مرت تجربة الجيش الحر السوري بعقباتٍ كثيرة ومشاكل حقيقية لايمكن لأحد تجاهلها، كان أهمها تضخم العمل العسكري بشكل لايناسب الواقع، بل انعكس على المدن والمدنيين ليكون عبئًا عليهم، ومشكلةً تواجه أمنهم واستقرارهم النسبي. ظن الكثيرون من القائمين على قيادة الجيش الحر (من العسكريين والمدنيين) أن زيادة أعداد المسلحين سوف يؤدي لحالةٍ يمكن فيها الزحف على حصون النظام الأمنية والعسكرية لتحريرها. ولكن مالم يكن في الحسبان هو تلك المشاكل التي صاحبت هذا التضخم الكبير. رأينا صدامات كبيرة بين الكتائب والمجموعات سببها شهوة السلطة، وعدم وضوح في الهدف، وإساءات كبيرة بحق المدنيين (سلب أملاك وسيارات وبيوت وحالات قتل). كل هذا جعل الجيش الحر يفقد حاضنته الشعبية في كثير من المدن السورية، وفي أفضل الحالات أن يكون وجوده أقل ضررًا من وجود مليشات الموت التابعة للنظام.
فإذا ما أردنا للجيش الحر أن يتجاوز أخطاءه ويحسّن من أدائه، فعليه أولًا أن يقوم (بتسريح) كل عنصر لم يتجاوز سن خدمة العلم، وأن يعيده إلى بيته، فقد شاهدنا هؤلاء الشباب الصغار عند الاقتحامات، كيف يحتمون بأمهاتهم وبأسرهم خوفًا من الموت والاعتقال. كما يجب على الشبان الغير مطلوبين للجهات الأمنية أن يعودوا وينضموا من جديد للحراك المدني السلمي، وأن يخدموا ثورتهم من ذاك الموقع، أو أن يكونوا في خط ثانٍ أو ثالثٍ حسب الضرورة. وأخيرًا لابد من وجود ضباط يقودون المجلس العسكري والعمليات المنفذة، وهؤلاء يتبعون سياسيًا لمجلس المدينة الثوري، فلا يحق لهم توريط المدنيين في حرب لايريدونها. وقد يكون عملهم منحصرًا في تنفيذ عمليات نوعية وضرب خطوط الإمداد على الطرق الدولية، وبسط نوع من الأمن في الأماكن التي يتواجدون فيها، ويبقى تحرير المدن خطًا أحمر دومًا في ظل الظروف الحالية.
زيادة عدد الشباب المنتسب إلى صفوف الجيش الحر يعني زيادة العبء على الأهالي، فهؤلاء يحتاجون لمساكن ينامون فيها، ولطعام يصلهم إلى أماكنهم، كما أن عملية فرارهم أو انسحابهم تصبح شبه مستحيلة، وأخيرًا طريقة ضبطهم والسيطرة عليهم تصبح معقدة في ظل الواقع الأمني وعدم توفر العدد الكافي من الضباط العسكريين.