حمص – عروة المنذر
يهدد انتشار مرض الجدري المعدي قطاع تربية الأبقار في ريف حمص، ويؤدي إلى نفوق أبقار في المنطقة، وسط تجاهل مديريات الزراعة مطالب المربين بتقديم المساعدة.
بدأ انتشار الوباء قبل ثلاثة أشهر، ويعرف بجدري “التهاب الجلد الكتيل”، وتسبب بنفوق ثلاثة آلاف رأس، بحسب ما قاله رئيس دائرة الصحة الحيوانية في مديرية الزراعة فالح عبد الصمد، لصحيفة “الوطن” المحلية، في 5 من كانون الأول الحالي.
وأوضح عبد الصمد أن منطقة حوض العاصي تضم نحو 60 ألف رأس بقر، أصيب نحو 50% منها، وتم تحصين جميع الأبقار فيها بلقاح جدري الأغنام نظرًا للتشابه الكبير بين العترة المسببة لجدري الأغنام والعترة المسببة لـ”التهاب الجلد الكتيل” عند الأبقار، بنسبة 98% تقريبًا.
وتعد تربية المواشي لا سيما الأبقار مصدر الدخل الرئيس لكثير من السكان في ريف حمص الشمالي والغربي، لما تحققه من دخل مقبول ولتوفر المقومات المطلوبة من مراعي ومصادر الأعلاف وسوق لتصريف المنتجات.
“التهاب الجلد الكتيل” (الجدري) عند الأبقار، هو مرض فيروسي جلدي معدٍ ينتقل بشكل أساسي عن طريق لدغ الذباب والبعوض، بحسب مدير زراعة حمص، محمد نزيه الرفاعي.
ويتسبب الوباء بخسائر اقتصادية كبيرة تشمل اللحم والحليب، إذ يتسبب بانخفاض كبير في وزن الحيوان المصاب، وانعدام إنتاج الحليب، وقد يتسبب بالإجهاض في بعض حالات الأبقار المعشرة. |
توجه لتربية المواشي
وشهدت تربية المواشي رواجًا أكبر بعد عام 2011، عقب فصل عدد كبير من موظفي المنطقة من مؤسسات الدولة وفقدانهم مصادر دخلهم.
كما أن دعم المنظمات غير الربحية، في أثناء سيطرة المعارضة على المنطقة (حتى أيار 2018)، كان له أثر كبير في ترسيخ العمل في هذا القطاع، بما قدمته من أعلاف ورؤوس ماشية وطبابة شبه مجانية ورعاية مستمرة للمواشي وخاصة الأبقار.
وباء يدفع المربين للبيع
رغم خطورة الموقف، لم تقدم وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي دعمًا للمربين، ما اضطرهم إلى الاعتماد على الأطباء البيطريين أصحاب العيادات الخاصة.
خالد، طبيب بيطري من منطقة الحولة، قال لعنب بلدي إن الظاهرة خطر حقيقي على الأبقار، خاصة في منطقة تل الشور، التي وصلت نسبة الإصابة فيها إلى أكثر من 70%، ونفق فيها عدد كبير من رؤوس البقر.
وأوضح الطبيب البيطري أن “التهاب الجلد الكتيل” (الجدري) مرض فيروسي يصيب الأبقار وينتقل عن طريق البعوض، مؤكدًا أن عدم إعطاء اللقاحات اللازمة في موعدها المحدد من قبل الإرشاديات الزراعية، أدى إلى تفاقم الحالة وتحولها إلى وباء يفتك بقطعان البقر.
يملك “أبو العبد” قطيع أبقار في قرية غرناطة بريف حمص، وأصيبت إحداها بمرض الجدري، ورغم متابعة الطبيب البيطري لوضعها نفقت بسبب المرض، ما اضطره إلى بيع بقية الأبقار للقصابين خوفًا من إصابتها أيضًا.
“ظهر المرض فجأة، ولم نتصور أن تصل الأوضاع إلى ما هي عليه الآن”، أضاف “أبو العبد”، متحدثًا عن خسارته لمصدر رزقه الوحيد.
واضطر كثير من المربين لبيع أبقارهم، على غرار ما فعله “أبو العبد”، خوفًا من الإصابة ولغياب جهود حقيقية لمكافحة الوباء بشكل جدي.
ناصر، مربي أبقار بريف حمص، اضطر لبيع الأبقار التي يملكها بعد أن نفقت إحدى الأبقار لدى جاره بسبب الجدري، وقال لعنب بلدي، “في الحقيقة لا يوجد من يدرك حجم الكارثة التي تهدد الأبقار، أو أن الجهات المعنية تدرك وغير مكترثة”.