يستمر التصعيد بين الدول المهتمة بالتنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط (تركيا، مصر، ليبيا، اليونان)، عقب توقيع تركيا اتفاقية رسم مناطق النفوذ بين تركيا وليبيا، في 27 من تشرين الثاني الماضي.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدًا لافتًا بين اليونان وتركيا، رغم لقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وقال رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن هناك “مصاعب” تعترض العلاقات بين اليونان وتركيا، في أثناء اجتماع زعماء حلف “الناتو” في العاصمة البريطانية لندن، في 5 من كانون الأول الحالي.
وأعلن قائد البحرية في الجيش الليبي، فرج مهدوي، التابع لقوات الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، أن لديه أوامر “باستهداف” أي سفينة تركية تقترب من سواحل ليبيا.
كما أكد “اعتراضه الشديد” على توقيع الاتفاقية بين ليبيا وتركيا، وذلك في لقاء مع محطة “ألفا اليونانية” أمس، الأربعاء 11 من كانون الأول.
ولم تقتصر تصريحات مهدوي على التلفزيون اليوناني، بل نشر عبر حسابه في “فيس بوك”، في 8 من كانون الأول الحالي، منشورًا باللغة اليونانية، قال فيه، “سنستعيد العاصمة، وندمر أحلام الأتراك”، بحسب تعبيره.
في عام 2013، وقعت مصر وقبرص اتفاقية تنص على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهو ما مكّن مصر من البحث عن مصادر للغاز في مياه المتوسط، وعثرت على حقل “ظهر” الذي تبلغ طاقته الاستيعابية ما يقارب ثلاثة مليار متر مكعب يوميًا، بحسب ما صرح به وزير البترول المصري، طارق الملا.
وفي العام 2016 أسست كل من اليونان وقبرص وإسرائيل، هيئة أسمتها “هيئة ثلاثية للدفع بالمصالح المشتركة”، التقت عدة مرات في عاصمة قبرص الشمالية، نيقوسيا.
وكان من أهداف هذه الهيئة التوصل لاتفاقات في مجالات الأمن وعمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، وسبل نقله إلى أوروبا، خاصة مع توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل من جهة، واليونان وقبرص اليونانية من جهة أخرى.
تصعيد لافت من السيسي
بدوره قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء 11 من كانون الأول، ضمن “منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في إفريقيا”، إن مصر “تحارب الإرهاب نيابة عن العالم على حدودها الغربية مع ليبيا”.
وأضاف أنه لا يمكن “للجماعات الإرهابية” أن تمتلك القدرة على أفعالها دون دعم قوي من الدول الداعمة، دون أن يذكر أسماء هذه الدول بشكل صريح، واعدًا بحل جذري للقضية الليبية خلال أشهر.
وتتهم القاهرة أنقرة بدعم حكومة الوفاق الليبية التي تسيطر على العاصمة طرابلس، والمعترف بها دوليًا، وهو أمر لم تخفه أنقرة عبر توقيعها اتفاقيات عسكرية مع حكومة الوفاق.
من جهته قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن أنقرة “ستمنع القيام” بأي أنشطة في الجرف القاري التركي دون موافقتها، مبديًا استعداد بلاده للجلوس على طاولة المفاوضات مع أثينا لحل الخلافات بين البلدين.
وأكد جاويش أوغلو أن أنقرة “ستفعل ما يمثل مصالحها الوطنية وحقوقها السيادية”، بحسب تعبيره.
وقال أردوغان، في مقابلة تلفزيونية مع التلفزيون الحكومي التركي “TRT“، الثلاثاء الماضي، إن بلاده على استعداد لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا في حال طلبت الحكومة الليبية منها ذلك.
وبدأت اتفاقية رسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، في 5 من كانون الأول الحالي، على أن يتم الإعلان عن تفاصيلها بداية العام المقبل 2020، بحسب ما نشرته وكالة “الأناضول” التركية، في 9 من كانون الأول الحالي.
الوطن الأزرق.. الحلم التركي
تسعى تركيا عبر خطة “الوطن الأزرق” للتوسع في المياه البحرية المحيطة بها، ويقصد بـ “الوطن الأزرق” (Mavi Vatan) المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري والمياه الإقليمية المحيطة بتركيا، التي تتيح حرية استخدام جميع الموارد البحرية الموجودة فيها.
وتعادل مساحة “الوطن الأزرق” نصف المساحة البرية لتركيا، بحسب ما ذكره قائد الأسطول التركي المتقاعد، جيم غردينيز، لموقع “Aydınlık” التركي في عام 2013.
ومنذ بداية العام الحالي، تصاعد الحديث عن ضرورة حماية المياه الإقليمية لتركيا، في مواجهة مشاريع استثمارية يونانية ومصرية في مياه المتوسط.
ومؤخرًا، توصلت تركيا إلى اتفاق مع حكومة الوفاق الليبية، لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في 27 من تشرين الثاني الماضي، الأمر الذي رأى فيه الأتراك استعادة للسيادة البحرية الكاملة ومواجهة للتهديدات اليونانية والمصرية.
–