معلمون متطوعون بلا رواتب في مدارس إدلب

  • 2019/12/01
  • 10:55 ص

معلم في إحدى مدارس ريف إدلب - 2019 (عنب بلدي)

عنب بلدي – إدلب

يواجه قطاع التعليم في الشمال السوري وتحديدًا في مدينة إدلب وريفها تحديات كثيرة بعد انقطاع الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي وتوقف منحة التعليم، وأبرز هذه التحديات، صعوبة استمرار المعلمين في العملية التعليمية، فانقطاع الرواتب والأجور سبب أزمة مادية عند المدرّسين الذين يمارسون مهنتهم لتأمين لقمة العيش.

توقف الرواتب كان سببًا عند كثيرين للتخلي تمامًا عن وظائفهم والبحث عن أعمال أخرى لتدبر شؤون الحياة، فقد اضطر عبد الوهاب مخزوم، وهو مدرّس نازح من ريف حلب إلى خان شيخون، إلى ترك مهنة التدريس مرتين، الأولى بعد أن فصله النظام عام 2014 “لالتحاقه بصفوف الثورة السورية”، والثانية بعد أن طلبت منه “مديرية التربية الحرة” التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” في إدلب التدريس دون راتب في بداية العام الدراسي الحالي، “بحجة أن المنظمة الداعمة ليس بمقدورها دفع رواتب مدرّسي مادة التربية البدنية”.

عرضت إدارة المدرسة على عبد الوهاب وزملائه العمل كمدرّسي صف خاص، لكنهم أعلموا التربية أنهم ليسوا على اطلاع بالمناهج فكان الجواب الذي وصفه عبد الوهاب لعنب بلدي بـ “الصادم”، “أن المدرسين يهمهم الراتب فقط ولا يهمهم إن سارت العملية التعليمية كما يجب أو لا”.

رفض عبد الوهاب عرض التربية لأنه درس التربية البدنية بناءً على رغبة منه وعمل فيها ما يقارب عشر سنوات، وفتح محلًا لبيع المحروقات “ليكسب رزقه ورزق أطفاله”، كما قال لعنب بلدي.

رواتب وأجور رمزية

حال المدرّس عبد الوهاب كحال كثير من المدرسين في مدينة إدلب وريفها، تركوا مهنة التدريس بعد انقطاع الرواتب، وانطلقوا للبحث عن مهن أخرى ضمن الخيارات المحدودة المتاحة أمامهم.

افتتح عمر الأسمر، مدرّس اللغة الإنجليزية والمحاضر السابق في جامعة إدلب الحرة، معهدًا لتعليم اللغة الإنجليزية في مدينة بنش بعد أن عمل في مدرسة “لم تكفل تربية إدلب مدرسيها”، تقاضى وزملاءه خلال فترة عمله راتبًا رمزيًا يعادل 50 دولارًا أمريكيًا، من تبرعات أصحاب الأموال والتجار في المنطقة.

في حديثه لعنب بلدي، قال عمر إن الراتب الذي كان يتقاضاه غير ثابت، وما دفعه إلى الاستمرار في التدريس دون أجر سنة كاملة وجود المعهد كمصدر آخر للدخل.

ونوه عمر إلى أنه كخريج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة حلب، يستطيع إيجاد فرصة عمل أخرى في المنظمات على سبيل المثال، لكن إيجاد عمل آخر لخريجي الفروع الأخرى سيكون أمرًا صعبًا.

 طلاب متطوعون بدل الخريجين

منذ بداية الثورة تناقصت أعداد المدرسين من حملة الشهادات الجامعية في إدلب وريفها لأسباب أهمها المعارك واللجوء، وأصبح انقطاع دعم الاتحاد الأوروبي الذي كانت توصله منظمة “كيمونكس”، والذي كان يغطي 65% من رواتب المعلمين السبب الأبرز الآن لتناقص أعدادهم.

وكان للمنظمات الإغاثية وغيرها من المنظمات دور كبير في تفريغ المدارس من المدرّسين الخريجين، لأنها صارت تعلن أنها بحاجة لأصحاب الشهادات الجامعية للعمل ضمن صفوفها مقابل رواتب عالية قد تصل في بعض الأحيان إلى ألف دولار أمريكي، ما أغرى كثيرًا من المعلمين لترك وظائفهم الأساسية والالتحاق بهذه المنظمات، بحسب إبراهيم مصري، أحد المدرّسين المتطوعين الذين يعملون بمدرسة في بنش.

كانت بداية إبراهيم مصري في مجال التعليم قبل التخرج بعد أن عرض عليه مدير المدرسة التي يعمل فيها التدريس نظرًا لقلة المدرّسين “الخريجين”.

قَبِل إبراهيم، الطالب في كلية الشريعة والعلوم الإسلامية في جامعة حلب الحرة في سنته الثالثة، التدريس في نفس التخصص الذي يدرسه في الجامعة، محاولة منه لترسيخ معلوماته، و”لئلا يحرم الطلاب من التعليم”، بحسب تعبيره.

على أمل تلقي الدعم

على الرغم من جميع التحديات والعقبات التي تواجه المعلمين فإن بعضهم اختار الاستمرار بالتعليم “لأن الطلاب لا ذنب لهم في كل ما يجري”، هكذا وصف المعلم منهل أبو الحسن، خريج اللغة العربية والمقيم في مدينة جسر الشغور، لعنب بلدي، دافعه في الاستمرار بتعليم طلابه دون تقاضي أي أجر.

يقول منهل لعنب بلدي إنه يأمل تلقي الدعم من المنظمات الأخرى، مع استمرار بحثه عن عمل آخر يعينه على غلاء المعيشة وازدياد العقبات على جميع المستويات.

مقالات متعلقة

تعليم

المزيد من تعليم