إجراءات جديدة لجني الأموال من المتخلفين عن الخدمة العسكرية

  • 2019/12/22
  • 12:00 ص

سحب عدد من شباب الأحياء الشرقية بحلب إلى الخدمة العسكرية (رويترز)

عنب بلدي – تيم الحاج

أقرّ مجلس الشعب في سوريا تعديلًا على إحدى مواد قانون خدمة العلم، يتيح لحكومة النظام القيام بالحجز التنفيذي على أموال وممتلكات المتخلّف عن الخدمة الإلزامية ممن تجاوز سن 42 عامًا.

وجاء في نص تعديل القانون رقم 30 الخاص بخدمة العلم، الذي أقره المجلس بتاريخ في 17 من كانون الأول الحالي، “يحصّل بدل فوات الخدمة المترتب بذمة المكلف عند تجاوزه سن 42 عامًا، وفقًا لقانون جباية الأموال العامة، ويقرر الحجز التنفيذي على أمواله دونما حاجة لإنذاره، ويبقى الحجز الاحتياطي على الأموال العائدة لزوجات وأبناء المكلف، ريثما يتم البت بمصدر هذه الأموال، في حال كانت أموال المكلف غير كافية للتسديد”.

لا يعتبر التعديل في قانون الخدمة الإلزامية جديدًا، فقد طرأت خلال السنوات الماضية على نفس القانون عدة تعديلات، مثل تحديد السن العمر الأعلى والأدنى للتأجيل الدراسي حسب عدد سنوات الدراسة، وتعديلات تتعلق بالبدل النقدي الذي يتيوجب على المكلّف بالخدمة دفعه، وصولًا إلى تعديل الفقرة التي تتعلق بطبيعة الحجز.

بين الاحتياطي والتنفيذي

المحامي حسام سرحان، عضو مجلس إدارة “تجمع المحامين السوريين”، قال في حديث لعنب بلدي، إن النص القديم للقانون الصادر عام 2007، المتعلق بالخدمة الإلزامية وتحديدًا الفقرة (هـ) من المادة 97، كان ينص على إلزام من يتجاوز السن المحددة للتكليف بالخدمة الإلزامية وهي 42 عامًا، بدفع مبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي، وفي حال عدم الدفع يُلقى الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلّف.

بمعنى وهذا يعني أنه في حال عدم الدفع يتم اللجوء إلى القضاء، الذي يضع إشارة الحجز الاحتياطي على ممتلكات وأموال المكلّف، كي لا يتمكن هذا الشخص من التصرف بأمواله، كالبيع أو إجراء أي معاملة على العقارات التي يمتلكها، قبل أداء المبلغ المستحق.

أما التعديل الجديد على القانون، فقد نص على إلزام من يتجاوز سن التكليف بدفع مبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي، وفي حال عدم الدفع يتم الحجز التنفيذي، وذلك بحسب سرحان، يتيح لوزارة المالية عدم إنذار المكلّف بأنه سيتم الحجز على ممتلكاته وبيعها في المزاد العلني، دون اللجوء إلى القضاء.

تعتبر وزارة المالية هي الجهة المخولة بالحجز على أموال المتخلفين، بموجب قانون الجباية العامة في سوريا، وفق المرسوم التشريعي 341 الصادر عام 1956.

ويرى سرحان أن التعديل الذي أقرّه مجلس الشعب “خطير”، لأنه يتضمن اعتداء واضحًا على الملكية الخاصة المنقولة والعقارية، للسوريين المتخلّفين عن الخدمة الإلزامية.

قانونية التعديل

يُعتبر إصدار مثل هذه القوانين أمرًا مخالفًا للقانون والدستور ولا يتناسب مع الحالة الاقتصادية للمواطن السوري، إن كان لمن هم في الداخل أو لمن هم للاجئيون في دول الجوار، أو النازحيون داخليًا إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، وفق ما يراه المحامي حسام سرحان.

ودلّل سرحان على موقفه بالقول، “الدولة كفيلة بحماية حق الملكية الفردية بالنسبة لمواطنيها وهذا حق يكفله الدستور السوري عام 2012، على الرغم من وجود كثير من الملاحظات على شرعية هذا الدستور”.

ووفق ذلك، فإن القانون يعتبر كل الأشخاص النازحين في دول الجوار أو الدول الأوروبية مغتربين، بحسب سرحان.

آليات التطبيق

يستطيع النظام تطبيق القانون الجديد منذ لحظة إقراره في مجلس الشعب، وذلك عبر “العودة إلى الصحيفة العقارية للمكلّف المتخلّف للاطلاع على ملكيته العقارية، وبعد ذلك يتم الحجز من خلال وزير المالية ومدير مالية المحافظة أو المنطقة التي يوجد فيها العقار، ثم يتم عرضه في المزاد العلني”.

وأوضح المحامي حسام سرحان، سرحان أن الممتلكات المحجوز عليها سيتم بيعها دون النظر إلى قيمتها الحقيقية، لأن المهم بالنسبة للنظام، بحسب سرحان، هو تحصيل مبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي، وتحويلها للخزينة أو لميزانية وزارة الدفاع بغض النظر إذا كان الشخص داخل سوريا أو خارجها.

أما بالنسبة لأموال زوجة وأولاد المتخلّف عن الخدمة الذي تجاوز سن 42 عامًا، فأوضح سرحان أنه لا يوجد في تعديل القانون الجديد ما يشير إلى إلقاء الحجز التنفيذي على أموال العائلة، لكن هذا لا يعني أن النظام غير قادر على إصدار لائحة تنفيذية تضاف للتعديل الجديد، تتيح له الحجز على ملكية أملاك الزوجة والأولاد.

حالات

طرحت عنب بلدي على المحامي حسام سرحان، عدة حالات تهم السوريين الموجودين في دول اللجوء ممن قد يشملهم التعديل الجديد في قانون الخدمة الإلزامية، منها الميراث والمعاملات داخل قنصليات النظام.

وأوضح سرحان، أن الملكية تنتقل إلى الورثة بمجرد الوفاة، وفي حال كان أحد الورثة من المتخلّفين عن الخدمة الإلزامية وسنّه 42 عامًا ولم يدفع المبلغ المطلوب، يستطيع النظام إلقاء الحجز التنفيذي على الحصة الإرثية لهذا المكلّف، وبيعها بالمزاد العلني واقتطاع المبلغ المحدد للمخالفين.
كما أن النظام قد يلجأ لمضايقات للمتخلّفين عن الخدمة الذين يشملهم القانون الجديد والذين يعيشون خارج سوريا، فيما إذا اضطروا لمراجعة السفارات والقنصليات السورية لإجراء بعض المعاملات كجوازات السفر والوكالات.

هل من تحركات لوقف القانون؟

في محاولة لمعرفة مدى إمكانية إيقاف القانون، أو تخفيف آثاره على السوريين، سألت عنب بلدي المحامي ومدير “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية”، أنور البني، الذي كان له دور فاعل في إصدار مذكرات التوقيف الألمانية والفرنسية، بحق عدد من رموز النظام السوري، كان آخرها مطلع تشرين الثاني 2018.

البني أوضح أن النظام لديه القدرة القانونية عبر القضاء والمحاكم، على تطبيق قانون الخدمة الإلزامية وتعديلاته الجديدة، وحول ما إذا كانت هناك تحركات سيقومون بها مع المنظمات الأوروبية لوقف تطبيق هذا القانون، قال “لن يكون هناك أثر لأن المجتمع الدولي عديم التأثير على النظام”.
ليس لدى البني أمل كبير بتقليل أضرار القانون أو إلغائه، بينما يتوقع المحامي حسام سرحان أن تلحق بهذا القانون قوانين أخرى للتضييق على السوريين، “فمن يقصف الأطفال والنساء ويدمر المدن، ليس لا غريب يُستغرَب منه أن يضايقالتضييق على اللاجئين”، وفق تعبيره.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا