إدلب – شادية التعتاع
رنا طفلة أتمت ربيعها العاشر في دار للأيتام بمدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، قدمت من حلب يتيمة الأبوين، بعدما تقاسمت مع أخويها زين (11 عامًا) ونمر (سبعة أعوام) وآلاف من النازحين طريق التهجير القسري من حلب.
الأطفال الثلاثة من بين 185 ألف طفل يتيم يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمالي سوريا، وذلك بحسب ما أفاد به فريق “منسقو استجابة سوريا” عنب بلدي، ضمن إحصائية شاملة لعام 2019.
ويقول مدير “دار المتقين” للأيتام في سرمدا، أحمد يحيى العلي، لعنب بلدي، إنهم تسلموا الطفلة رنا وأخويها لحظة وصولهم بالباصات الخضراء التي كانت تقل المهجرين من حلب، في كانون الأول 2016.
“كان يخيفهم كل شيء… أرهقهم الخوف والصراخ لمجرد سماعهم صوت سيارة، قبل أن نباشر في تقديم الدعم النفسي ودمجهم مع الأطفال”، يضيف العلي.
تؤوي دار “المتقين” الذي استُحدثت عام 2013 قرابة 100 طفل بين ذكور وإناث، تتراوح أعمارهم بين خمسة أشهر إلى 13 عامًا، ورغم توقف الدعم عن المركز من قبل المنظمات، لا تزال التبرعات الفردية من قبل فاعلي الخير مستمرة، بحسب مدير المركز.
عدم الانتظام في وصول المساعدات إلى الأسر والمراكز الراعية للأيتام، كان من كبرى المشكلات التي تهدد الأيتام في مناطق الشمال السوري، بحسب ما قاله مدير “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج.
وأوضح حلاج لعنب بلدي أن المساعدات التي تتلقاها الأسر الراعية للأيتام تكون إما كفالات أو مواد عينية أو مساعدات غذائية، تختلف من منطقة لأخرى، وتتراوح قيمتها بين 50 و100 دولار.
الدعم المقدم حاليًا، بحسب مدير “منسقو الاستجابة”، يغطي فقط 50% من احتياجات الأيتام الموجودين في شمالي سوريا، موضحًا أن قطاع رعاية الأيتام يعاني من نقص نتيجة زيادة أعداد الأيتام وتوقف عمل بعض المنظمات التي كانت معنية بتسلُّم كفالة الأيتام من الأطفال.
وتعد دور الأيتام متسعًا آخر للأطفال مجهولي النسب والمشردين عن أسرهم بسبب الحرب، فبعضهم رضّع لم تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر، جُلبوا إلى دور الأيتام من مخافر الشرطة في المنطقة ومن المشافي.
وبحسب مسؤول التواصل في دار “المتقين” للأيتام، محمد الصياد، فإن كادرًا من المربيات والمربين ذوي التخصص مسؤولون عن رعاية الأطفال الأيتام ومجهولي النسب، يعملون على تأمين مستلزماتهم، وتعليم من هم في عمر أكبر.
ولفت الصياد إلى مخاطر محتملة تهدد الأطفال الأيتام في المنطقة، أبرزها ترك الدراسة والتوجه إلى سوق العمل في سن مبكرة، مشيرًا إلى أن فقدان الأبوين في عمر صغير يجعل الأطفال عرضة للانحراف، ما يوجب تحرك منظمات دولية لتأمين الأطفال وحقوقهم ومستلزماتهم، بحسب تعبيره.