نتائج وخيمة قد تهدد حياة المريض.. ما هو التهاب المرارة
د. أكرم خولاني
تصاب المرارة بالعديد من الأمراض التي تؤثر على وظيفتها، كالالتهاب والحصيات والخراج والسرطان وغيرها، ولعل التهاب المرارة أحد أشيَع هذه الأمراض، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج وخيمة قد تهدد حياة المريض في حال لم يتم علاجه، لذلك فإننا سنعرف بأسباب وأعراض هذا المرض إضافة لطرق تشخيصه وعلاجه.
ما المقصود بالتهاب المرارة؟
المرارة عبارة عن كيس صغير، له شكل الإجاصة، طوله حوالي 10 سم، موجود في الجزء العلوي الأيمن من البطن تحت الكبد مباشرة، يخزن في داخله عصارة الصفراء التي ينتجها الكبد، والتي تساعد على هضم الدهون، وعند الأكل تتقلص المرارة فينتقل سائل الصفراء من كيس المرارة إلى الأمعاء الدقيقة، وهناك يساعد سائل الصفراء على تحليل الطعام المهضوم.
والتهاب المرارة Cholecystitis هو اضطراب يصيب المرارة يسبب خللًا في مرور العصارة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة، ما يؤدي إلى انسداد القناة الصفراوية و تجمع العصارة فتنفتخ المرارة وتبدأ بالالتهاب، ما يزيد من انتفاخها، كذلك تفرز المرارة مواد تهيج الالتهاب وتزيده. بسبب الانسداد والالتهاب يضعف نسيج المرارة، ما يدفع الجراثيم الموجودة في المرارة والأمعاء إلى استغلال الفرصة للتكاثر في المرارة وبدورها تؤدي إلى التهاب آخر، ونتيجة جميع هذه التغيرات يحصل التهاب المرارة الذي يؤدي للأعراض.
غالبًا ما يصيب التهاب المرارة كبار السن، وهو يحتاج إلى العلاج الفوري بالسوائل والمسكنات بالإضافة إلى المعالجة الجراحية في كثير من الأحيان، وفي حال التأخر عن العلاج قد تحدث مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض كتموت أنسجة المرارة (غرغرينا) أو تمزقها.
وقد يكون التهاب المرارة حادًا أو مزمنًا:
- التهاب المرارة الحاد: تلوث حاد مصحوب بالتهاب مفاجئ في المرارة، يسبب آلامًا حادة في منطقة البطن، والغثيان، والقيء، وارتفاع درجة حرارة الجسم.
- التهاب المرارة المزمن: تلوث مزمن ومستمر في المرارة، يكون مصحوبًا بألم معتدل في البطن أو قد لا يكون مصحوبًا بأي أعراض، ونتيجة للتركيز المرتفع من الأملاح المتراكمة في المرارة يحدث تندب وتصلب بجدرانها وهذا يضر بمرونة المرارة وقدرتها على تخزين سائل الصفراء.
ما أسباب التهاب المرارة؟
يمكن أن يحدث التهاب المرارة بسبب ما يلي:
- حصيات المرارة: في معظم الأحيان تكون هي السبب بالتهاب المرارة حيث تسد الحصى المرارية القناة الصفراوية الذي تتدفق خلالها الصفراء وهذا يؤدي لتراكم الصفراء وركودها، ما يجعلها بيئة خصبة لتكاثر أنواع من الجراثيم وحصول عدوى ثانوية سببها جراثيم معوية وبشكل خاص الإشريشيا القولونية، ويصبح بعد ذلك جدار المرارة ملتهبًا، ما يزيد من احتمال تشكل الحصيات المرارية من الجنس الأنثوي (إذ إن الحصى تتكون أكثر لدى النساء). ومن أسبابها: السمنة والوزن الزائد، والكوليسترول المرتفع، والحمل، والتاريخ العائلي لحصى المرارة، والتقدم بالسن، وبعض الأدوية، والأمراض المزمنة كتشمع الكبد وداء كرون.
- الورم: قد يمنع الورم تصريف الصفراء من المرارة على نحو صحيح، ما يسبب تراكم الصفراء الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب المرارة.
- انسداد القناة الصفراوية: يمكن أن تسبب التواءات القنوات الصفراوية أو تندبها انسدادًا يؤدي إلى التهاب المرارة.
- العدوى: يمكن أن يثير مرض الإيدز وبعض حالات العدوى الفيروسية التهابًا في المرارة.
- مشاكل الأوعية الدموية: يمكن أن يسبب مرض بالغ الشدة ضررًا للأوعية الدموية ويقلل تدفق الدم إلى المرارة، ما يؤدي إلى التهابها.
ما أعراض التهاب المرارة؟
يظهر التهاب المرارة كألم في الربع العلوي الأيمن من البطن، عادة ما يكون هذا الألم شديدًا وثابتًا، يشعر به المريض بعد حوالي ساعة من تناول الأطعمة الدهنية مثل الحلويات والفطائر والمقالي ويستمر حوالي 15 دقيقة، وقد يستمر طوال النهار، ويمتد الألم إلى الكتف الأيمن أو إلى الظهر.
ويترافق الألم مع ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم، الإسهال، الغثيان، عسر الهضم، التقيؤ، فقدان الشهية، زيادة دقات القلب.
وفي الحالات الشديدة قد يحدث اصفرار العينين والجلد (يرقان).
كيف يشخص التهاب المرارة؟
يعتمد الطبيب بشكل رئيس على الأعراض المرضية والفحص السريري، ثم يتم تأكيد التشخيص من خلال تحليل الدم والتصوير بالموجات فوق الصوتية والطبقي المحوري.
- الأعراض: ارتفاع في درجة الحرارة، وعادة تكون درجة منخفضة في الحالات غير المعقدة أو المتقدمة، ألم في الربع العلوي الأيمن من البطن، وجود ألم تحت الكتف الأيمن.
- بالفحص السريري: إيجابية علامة مورفي، ويتم تحريها بأن يستلقي المريض على ظهره ويطلب منه الطبيب الفاحص أن يتنفس بعمق، وعند الشهيق يضغط الطبيب بيده أسفل الأضلاع في الجهة اليمنى حيث المرارة، فإذا شعر المريض بألم شديد أجبره على قطع الشهيق فهذا يدل على التهاب المرارة.
- تحليل الدم: ارتفاع في معدلات وظائف الكبد والبيليروبين مع ارتفاع في عدد خلايا الدم البيضاء، وأحيانًا ارتفاع البروتين المؤشر لوجود مرض مزمن، ولكن في الحالات المزمنة يتكيف الجسم مع الالتهاب ويعيد النسب إلى طبيعتها.
- تصوير الأمواج فوق الصوتية (الإيكو): يظهر مدى انتفاخ المرارة وتجمع السوائل نتيجة الالتهاب حول المرارة أو في مجراها، ومدى تسمك جدارها.
كيف يتم علاج التهاب المرارة؟
- يتطلب علاج التهاب المرارة عادة الإقامة في المشفى، وفي المشفى تتضمن العلاجات ما يلي:
- الصوم: يمنع تناول الطعام أو الشراب في البداية لتخفيف إجهاد المرارة الملتهبة.
- السوائل الوريدية: لمنع الإصابة بالجفاف نتيجة الصوم.
- المضادات الحيوية: لمكافحة العدوى الجرثومية، وتوصف عند وجود ارتفاع بتعداد كريات الدم البيضاء أو ارتفاع الحرارة فوق 38.5 مئوية أو وجود علامات شعاعية لنقص تروية في المرارة (مثل هواء في المرارة أو غشائها)، كما توصف بشكل روتيني لمرضى السكري ونقص المناعة وكبار السن.
- المُسكنات: يمكنها أن تساعد في السيطرة على الألم حتى يخف الالتهاب في المرارة، كمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو المسكنات المورفينية.
- في حال وجود حصيات سادة للقنوات الصفراوية يتم إجراء ما يسمى تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية بالمنظار بالطريق الراجع (ERCP) لإزالة أي حصوات سادة.
بكل تأكيد إن العلاج الأمثل لهذه الحالة هو استئصال المرارة باستخدام المنظار، وقد يضطر الجراح إلى تحويل مسار العملية إلى عملية مفتوحة، وما إن تتم إزالة المرارة حتى تتدفق الصفراء مباشرة من الكبد إلى داخل الأمعاء الدقيقة، بدلًا من أن يتم تخزينها في المرارة.
ما المضاعفات المحتملة لالتهاب المرارة؟
إذا تم ترك التهاب المرارة من دون علاج فغالبًا ستنحسر أعراض الالتهاب خلال 7-10 أيام، على الرغم من أن المضاعفات شائعة الحدوث خصوصًا إذا كان الشخص يعاني من أمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري وأمراض الكلى، لهذا فإن أي مريض يجب أن يتعالج لمنع حدوث تلك المضاعفات، وتشمل المضاعفات المحتملة:
- غرغرينا، تحدث في حوالي 20% من الحالات، وهي الأكثر شيوعًا، وخصوصًا لدى كبار السن أو المرضى الذين يعانون من السكري أو الذين يتأخرون في علاج أنفسهم من التهاب المرارة.
- ثقب المرارة، تحدث عادة بعد ظهور الغرغرينا، و تكون موضعية لتسبب تقرحات حول المرارة، و من النادر أن يمتد الانثقاب الى الصفاق ليسبب التهاب الصفاق.
- ناسور مراري معوي، هذا ينتج من انثقاب المرارة مباشرة في العفج أو الصائم.
- حصوة العلوص، مرور حصوات المرارة خلال الناسور المراري المعوي قد يؤدي إلى تطوير انسداد الأمعاء الميكانيكي.
- التهاب المرارة النفاخي، تنتج بسبب التهاب ثانوي لغشاء المرارة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :