قبل 19 من كانون الأول الحالي، لم يكن اسم الوزير اللبناني حسان دياب مطروقًا بين اللبنانيين، إلا لدى من يتذكرون أعماله عقب تسلّمه حقيبة التربية والتعليم عام 2011، إذ سمى حينها مدرسة باسم والدته، وأصدر كتاب “إنجازاته” على نفقة الحكومة.
فيما بات اسم الرجل يجري على لسان اللبنانيين، بعد إعلان تكليفه من قبل الرئيس ميشال عون بتشكيل حكومة جديدة، الخميس الماضي، خلفًا لسعد الحريري، الذي أعلن استقالته نهاية شهر تشرين الأول الماضي، على وقع الاحتجاجات الشعبية.
وجاءت تسمية دياب رئيسًا للحكومة، بعد موافقة 69 نائبًا لبنانيًا، حين تلقى دعمًا بارزًا من كتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة لـ “حزب الله” والمؤلفة من 13 نائبًا، بالإضافة إلى الكتلة “القومية الاجتماعية المؤلفة” من ثلاثة نواب، في حين امتنعت كتلة “تيار المستقبل”، المؤلفة من 19 نائبًا عن تزكية دياب.
يعرّف حسان دياب، وهو أستاذ جامعي في هندسة الاتصالات، عن نفسه بأنه عضو في نادي الاختصاصيين، متنصلًا من أي انتماء لأي حزب أو تيار لبناني.
ورفض دياب (60 عامًا) تصنيف العديد من وسائل الإعلام الغربية بينها وكالة “رويترز” و”BBC” له على أنه مرشح عن “حزب الله”، وقال “أؤكد أني صاحب اختصاص ومستقل، وتوجهي أن تكون الحكومة بالفعل حكومة اختصاصيين مستقلين ولم ألتقي بأحد من حزب الله أو حركة أمل منذ شهور”.
يخلو سجل دياب تقريبًا من أي موقف واضح من الثورة السورية أو النظام السوري إن كان سلبًا أو إيجابًا، ولعل هذه الميزة ساعدت بحسب مراقبين، في حصوله على تأييد من “حزب الله” والتيار الشيعي عمومًا.
وبعيد تكليفه، وعد حسان دياب اللبنانيين بإحداث نقلة نوعية، من بينها دعم وجود عدد كبير من السيدات في مجلس الوزراء الذي كلّف بتشكيله، كما توجه للحراك الشعبي المستمر منذ منتصف تشرين الأول الماضي، وأكد على حق اللبنانيين بالتظاهر، مشددَا على وجود نسبة بطالة كبيرة بين الشباب وارتفاع نسبة الفقر في المجتمع.
ذو القامة الطويلة، حسان دياب، ينحدر من بيروت وهو أب لثلاثة أولاد، ويحظى بخبرة أكاديمية طويلة، منذ التحاقه بالجامعة الأمريكية في بيروت في العام 1985، مدرسًا وباحثًا، وصولًا إلى توليه مسؤوليات إدارية آخرها نائب رئيس الجامعة، بخلاف تجربته السياسية التي خاضها على وقع انقسام سياسي كبير بين العامين 2011 و2014.
وتولى دياب، المنتمي إلى الطائفة السنية، مقعده الوزاري في حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، التي حاز فيها “حزب الله”، وحلفاؤه على غالبية المقاعد.
وخلفت هذه الحكومة، حكومة الحريري التي أسقطها حزب الله مطلع العام 2011، بسبب الخلاف حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المكلفة بالنظر في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، في العام 2005، وتمويلها.
وعلى الرغم من سحب الغطاء السني عنه من قبل “تيار المستقبل”، يُصر دياب على أنه لن يعتذر عن تشكيل حكومة في لبنان، البلد الذي يقوم على المحاصصة الطائفية والسياسية، حيث لا يمكن لأي فريق سياسي من لون واحد التفرّد بالحكم، وفق ما أظهرته تجارب سياسية سابقة.
ومع التدهور الاقتصادي المتسارع، فإن مهمة دياب في تشكيل حكومة لن تكون سهلة لجهة إرضاء المتظاهرين اللبنانيين، الذين نشط تكليفه ذاكرتهم وأعادهم إلى اليوم الذي أطلق فيه اسم والدته على إحدى المدارس، حينما كان وزيرًا للتربية والتعليم في حكومة نجيب ميقاتي، الذي لم يعطه صوته قبل أيام، في أثناء قيام الرئيس اللبناني، ميشال عون، بإجراء استشارات نيابية لتسمية دياب.
كما تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تقريرًا تلفزيونيًا عن كتاب أصدره دياب حين كان وزيرًا، يحكي فيه عن إنجازاته خلال ولايته الوزارية، مطبوع على حساب وزارة التربية والتعليم بتكلفة 70 مليون ليرة لبنانية.