“إلى سما”.. للثورة وجه آخر
من اللحظات الأخيرة في مدينة حلب، وتحديدًا من داخل المشفى الذي يعمل فيه زوجها، تنطلق المشاهد الأولى لفيلم السورية وعد الخطيب، الذي غلّفته بخطاب توثيقي إنساني، موجّه إلى ابنتها، سما.
الدخان يتصاعد بعد سماع صوت القذيفة، ووعد تبحث عن ابنتها، قد يكون هذا أحد أقسى المشاهد في الفيلم، الذي تجنبت مخرجته التركيز على مشاهد الموت والدم فيه، لمصلحة المشاهد الإنسانية، وكيفية تأثير الحرب على العلاقات الشخصية، ومدى تأثير الإيمان بقضايا عامة على الاختيارات والقرارات المصيرية.
يصور الفيلم رحلة وعد بين الدراسة والتطوع في العمل الإغاثي ثم الزواج والإنجاب، في مدينة حلب قبل دخول قوات النظام السوري إليها في عام 2016، من خلال علاقتها بالطبيب حمزة، الذي تحدى الظروف المحيطة به.
تتضمن زاوية الفيلم الرئيسة قصة حب، وتصور حفل الزواج الذي أقيم تحت القصف، ولحظات الولادة، حين تتحدى صرخة الطفل حصار المدينة. هذه العوامل كفيلة بأن تضخ عاطفة تفتقدها الأفلام السورية، رغم أن الفيلم لم يقدم جديدًا على صعيد مشاهد العنف التي تسبب بها النظام السوري بقصفه للمدينة.
الصداقة والعلاقات الاجتماعية تلعب أيضًا دورًا في توضيح زاوية الفيلم الإنسانية، فتحت القصف تتحول كل لحظة يعيشها الناس هناك إلى كنز يعرفون قيمته جيدًا، ويجعلهم، بحسب الفيلم، يحبون مدينتهم أكثر.
لحظات الرحيل الأخيرة، التي تؤكد على الارتباط بالأرض والرغبة في الحياة، صوّرتها المخرجة من خلال زراعة الأشجار في حديقة المنزل، والوعود بالعودة إلى المدينة.
ومع الزاوية الجديدة التي قدمها الفيلم، وقعت وعد الخطيب في مطب عدم الشمولية في توجيه الانتقادات وتحميل المسؤولية فيما حدث داخل حلب، إذ ذكرت أن الفصائل تتصارع للسيطرة على المدينة إلا أن النظام هو من يقتل المدنيين.
تجاهل الفيلم انتهاكات الفصائل المتصارعة في المدينة بحق المدنيين، منها خطف ناشطين وإعلاميين في حلب، وهو ما جعل الفيلم، رغم جميع إيجابياته، منقوصًا.
تقع أحداث “إلى سما” في 95 دقيقة، وهو الفيلم الأول لوعد الخطيب، أنتجته “القناة الرابعة” البريطانية، وأُطلق في 11 من آذار الماضي، وشارك في إخراجه، البريطاني إدوارد واتس.
حاز الفيلم على أربع جوائز في مهرجانات مختلفة، منها جائزة “اودينس اوورد” في مهرجان “SXSW”، وجائزة “غاردن جوري” في مهرجان “شيفيلد” الدولي للأفلام الوثائقية، إلى جانب أربع جوائز في مهرجان “بريطانيا للأفلام المستقلة” وحده، ورُشّح لجائزة “أوسكار”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :