عنب بلدي – يامن المغربي
يخرج نقيب الفنانين السوريين، الممثل زهير رمضان، بتصريحاته على الشاشات، ويصدر قرارات تثير حفيظة الفنانين، الموالين والمعارضين، وحتى الرماديين، وهو ما يفتح بينه وبينهم باب السجالات، وأحدثها تصريحات الممثل بسام كوسا حول النقابة، لموقع “ET بالعربي” في 12 من كانون الأول
الحالي، التي اعتبر فيها أن النقابة “تحولت إلى مزرعة”.
الجدل حول النقابة ليس جديدًا، وبحسب فنانين التقتهم عنب بلدي، لم تقم النقابة يومًا بدورها الأساسي، وهو حمايتهم وتحصيل حقوقهم وحل مشاكلهم في الوسط الفني، بل لعبت دور “فرع أمني” بدل ذلك.
الخلاف بين زهير رمضان والفنانين ليس جديدًا، فالنقيب أصدر قرارات بفصل عشرات الفنانين السوريين من النقابة، وهاجم الفنانين المعارضين ممن “دعموا الإرهاب”، على حد تعبيره، ودعا آخرين للعودة إلى سوريا.
وقال رمضان في تصريحات لقناة “الجديد” اللبنانية، في عام 2015، إنه “حاسب الناس بناء على أقوالهم في المقابلات الصحفية، التي دعوا من خلالها القوى الغربية لمهاجمة سوريا، وهاجموا رموز السيادة”، معتبرًا أن القرار لم يصدر منه شخصيًا، بل من النقابة، وأن المفصولين دعوا إلى سفك الدم السوري.
هذه الجدالات والقرارات دفعت الممثل باسل خياط لإطلاق تصريح هاجم من خلاله النقابة وعملها، ضمن برنامج “أكلناها”، الذي قدمه الممثل باسم ياخور، عبر قناة “لنا”.
وقال باسل خياط إن فصله من النقابة لم يكن بناء على عدم دفعه الاشتراكات المترتبة عليه، بل بسبب تصريحات نسبت له دون دليل، معتبرًا أن الاشتراكات الشهرية للنقابة تحتاج إلى إعادة جدولة، ومن حق الفنان معرفة ما الذي يدفعه وماذا سيحصل بالمقابل من النقابة.
ما دور النقابة؟
يتمحور دور نقابة الفنانين الأساسي في الدفاع عن الفنانين وحماية مصالحهم أمام أرباب العمل والمحافل القضائية، وتنظيم واجباتهم تجاه النقابة، بحسب ما قاله الممثل والمخرج بسام قطيفان، لعنب بلدي، الذي فصل من النقابة في عام 2015، إلى جانب عشرات الفنانين السوريين.
وقال بسام قطيفان إن النقابة “من المفترض” أن تكون مستقلة وغير تابعة لأي جهة حكومية أو حزبية، إلا أن واقع النقابة في سوريا مختلف كليًا عن دورها الحقيقي.
ويرى الممثل جهاد عبيد، في حديث إلى عنب بلدي، أن العمل النقابي بالجوهر هو عمل نضالي مطلبي صدامي مثابر وحثيث ودائم للعمل على تأمين مستحقات أكثر، وحقوق جديدة، وتحصيل ظروف عمل أفضل لأعضاء النقابة، بالضغط على الإدارات السياسية الحاكمة، وبالتالي فإن مهمة النقابة حماية أصحاب المهنة وصيانة حقوقهم على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحماية هذه المهنة من الانحدار نحو السطحية والاستهلاك والواسطة والمحسوبيات والتشوّه والتوظيف السيئ.
وتتساءل الممثلة عزة البحرة، ماذا قدمت النقابة حتى للفنانين الموالين، الجالسين بلا عمل في ظل أزمة الإنتاج في سوريا؟
نقابة أم فرع أمن
تتوجه الاتهامات نحو نقيب الفنانين، زهير رمضان، والنقابة، بأنها تحولت إلى فرع أمن تابع للمخابرات السورية، بحسب ما قالته الممثلة عزة البحرة، في حديث إلى عنب بلدي، معتبرة أنها باتت من دون أي دور حقيقي سوى جباية الضرائب من الفنانين، وعقد اتفاقيات مع شركات الإنتاج لحماية العقود الوهمية التي تقدمها الشركات، وحصولها على ضرائب أقل، في مقابل تأمين أدوار لممثلين بعينهم.
رغم أن النقابة، بحسب البحرة، غير ملزمة بتأمين فرص عمل، وجل ما تقدمه هو رواتب تقاعدية لأعضائها بعد تقديمهم طلب التقاعد.
الممثلة هزار الحرك وصفت دور النقابة تجاه حماية الفنانين السوريين بالقاصر، مذكرة بالفنان المعتقل منذ عام 2012 زكي كورديللو، الذي لم تحرك النقابة ساكنًا تجاه السؤال والدفاع عنه وعن ابنه مهيار كورديللو.
واعتبرت هزار الحرك أن النقابة تحولت إلى أداة قمع وطعن وعقاب تجاه الفنانين المعارضين، أو الفنانين الذين لم يثبتوا ولاءهم لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، في حين يرى بسام قطيفان أن كل فرع مخابرات في سوريا لديه مندوب أو أكثر في النقابة.
وترى الممثلة عزة البحرة أن النقابة تحولت إلى “منبر” لمهاجمة الفنانين المعارضين، كما فعل زهير رمضان.
“أبو جودت” النقابة
بالتزامن مع الحديث عن دور النقابة، يبرز الدور الذي يلعبه رئيسها، زهير رمضان، المعروف بدور “أبو جودت” في “باب الحارة” وهو ضابط مرتهن للفرنسيين، في مهاجمة الفنانين وخدمة النظام السوري.
وصول زهير رمضان إلى رئاسة النقابة أثار الكثير من إشارات الاستفهام، مع تحكمه بمفاصل النقابة، ويعتبر الممثل جهاد عبيد أن في داخل زهير رمضان ضابطًا عسكريًا شاءت الظروف أن درس المسرح، وهو إداري جيد لكن بمقاييس إدارة المؤسسات الثقافية السورية، فسبق له أن ترأس أكثر من منصب إداري ونجح فيه.
ويرى عبيد أن العامل الثاني الحاسم، بحسب تعبيره، أن رمضان “بعثي موالٍ إلى حدود التشبيح”، وهو لا يُخفي ذلك، بالإضافة إلى كونه مقربًا من رئيس النظام السوري.
“إنه ابن هذه السلطة، مطلق اليد، وهذه المعطيات مجتمعة بالتأكيد تمنحه حضورًا كبيرًا خصوصًا في هذه الظروف، وتؤمّن له إمكانية كبيرة للإمساك والتحكم بكل مفاصل نقابة الفنانين”، بحسب ما يراه عبيد.
ويشير عبيد إلى أن عمل النقابة في نهاية الأمر لا يتعلق بالقدرات الفنية لرئيسها، بل بقدرته على العمل الإداري، وهو ما يتفق معه أيضًا المخرج بسام قطيفان، الذي يرى أن رمضان هو “الأفضل إداريًا بسبب ارتباطاته مع الأجهزة الأمنية”.
لمَ كل هذا الجدل
يثار الجدل حول النقابة ودورها بشكل دوري، إلا أن اللافت هو تزايد الأصوات التي تهاجم النقابة، سواء من الفنانين الذين لم يعرف لهم موقف سياسي فيما يخص الوضع السوري، أو الفنانين الذي اتخذوا مواقف حادة في الدفاع عن النظام السوري.
ولا ترى الممثلة عزة البحرة أن هناك طائلًا من الهجوم على النقابة، فالنقابة برأيها جزء من النظام القائم، وظرفها هو جزء من ظرف سوريا الإشكالي، والفنان نفسه لا فرق بينه وبين أي مواطن يعاني من الوضع الاقتصادي وسوء الخدمات.
ويختلف رأي الممثلة هزار الحرك، التي ترى أن الثورة السورية، حتى لو لم تنتصر بشكل مباشر، إلا أنها استطاعت إحداث التغيير في وعي الناس، وكسرت لديهم حاجز الخوف، وبالتالي اختلف وعي الفنانين ولو بشكل طفيف تجاه حقوقهم، حتى لو لم يقفوا مع ثورة مواطنيهم.
هذه الجدالات التي وصلت إلى منابر الإعلام بين النقيب والفنانين، وعلى رأسهم الممثل بسام كوسا، اعتبرها المخرج بسام قطيفان أنها تأتي على خلفية “تشدد قيادة النقابة” في “الفرمانات والتصريحات” تجاه الفنانين، في كل مناسبة، وهذا ما يدفع الفنانين للرد عليه عبر وسائل الإعلام.
أموال دون استثمار
تعدّ نقابة الفنانين إحدى أغنى النقابات في سوريا، نتيجة الضرائب التي تفرضها على الفنانين، بمن فيهم المطربون ممن يغنون في المطاعم.
ويبرز السؤال في ظل شكاوى الفنانين المتعددة من تجاهل النقابة لهم: لمَ لم تستثمر النقابة هذه الأموال لإنشاء مشاريع استثمارية، وتدخل دورة الإنتاج في أثناء طفرته منذ منتصف التسعينيات، وهو ما من شأنه رفع السوية الإنتاجية والفنية في سوريا؟
يرى بسام قطيفان أن النقابة من المفروض أن تكون أحد المسهمين في ” تنظيم” حقوق الفنانين وليس في نوعية عملهم، ولكن في حال كانت لديها القدرة المالية على إنجاز أعمال فنية مثلاً، فيجب أن تكون في هذه الحالة مجرد جهة منتجة، مثلها مثل أي شركة إنتاج، وهذا ما قد يوقعها في أخطاء كثيرة.
ويرى جهاد عبيد أن النقابة لا تلعب دورًا في الشق الإبداعي، ويقتصر عملها على جباية الأموال لصناديقها الرئيسة، لأن العمل المؤسساتي في كل سوريا بيروقراطي مليء بالتجاوزات القانونية وعنوانه الفساد المالي والإداري.
في حين أشارت الممثلة عزة البحرة، إلى أن النقيب السابق، المطرب صباح فخري، حاول فعلًا استثمار أموال النقابة لإقامة مشاريع استثمارية لمصلحة النقابة، دون أن ينجح في ذلك.