأوضاع عام 2011 التي أوصلت سوريا إلى ما هي عليه اليوم، ومقارنتها بالأوضاع اليوم وفي المستقبل القريب. فدراسة المتغيرات الدولية السياسية ضرورية لفهم أثرها المتوقع على الوضع السوري، وبالتالي محاولة التعامل معها، فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإعادة انتخاب ترامب رئيسًا وحزبه الجمهوري حاكمًا للولايات المتحدة، والمصالحة الخليجية، وغيرها، ستصاحبها تغييرات محتملة في السياسات تجاه الوضع السوري.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي