تحت المطر.. مدارس الأطفال في مخيمات إدلب غارقة بالطين
عنب بلدي- ريف إدلب
خمسة وعشرون طفلًا وطفلة على الأرض الرطبة يجلسون وهم يحملون كتبهم الملطخة بالطين، منصتين لأستاذهم الواقف قرب شجرة الزيتون، وهو يشير نحو لوح صغير استند إلى جذعها النحيل.
لم تكن تلك الحصة التي أرادها المعلم سليمان موسى لطلابه الصغار، إلا أن ذلك الحل “الوحيد” الذي تمكن من إيجاده لمتابعة تعليمهم، حسبما قال في حديثه لعنب بلدي، في مخيم “سنجار كهرباء” قرب مدينة سرمدا شمالي إدلب.
الطالب صلاح منذر، تحدث لعنب بلدي عن رياح الشتاء وبردها القارس، وما تسببه أوحال الأمطار من أوساخ وإزعاج، وهو جالس في “صفه”، يرتدي قميصه الصيفي قصير الأكمام.
وفي مخيم “حذيفة بن اليمان” القريب من مخيم “سنجار”، قرب مدينة الدانا، منعت الأوحال وسيول الأمطار الأطفال من التوجه إلى مدرستهم، التي تبعد كيلومترين، رغم مطالبة الأهالي بإقامة شعبتين لأبنائهم ضمن المخيم.
“كان طلابنا مجتهدين وأوائل.. ولكن لم يعد أحد يلتفت لنا”، حسبما قال مدير المخيم، نصر البرجس، لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن المدرسة “البعيدة”، افتقدت حتى للكتب والمنهاج.
مدارس بلا جدران
لجأ سكان العديد من المخيمات لإقامة مدارسهم في العراء، دون أعمدة أو جدران، ليقاوموا نقص الدعم والفقر، الذي بات لصيقًا بخيامهم في إدلب.
ولا تملك “مديرية التربية في إدلب” إحصائية دقيقة عن أعداد المدارس التي انتشرت في المخيمات العشوائية والتجمعات السكانية في إدلب، جراء نقص الدعم المالي الذي يواجهه التعليم منذ بداية العام الدراسي، حسبما قال مدير دائرة الإعلام في المديرية، مصطفى الحاج علي، لعنب بلدي، إلا أنها قدّرتها بأكثر من 60 مدرسة.
أشرفت المديرية، قبل بدء الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري وحليفته روسيا على مناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي منذ شباط الماضي، على 1194 مدرسة في جميع أنحاء المحافظة، ولكن بعد استهداف المدارس ووقوع بعض المناطق تحت سيطرة قوات النظام، ونزوح نحو مليون شخص نحو الشمال، توقفت 350 مدرسة عن العمل.
“تسرب إجباري”
استُهدفت 105 من المدارس المتوقفة بالطيران وقذائف المدفعية والبراميل المتفجرة، واضطرت مجمعات التربية في خان شيخون وكفرنبل ومعرة النعمان وسراقب وأريحا وأجزاء من جسر الشغور لإغلاق مدارسها مع استمرار القصف.
وفي حين كان يتلقى 410 آلاف طالب دروسهم في مدارس المحافظة، لم يتبقَّ منهم سوى 250 ألفًا الآن، ومن المتوقع أن تزيد أعداد المتسربين منهم، بعد انقطاع الدعم من منظمة “كومينكس”، لتتجاوز ثلثي أعداد الطلاب، مع بقاء 150 ألفًا في صفوفهم فقط، بحسب مدير دائرة الإعلام في مديرية تربية إدلب، مصطفى الحاج علي.
وأقامت المديرية مجمع “الدانا والمخيمات”، ليضم المدارس المقامة في سرمدا والدانا وقاح وأطمة والصلبة ودير حسان في ريف إدلب الشمالي، إلا أن المدارس بحاجة “ماسة” للدعم لتأمين المواد اللوجستية من مقاعد وخيام وكتب ورواتب المعلمين، الذين كان مجموعهم عشرة آلاف معلم في المحافظة عانوا من توقف رواتبهم وتابع بعضهم عمله متطوعًا منذ بداية العام.
وأمام تلك المصاعب، يرى الحاج علي أن الوضع التعليمي في ريف إدلب بات “لا يقل مأساوية عن الوضع العسكري والأمني والاجتماعي”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :