يُناقش وزراء التعليم في الولايات الألمانية الاستعانة بالكفاءات التعليمية والمهنية بين اللاجئين، لمواجهة نقص آلاف المدرّسين في قطاع التعليم.
وخلال اجتماعاتهم التي بدأت أمس، الخميس 5 من كانون الأول، وتستمر اليوم، يُجري وزراء التعليم في الولايات الألمانية مشاورات حول كيفية معالجة نقص المعلمين في ألمانيا، مستندين في نقاشاتهم إلى إحصائية حكومية حول العدد المطلوب تعيينه من المعلمين، والنقص المتوقع في أعدادهم حتى عام 2030.
وأظهرت إحصائية أجرتها “رابطة المعلمين في ألمانيا” وجود نحو 15 ألف وظيفة ستبقى شاغرة خلال العام الدراسي الحالي.
ولمواجهة هذا العجز اقترح “الحزب الديمقراطي الحر” في ألمانيا الاستعانة بالمعلمين اللاجئين، معتزمًا تقديم مقترح بهذا الشأن إلى البرلمان.
ويتمثل المقترح بتأمين الحكومة الألمانية الاتحادية وحكومات الولايات دورات جامعية مدتها عام للاجئين الحاصلين على شهادات تربوية، لمساعدتهم في تحقيق الشروط المطلوبة للعمل بالخدمة المدرسية، مؤكدًا على ضرورة أن يستمر هذا التمويل لمدة ثلاث سنوات.
وبحسب بيانات “الهيئة الألمانية للهجرة واللاجئين”، يُقدر عدد المعلمين بين اللاجئين بنحو 5000 معلم، قدموا إلى البلاد منذ عام 2014، لم يتم توظيف سوى 250 شخصًا منهم حتى الآن في المدارس العامة والحرفية، وفقًا لـ “وكالة التشغيل الألمانية”.
من جانبه انتقد “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” في ولاية شمال الراين- ويستفاليا، عدم استفادة الحكومة مما أسماه “المصادر القيمة” للمعلمين اللاجئين.
واعتبرت نائبة رئيس كتلة الحزب في البرلمان، إيفا ماريا فويغت كوبرس، أنه “لا يمكن التسامح مع عدم الاستفادة من إمكانيات المعلمين اللاجئين في وقت تُلغى الدروس في بعض المدارس بسبب نقص المعلمين”.
ولفت مسؤولو الحزب إلى أن الأماكن التي تقدمها الجامعات ضمن برنامج تأهيل اللاجئين محدودة، فعلى سبيل المثال لا يوجد في جامعة “بوخوم” سوى 25 مقعدًا لتأهيل المعلمين اللاجئين ضمن هذا البرنامج.
وكانت وزيرة التعليم في ولاية شمال الراين- ويستفاليا، يفونه غيباور، أعلنت في نيسان الماضي، عن نيتها فتح الولاية المجال أمام المعلمين اللاجئين القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي للمشاركة في إجراءات الحصول على مؤهلات التدريس الكاملة، التي تقتصر على المعلمين القادمين من دول الاتحاد، لافتة إلى أنها تدرك منذ البداية إمكانيات المعلمين الذين لجؤوا إلى ألمانيا.
وأشارت الوزيرة الألمانية إلى أن جامعتي “بيليفيلد” و”بوخوم”، تقدمان برنامجًا خاصًا لتأهيل المعلمين اللاجئين، مدته عام واحد، ويتضمن دورة مكثفة في اللغة الألمانية، إلى جانب تأهيل تربوي وثقافي، يعطي المتدربين لمحة عامة عن نظام المدارس في الولاية.
كما لفتت إلى أنه يمكن الاستفادة من المعلمين اللاجئين القادمين من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي في تقديم الدروس التي تُدرّس بلغاتهم الأم، حتى قبل الاعتراف بمؤهلاتهم بشكل كامل.
خبرات “مذهلة” بين اللاجئين
وكان مدير “معهد برلين لدراسات الهجرة والاندماج”، هربرت بروكر، وصف نسبة اللاجئين الذين يمتلكون خبرة مهنية بالـ “مذهلة”، مشيرًا إلى أن المهن التي يتخصصون بها تتناسب مع ما يطلبه أرباب العمل في السوق الألماني.
وفي لقاء أجرته معه صحفية “تاغس شبيغل” ونقله موقع “دويتشه فيله”، في تموز الماضي، قال بروكر، إن “25% من اللاجئين يحملون شهادات جامعية أو شهادات تأهيل مهني، ورغم ذلك فإن 74% من الرجال و37% من النساء لديهم خبرة مهنية، تصل في المتوسط إلى عشر سنوات، وهذا أمر مذهل”.
وأضاف بروكر أن المذهل هو ليس فقط مقدار الخبرة المهنية التي يمتلكونها، بل نوعية هذه الخبرة التي تشبه إلى حد كبير ما يطلبه أرباب العمل الألمان.
وأشار الخبير الألماني إلى أن ثلثي اللاجئين في بلاده يمتلكون خبرة مهنية، ومنهم 20% خبراء مختصون، لافتًا إلى أن هذا يعادل نسبة خريجي الجامعات وخبراء التأهيل المهني في ألمانيا.
وأوضح أن هذه النسب تتوافق إلى حد كبير مع هيكلية سوق العمل الألماني، مؤكدًا حاجة ألمانيا إلى 400 ألف مهاجر سنويًا من أجل تعويض نقص الأيدي العاملة في البلاد.
واستقبلت ألمانيا، منذ عام 2015، ما يزيد على مليون لاجئ ومهاجر، معظمهم فروا من النزاعات الدائرة في بلدهم، خاصة من سوريا والعراق وأفغانستان.
واستجابة لأزمة اللاجئين، طرحت الحكومة الألمانية قانونًا جديدًا، عام 2016، لدمج اللاجئين على أراضيها في سوق العمل، أعطتهم من خلاله نفس الأولوية في حال تقدموا إلى وظيفة مع الألمان، بعد أن كان قانون العمل الألماني يعطي أولوية للمواطنين الألمان.
–