“تعبئة” السيارات.. شبح يطارد أصحاب المركبات في حمص

  • 2019/12/22
  • 12:26 م

مجمع سيتي سنتر وسط مدينة حمص - 24 من كانون الأول 2019 (عنب بلدي)

ريف حمص – عروة المنذر

كواحدة من أدوات الاستعداد للحرب، أصدر رئيس النظام السوري في آب 2011، أي في وقت مبكر من عمر الثورة، المرسوم التشريعي رقم 104، القاضي بـ”وضع جميع موارد البلاد البشرية والمادية في خدمة المجهود الحربي وفقًا لمقتضيات مصلحة البلاد”.

وفق المرسوم، عمدت حواجز النظام المنتشرة في مناطق سيطرته بين عامي 2011 و2017 إلى مصادرة بعض مركبات نقل البضائع بدعوى التعبئة لمصلحة القطع العسكرية في جيش النظام أو الأفرع الأمنية، ما جعل العمل على أي مركبة أمرًا يبعث على القلق والخوف من المصادرة أو الفقدان في أي لحظة.

وفي فترة اتفاقيات خفض التصعيد وسيطرة النظام على غوطة دمشق ودرعا وريف حمص تغيرت المعادلة، إذ أصبحت مصادرة المركبات الآلية تُفرض بشكل منظم على أصحاب “السرافيس” ومركبات النقل المتوسطة والكبيرة.

فقد على أمل الاسترجاع

تعتبر مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي صاحبة أكبر أسطول مركبات نقل كبيرة الحجم (شحن) قبل بدء الثورة، وبعدها فقد أبناء المدينة عددًا كبيرًا من مركباتهم، إما حرقًا في أثناء مداهمات قوات النظام للمدينة عام 2012، أو تدميرًا بفعل القصف الجوي من الطائرات الحربية على المدينة.

أبو كامل من مدينة الرستن، صاحب مغسل للسيارات، كان يدير مكتبًا لشحن البضائع في مرفأ طرطوس ويمتلك حينها ثماني سيارات شحن نوع “سكانيا”.

داهمت قوات الأمن مكتبه نهاية عام 2012، وصادرت السيارات التي كان يمتلكها وأدخلتها في التعبئة  لخدمة قوات النظام، واعتقلته.

يقول أبو كامل لعنب بلدي (طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية)، إنه بعد سنة ونصف من الاعتقال والخروج من المعتقل لم يتمكن من استرجاع أي مركبة من مركباته، لكنه شاهد عناصر من قوات النظام في “الفرقة 11″، تستخدمها في نقل الذخيرة.

ويضيف، “على الرغم من أن ضباطًا رفيعي المستوى في قوات النظام تدخلوا لمساعدتي، لم أحصل على نتيجة”، إذ أصبحت السيارات تحت تصرف القوات العسكرية حتى انتهاء مدة المهمات التي تنفذها، ويأمل باسترجاعها من خلال “تسوية حقيقية لما تعيشه البلاد”.

دور التعبئة

بعد فرض التعبئة، ركن عدد كبير من السوريين سيارات النقل الخاصة بهم في مستودعات أو في مزارع ريف حمص الشمالي، وبعد سيطرة قوات النظام على المنطقة بموجب اتفاق “المصالحة” بدأ بعض من أصحاب السيارات بصيانتها والعودة إلى العمل من جديد، لكن شبح التعبئة لا يزال يطاردهم، الأمر الذي دفع عددًا من أصحاب السيارات في ريف حمص الشمالي لتشكيل لجنة، والذهاب إلى فرع حزب “البعث” في حمص، للتنسيق معه بخصوص التعبئة.

أبو سمير، أحد أعضاء الوفد، والذي طلب عدم نشر اسمه الحقيقي لأسباب أمنية، روى لمراسل عنب بلدي مجريات اللقاء مع أمين فرع حمص لحزب “البعث”، قائلًا إن اللقاء خلُص إلى فرض التعبئة بالتتالي على مركبات المنطقة، حيث تخرج المركبة إلى التعبئة مع سائقها إلى حين انتهاء مهمتها، وبعد انتهاء المهمة تخرج المركبة التي تليها، وبالتالي يُمنح أصحاب المركبات التي لم تخرج إلى التعبئة مساحة من الحرية للعمل.

لـ”السرافيس” حصة من التعبئة

لم تقتصر التعبئة على مركبات الشحن فقط، فمع عودة سائقي “السرافيس” للعمل بعد اتفاق “المصالحة” بدأت قوات النظام بتسخيرها في مهمات التعبئة بشكل عشوائي، ما خلق مشكلة حقيقية في عملية نقل الركاب من مركز محافظة حمص إلى الأرياف.

نتيجة ذلك، بدأ بعض سائقي “السرافيس” في ريف حمص التنسيق مع الأفرع الأمنية في عملية تنظيم دور التعبئة المفروض على جميع “سرافيس” الخط.

يقول عبد الرزاق، أحد السائقين الذين يعملون على خط حمص- تلبيسة، لعنب بلدي، إنه خلال عملية المصادرة العشوائية لـ”السرافيس” لتسخيرها في خدمة قوات النظام، صودر 13 “سرفيس” من مجموع 16، ما خلق مشكلة حقيقية في نقل الركاب.

ويضيف عبد الرزاق أن خطوط “السرفيس” قُسمت بحسب الأفرع الأمنية، فخط حمص- الرستن يُعبأ لمصلحة المخابرات الجوية في حمص، أما “السرافيس” التي تعمل على خط حمص- تلبيسة فتُعبأ لمصلحة فرع الأمن العسكري، ويُعبأ “السرفيس” الواحد لمصلحة الفرع المخصص له لمدة ثلاثة أيام.

وعلى الرغم من أن الاتفاق يطبق بشكل كامل تقريبًا، إلا أن الأفرع الأمنية رفضت تحمل أي أضرار قد يتعرض لها “السرفيس” خلال عملية التعبئة، كما رفضت قيادة صاحب “السرفيس” له، بل يسلمه للفرع ويعود لتسلُّمه بعد ثلاثة أيام.

وبحسب “أبو خليل”، الذي يعمل على خط حمص- الرستن، فإن فرض التعبئة على “السرافيس” دفع عددًا كبيرًا من أصحابها لبيعها، ما خفض عددها من 56 “سرفيس” إلى 22، مشيرًا إلى أن “السرفيس” سيتعرض إلى أضرار وسرقة خلال التعبئة ولن تتحمل الأفرع الأمنية أي خسائر.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية