عباس النوري.. “عكيد” تقلبات السياسة والدراما
يعد الممثل السوري عباس النوري، إحدى أكثر الشخصيات الفنية التي أحدثت جدلًا في الأوساط الفنية منذ العام 2011، سواءً بتصريحاته السياسية أو آرائه التاريخية أو أعماله الفنية.
ولد عباس النوري في 8 من كانون الأول من عام 1952، في حي القيمرية في العاصمة السورية، دمشق.
خلال دراسته في قسم التاريخ، تعرف النوري إلى المسرح بشكل أدق، وعمل في تلك المرحلة مع مخرجين أكاديميين، وكانت أهم مسرحية عمل بها هي “رسول من قرية تميرة للبحث عن قضية الحرب والسلم” للكاتب المصري محمود دياب.
انطلق من الجامعة إلى التلفزيون في أواخر السبعينيات بعد قدوم المخرج والممثل سليم صبري للجامعة، حيث اختاره لكي يحيي معه سهرة تلفزيونية بعنوان “سمر”، ومن هنا انطلق عباس النوري نحو الدراما التلفزيونية وحقق فيها نجاحات كبيرة، بالتزامن مع علاقته بالسياسة.
مواقف سياسية
علاقة عباس النوري مع السياسة بدأت مبكرًا، منذ أن بلغ من العمر 14 عامًا، عندما خرج باتجاه ساحة النجمة وسط دمشق، ليشهد على إطلاق النار في الشوارع، والدبابات التي نفذت انقلاب عام 1966، وهو الانقلاب الثاني الذي نفذه حزب البعث، بعد انقلابه الأول عام 1963.
وقال النوري في تصريحات صحفية لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، في عام 2009، إنه اعتُقل للمرة الأولى من قبل “الشرطة المدنية” لعدة ساعات.
مع وصوله لسن الشباب، التحق النوري بـ “منظمة التحرير الفلسطينية”، ليسجن ثانية، قبل أن يصل إلى قناعة أن كل النضالات “تنتهي ويحسم أمرها مع أول كأس عرق في جلسة مسائية” بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن حركات التحرر العربي “حملت شعارات كثيرة، ومع كل شعار 100 دورية مخابرات”.
مع انطلاق الثورة السورية في عام 2011، انقسم الفنانون السوريون إلى ثلاثة أقسام، قسم دعم النظام السوري مباشرة، وقسم عارضه، وقسم ثالث فضل الصمت، ولم يعرف موقف واضح لعباس النوري، لكنه استمر في العمل في إنتاجات محلية.
انتقل النوري وأسرته إلى بيروت، وعاش تجربة الانتقال بين العاصمتين السورية واللبنانية، حتى شهد عام 2013 تصريحات جديدة هاجم فيها رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وقال حينها، “إن الأب الذي لا يستمع إلى أولاده هو فاشل”، معتبرًا أن الثورة حدثت حتى يستطيع الناس التعبير عن أنفسهم، بحسب ما نقلته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية.
واعتبر النوري أن النظام السوري هو نظام عسكري بطبيعته ولا يملك “ثقافة أن الناس لديهم رأيهم أيضًا”، وأن “النظام لم يصدق أنه من الممكن انتقاده فأطلق النار على الثقافة والناس”.
وأشار النوري في لقائه مع الصحيفة الأمريكية، إلى أن سوريا “عاشت كذبة كبيرة، وما يحصل فيها عبارة عن انفجار”.
“صلاح الدين كذبة”
أثار عباس النوري الجدل بعد أن انتقد شخصية صلاح الدين الأيوبي حين وصفه بـ “الكذبة الكبيرة”، وأنه هو من أعاد اليهود إلى فلسطين ولم يحررها من الصليبيين، في اللقاء الإذاعي عبر برنامج “المختار”.
تصدر النوري وسائل التواصل الاجتماعي التي أشعلتها تصريحاته، ما دفعه لكتابة منشور عبر “فيس بوك” أوضح فيه ما جاء على لسانه، نهاية تشرين الثاني من عام 2018
وكتب النوري، “جاء كلامي في معرض الضرورة اللازمة والوطنية لإعادة بناء الكثير من المفاهيم التي تربينا ونشأ وعينا وشخصياتنا الوطنية عليها، ومنها مفاهيم جاءت من التاريخ الإسلامي والعربي عمومًا ولا يجوز اقتطاع وبتر جزء على حساب الكل على طريقة (ولا تقربوا الصلاة…) دون تتمة”.
وأشار النوري في منشوره إلى مجموعة من المراجع التي اعتمد عليها في إطلاق أحكامه على شخصية صلاح الدين، وأنه أيضًا فوجئ بما قرأه في تلك المراجع.
الأعمال الدرامية
حقق النوري نجاحات واسعة في الدراما السورية، فقصة “شوارب محمود الفوال”، الذي مثل شخصيته في مسلسل “أيام شامية”، لا تزال تذكر في أوساط السوريين حتى اليوم.
نجاح النوري في أعمال البيئة الشامية لم يتوقف على شخصية “أبو عصام” التي قدمها عبر عدة أجزاء في مسلسل “باب الحارة”، فكتب مسلسلات “أولاد القيمرية” بجزأيه الأول والثاني، ومسلسل “طالع الفضة”.
شارك النوري منذ السبعينيات في أكثر من 100 عمل فني، بين التمثيل والإخراج والتأليف، في السينما والتلفزيون.
أخرج النوري أفلام “الخطيبة” و”ذاكرة صعبة” و”مشروع أم”، و”ما بتخلص حكاياتنا”، بينما يعمل على إنتاج مسلسل “زعلي طول أنا وياك”، وهو من إخراجه أيضًا، ومن المفترض أن يعرض في العام المقبل.
وعلى الرغم من عشرات الأعمال التي شارك فيها النوري، شكلت ثلاث مسلسلات لعب دور البطولة فيها، تحولات كبيرة في مسيرته الفنية، وعرضت هذه المسلسلات بين عامي 2006 و2008.
المسلسل الأول هو “باب الحارة”، وما صاحبه من شد وجذب بينه وبين المخرج بسام الملا وشركة الإنتاج، بعد ان أعلن عام 2009 تخليه عن الدور، ليعود إليه في 2014.
العمل الثاني هو “الاجتياح”، الذي تم إنتاجه في عام 2007، ولعب فيه دور “أبو جندل”، وهو قائد فلسطيني يقود مجموعة من المقاومين، في أثناء اجتياح مدينة جنين الفلسطينية، وحصل العمل على جائزة “إيمي” العالمية.
العمل الثالث هو “ليس سرابًا”، الذي جسد فيه دور الكاتب “جلال”، وهو صحفي وكاتب درامي مسلم، يقع في حب شابة مسيحية، ويسلط المسلسل الضوء على عدة نقاط شائكة في المجتمع السوري.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :